رأي ومقالات

منار عبد الفتاح .. اثيوبيا تعلن عن تحويل مسار مجرى النيل الازرق


اثار إعلان الحكومة الإثيوبية تحويل مجرى النيل الأزرق مرة اخرى لتمر المياه للمرة الأولى عبر سد النهضة بعد الانتهاء من إنشاء أول أربعة مداخل للمياه وتركيب مولدين للكهرباء ، ردود أفعال غاضبة على الساحة السياسية المصرية ، بينما اكد وزير الموارد المائية والري المصري ان هذا الاجراء طبيعي.
ويأتي إعلان إثيوبيا عن هذه الخطوة قبيل ساعات من بدء المفاوضات الحاسمة لوزراء الخارجية والمياه في السودان، تأكيدا للثوابت الإثيوبية في عدم التراجع نهائيا عن استكمال الإنشاءات في موقع السد.
واستضافت العاصمة السودانية الخرطوم امس الجولة الثانية من الاجتماع «السداسي» لوزراء الخارجية والمياه في الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن سد النهضة، والذي استمر إلى اليوم ، وذلك لاستكمال المشاورات والمباحثات حول النقاط الخلافية العالقة في المسار الفني، وكذلك الشواغل المصرية التي تم طرحها بالجولة الأولى للسداسي وتأكيد أهمية وضرورة الالتزام ببنود اتفاق المبادئ التي وقعها رؤساء الدول الثلاث.
وقال الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري المصري، «إن تحويل إثيوبيا لمسار نهر النيل الأزرق صوب سد النهضة إجراء طبيعي وهو بمثابة إعادة المياه لمجراها السابق، ولا يعني أبدا من الناحية الفنية تخزين أي كميات مياه أمام السد «، وأضاف «إن الخطوة الإثيوبية ليست لها علاقة بالاجتماع السداسي الذي يحضره وزراء الخارجية والري لدول مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبي».
وأضاف وزير الري، المتواجد في العاصمة السودانية الخرطوم، في بيان للوزارة «أن نهر النيل عاد إلى مجراه الأصلي، الذي كان قد سبق تحويله مؤقتا في ايار/مايو 2013 بموقع سد النهضة الإثيوبي لتعود مياه النهر لمسارها الطبيعي مروراً من خلال الأنفاق السفلية الأربعة للسد، لاستكمال رحلة المياه الطبيعية في النيل الأزرق».
وأكد مغازي، أن هناك مستوى عالياً من الثقة المتبادلة بين الدول الثلاث فيما يتعلق بملف سد النهضة الإثيوبي تم مع اتفاق إعلان مالابو واتفاق المبادئ الذي وقعه زعماء الدول الثلاث في الخرطوم، فضلاً عن اللقاءات الرئاسية التي أسهمت بقدر كبير في تقوية العلاقات والثقة بين حكومات الدول الثلاث، للتغلب على الخلاف، وسيكون لها عظيم الأثر في الخروج من الاجتماعات السداسية بالخرطوم بنتائج وتوصيات تلبي طموحات الدول الثلاث.
وأضاف «أن جلسات الجولة الثانية من الاجتماع السداسي في الخرطوم وما ستُسفر عنه الاجتماعات المشتركة للمسارين السياسي والفني من المباحثات، ستكون خطوة مهمة في مسيرة ملف المفاوضات، كما ستعد معبراً لخطوات أخرى من الجهود الثلاثية المشتركة بين الدول الثلاث، للتغلب على جميع الصعاب التي تواجه المفاوضات.
وطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اجتماعه مع وزيري الخارجية سامح شكري، والموارد المائية حسام مغازي، بأهمية التوصل إلى تفاهم مشترك بين الدول الثلاث في ملف سد النهضة بما يحفظ حقوق هذه الدول وشعوبها في التنمية والحياة، وفقاً لإعلان المبادئ التي تم التوقيع عليه في الخرطوم في آذار/مارس الماضي.
وقال الدكتور مساعد عبد العاطي أستاذ القانون الدولي في جامعة حلوان، خلال كلمته في ندوة بمركز القانون الدولي، «إن تغيير اثيوبيا لملامح سد النهضة يفيد في الموقف القانوني المصري حيال تلك الأزمة، مشيرا إلى أن الجانب الأثيوبي عدل السعة التخزينية للسد عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني لتصل إلى 74 مليار متر مكعب استغلالا للظروف التي تمر بها مصر في ذلك الوقت، مشددا على أنه كان يجب على المفاوض المصري أن يضع السعة التخزينية للسد ضمن على طاولة المفاوضات».
