مقالات متنوعة

محجوب عروة : التسامح السوداني


قال شاعر سوداني يعظم التسامح والتصافي في السودان: (إذا احتربت يوماً فسالت دماؤها تذكرت القربى فسالت دموعها).. من أعظم الإيجابيات في سوداننا الحبيب ظاهرة التسامح فرغم أننا شهدنا كثيراً من المواجهات السياسية والعسكرية العنيفة في معظم الأنظمة السياسية التي مرت على البلاد وصلت لحد الإعدامات الا أنه في المقابل يحكي كثيراً عن درجة من التسامح والرجولة رغم الاختلاف العقائدي والفكري أروي طرفاً منها تسامع ببعضها الناس وأخرى لم يسمعوا عنها فقد حكى مولانا دفع الله الحاج يوسف القيادي الإسلامي المعروف ورئيس القضاء الأسبق قال إنه في الفترة التي كانت الحكومة العسكرية في عهد نظام نوفمبر تطارد القيادي البارز في الحزب الشيوعي السوداني الأستاذ عمر مصطفى المكي الذي كان مختفياً وكان الأستاذ دفع الله يعمل في وظيفة مرموقة في الدولة وكان يومها حجز للسفر في درجة النوم به سريران كما هو معروف أعلى وأسفل وعندما دخل حجرته في القطار فوجئ بالأستاذ عمر مصطفى المكي داخلها وكان مسافراً في نفس الرحلة وليس له حجز بطبيعة الحال ولكنه كان متخفياً فوجد اسم غريمه وابن دفعته دفع الله الحاج يوسف مكتوباً في باب الدرجة ورغم ما بين الاثنين من خلافات معروفة إلا أن الأستاذ دفع الله سمح له بالمبيت معه ولم يخبر السلطات وتكتم عليه وقال له يمكنك النوم في السرير الأسفل وسأنام في السرير الأعلى، فقال له الأستاذ عمر، بل سأنام في السرير الأعلى لأنني لم أنم ثلاثة أيام بلياليها كما أن الشرطة عندما تدخل الحجرة ستنظر للسرير الأسفل بطبيعة الحال.. وقصة أخرى معروفة عن الرئيس نميري في احتفال حنتوب الشهير عندما أعطى الأستاذ محمد إبراهيم نقد الأمان لثلاثة أيام ليحضر الاحتفال وشدد على رجال الأمن ألا يتابعوه حتى يرجع لمكان اختفائه وقد حدث.. بالله هل يمكن أن يحدث مثل هذا في أي بلد عربي أو في العالم؟.. ثم في مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965 أعطى قائد التمرد والمطالب بالانفصال (أظنه غوردون مورتاد) الأمان ليحضره وفعلاً حضره وقال خطبته الشهيرة منادياً بالانفصال ثم رجع سالماً ولم يعتقل ويحاكم، وحينها كانت المطالبة بالانفصال تعتبر خيانة عظمى عقوبتها الإعدام!! هذه بعض من حكاوى الخاصية السودانية الحقة نهديها للحوار الجاري في البلاد فلا بديل للحوار إلا الحوار..
**تحية لرجال أمن بحري
منذ فترة غير قصيرة انتشرت ظاهرة بيع المخدرات والتي يتفنن العاملون فيها بوسائل لا تخطر على بال سواء بطريقة إعدادها وبيعها أو توفير مناطق ومنازل وملاذات آمنة لإدارة العمليات والتي يقوم بها متخصصون أصبحوا من الأثرياء يركبون أفخر السيارات، بل تم اكتشاف بعضهم يتعاملون مع جهات دولية مشبوهة وحركات مسلحة ما زالت تدعي زوراً وبهتاناً أن لها قضايا ولكنها في الحقيقة لا صلة لها بالقضايا الوطنية والمهمشين فالمخلصين الذين خرجوا وحملوا السلاح في الماضي رجع معظمهم إلى حظيرة الوطن بعد أن تكشفت لهم الحقائق كما ذكر لي أحدهم حين أدركوا أن استمرار الحرب أكثر ضرراً بوطنهم ومواطنيهم الذين لم يحصدوا سوى الخراب والموت الزؤام ودمار الخدمات في مناطقهم.. لقد علمت من بعض أصدقائي أن رجال الأمن خاصة في منطقة الخرطوم بحري وشرق النيل تعاملوا بكفاءة عالية مع هؤلاء المجرمين، رصدوهم واكتشفوا كيف يتعاملون وكيف يخلطون المخدرات مع بعض السلع الشعبية الاستهلاكية يقوم بعض السذج ببيعها للجمهور علناً في الشوارع والأزقة فليحذر الناس استخدامها خاصة الشباب. لقد اشتكى كثير من الناس من أمثال هؤلاء الباعة للمخدرات، وأذكر أنه في حيِّنا بالصافية اشتكينا كثيراً من هذه الظاهرة لدرجة أن بعض المخدرات تباع في بعض البقالات في علب الكبريت!! تحية لرجال الأمن في منطقة الخرطوم بحري وشرق النيل، بل في جميع مناطق السودان لمحاصرة هذه الظاهرة الخطيرة التي تدمر الناس خاصة عقول ونفوس وطاقات الشباب فمعلوم من هي الجهات التي تروجها.
الجريدة