وأشار إلى أن بناء سد النهضة والسدود الأثيوبية على نهر النيل نكاية في مصر، موضحا أن هناك دراسات أمريكية أجريت في أثيوبيا في الستينيات تناولت إنشاء ما بين 20 إلى 25 سدا على نهر النيل من أجل وقف وتحجيم الدور المصري في أفريقيا.
وقال أحمد المفتي، مستشار وزارة الموارد المائية والكهرباء السودانية السابق، وعضو اللجنة الدولية لتقييم دراسات سد النهضة، «إن إثيوبيا لم تخبر مصر أو السودان بنيتها تشييد سد النهضة، ورغم العلاقات الجيدة لأديس أبابا مع الحكومة السودانية إلا أن السودان فوجىء مثل مصر بالإعلان عن السد».وأضاف أن البرلمان الأثيوبي أيضا لم يعلم بموعد وضع حجر الأساس، وفوجىء الرأي العام في الدول الثلاث بزيناوي يضع حجر الأساس في موقع السد في إقليم بني شنقول الذي يعد إحدى مقاطعات السودان التي تم الاستغناء عنها وفقاً لإتفاقية 1902، مقابل عدم إقامة أي من السدود في المنطقة.
وحمل المهندس محمد صلاح زايد رئيس حزب النصر الصوفي، وزير الموارد المائية والري الدكتور حسام مغازي، ما آلت إليه الأوضاع بخصوص مشكلة سد النهضة وضياع حصة مصر من المياه، والتي يقرها القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بين دول حوض النيل.
وطالب زايد، بضرورة الإسراع في تحويل ملف سد النهضة لمحكمة العدل الدولية، التي سبق لها أن قضت عام 1989 أن اتفاقيات المياه شأنها شأن الاتفاقيات على الحدود. ولفت إلى أن مصر تواجه في جلباب إثيوبيا دولا كثيرة تدعم بناء السد بهدف محاصرة مصر وإضعافها اقتصاديا وتجويعها.
وأوضح أن الأضرار من بناء السد كارثية فهي ستؤثر على مليوني مزارع وتفقد مصر من 25 إلى 40% من إنتاجها من الكهرباء، وكان الأولى أن يدرك وزير الري سوء النية عندما رفض الجانب الإثيوبي وقف البناء حتى انتهاء المفاوضات ورفض التمويل المصري للسد وهو أيضا دليل على سوء النية، وليس لدى مصر أي مانع في الاستمرار في المفاوضات الودية مقابل وقف البناء.وأكد أن التمسك بوقف البناء مقابل الاستمرار في المفاوضات، يجب أن يكون على رأس متطلبات مصر، وإلا فالحل في اللجوء لمحكمة العدل الدولية.
وقال تامر جمعة القائم بأعمال رئيس حزب الدستور، «إن إشكالية سد النهضة تمثل قضية أمن قومي لمصر، والمياه هي قضية الحياة، وأن المساس بها هو مساس بحياة المصريين، وإذا كان نهر النيل هو مصدر المياه الشعب المصري فتهديد هذا المصدر تهديد لشريان الحياة لهذا الشعب».
وأكد «أن ما حدث خلال الفترة السابقة من المفاوضات المصرية مع الدول الأفريقية إنما يؤكد غياب دور مصر وفشل تأثيرها في القارة الأفريقية، مشيرا إلى أنه لزاما على الدولة المصرية الآن، أن تشكل لجنة تتولى مهمة هذا الملف تتكون من متخصصين في القانون ومتخصصين في مجال الري وخبراء في مجال التفاوض الدولي وعدم الاعتماد على حسن النوايا بين الأطراف المختلفة حتى لا نصل إلى هذا المأزق الذي يعتبر كارثة بكل المقاييس، لا يجب المماطلة فيه من خلال مفاوضات لا طائل منها تستغلها اثيوبيا في استكمال بناء سد النهضة».
وطالب بوقف أعمال بناء سد النهضة لحين الانتهاء من عقد الاتفاقيات اللازمة التي تضمن حق مصر في حصة مياه نهر النيل وإلزام اثيوبيا في ذلك.
وكانت إثيوبيا قد حولت ، السبت 26 ديسمبر/كانون الأول، مجرى النيل ليمر عبر سد النهضة للمرة الأولى، وذلك بعد الانتهاء من إنشاء أول 4 مداخل للمياه وتركيب مولدين للكهرباء.
يذكر أن مصر والسودان وإثيوبيا قد وقعوا في آذار/مارس الماضي وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في الخرطوم، تعني ضمنيا الموافقة على استكمال إجراءات بناء السد مع إقامة دراسات فنية لحماية الحصص المائية.
منار عبد الفتاح

القدس العربي