رأي ومقالات

التغيّر الشعوري.. مشكلة الحكم في السودان..


أستاذ علم النفس السياسي واختصاصي نفسي (يؤكد) إن (معظم) السياسيين في السودان انتهت مدة صلاحياتهم وتجاوزوا أعمارهم الافتراضية. وقال إن الأمر يعود الى ما أسماه (التغيّر الشعوري) والذي يتمثل في العناد والمكابرة والتقلب في المواقف وعدم تقبّل الآخر.. و(الكنكشة) في المناصب.. وعدم إتاحة الفرصة للآخرين، وأضاف أن ذلك يعود إلى عامل السن لديهم.. كما قطع أستاذ علم النفس السياسي واختصاصي النفس بأن مشكلة الحكم في السودان (مشكلة نفسية)! وعزا (عامل السن) وتقدمه لدى السياسيين بالبلاد هو أحد أسباب إعاقة الحوار الوطني والتحول الديموقراطي.. وإشاعة روح المؤسسية داخل الأحزاب.. (شوفوا مصيبتنا بالله)!.. وجد هذا الخبر مساحة بالصفحة الأولى في إحدى الصحف السياسية المستقلة اليومية، كما وجد مساحة أيضاً بالصفحة الثانية (تتمة للخبر المهم).. وللأسف لم تتناوله الصحف الاجتماعية (المتخصصة). فالخبر جدير بالبحث والتقصي والمتابعة وأخذ نماذج وأمثلة.. وإشارات وتفتيش وتقدير للعمر الافتراضي وعمر الصلاحية.. فالزمان صار قادراً على التغيير في كل شيء حتى في الشكل واللون والحجم والطول والعرض.. وحتى شهادات الميلاد والتسنين وحتى السياسيون عندنا لم يعودوا يعترفوا بالصلاحية والسن (وعندهم رأي في شباب الربة هذه الأيام).. وبرغم كل (الخرمجات) التي تحدث عياناً بياناً و«رجالة» فالحاصل حاصل ولا يزال (لحس الكوع) في الميدان.. و(الزارعنا يجي يقلعنا) (مهما بلغنا من العمر عتياً).. ورغماً عن حديث الرئيس البشير (ما دايرين ننفرد بحكم البلد) ويعلن وصول مؤتمر الحوار لاتفاق خلال يومين.. أو كما قال.. ها هو الميرغني يخاطب الآلاف من الجماهير وقيل أن سماع (الجماهير) لصوته دليل قاطع على أنه بصحة وعافية تامة وأنه سيعود للبلاد قريباً.. أو كما قالوا.. وها هو الصادق المهدي يحتفل في القاهرة بعيد ميلاده ويقول إن (زواجه وارد) بعد مشورة السيدة (حفية) والأولاد والبنات.. أو كما جاء بالأخبار.. وها هو الشيخ الدكتور حسن الترابي يغادر الى الدوحة.. وما بين شائعة الوفاة والمرض، تأتي الأخبار للترابي بالصور مع الشيخ القرضاوي وترتيب لتوحيد المسلمين وقيل إنه في طريقه بعدها الى أنقرة.. أو هكذا يقولون.. وهنا يقول برلمانيون إن الموازنة الجديدة تحمل بشريات خاصة فيما يلي الاهتمام بالشرائح الضعيفة وتخفيف أعباء المعيشة وأن هدفهم في (المقام الأول هو تسهيل (قُفة الملاح) للمواطن ويقولون أيضاً إن موازنة هذا العام الجديد 2016م أتت ملبية للكثير من الأشواق والرغبات، وخاطبت القضايا الأساسية في الإطار الخدمي والذي يهتم بالشرائح الضعيفة.. وفي دراسة نشرتها إحدى الصحف الأمريكية أشارت إلى أن الاقتصاد السوداني لم يكن قوياً.. وقد ازدادت الأمور سوءاً منذ العام 2008م لتصل إلى ذروة السوء خلال الشهور الأخيرة، فارتفع مؤشر التضخم في أسعار المستهلك ليمثل السودان مركزاً مرموقاً بين أغلى (حداشر) دولة إفريقية.. وقد أشارت الدراسة إلى أن معظم البلدان الإفريقية ذات دخل منخفض ولم يتوقع أن يكون فيها مستوى المعيشة غالٍ.. وأن التباين في الثروة بين الأغنياء والفقراء يبدو أكثر اتساعاً وتقول الدراسة أيضاً إن القارة الإفريقية مليئة بالمتناقضات عندما يتعلق الأمر بالدخل في حين أن بعض المدن هي حقاً مكلفة للعيش فيها وليس بالضرورة البلد بأكمله أن يكون مكلفاً.. وتتواكب تلك الدراسة الى ما ذهب إليه مجلس الوزراء مؤخراً عبر دراسة حديثه تقول إن الأجور تغطي فقط (12 في المائة) (اثنا عشر بالمائة) من تكاليف المعيشة لتصبح الفجوة بين الدخل والمعيشة تفوق (الثمانين بالمائة).. من وين تتغطى هذه الفجوة؟؟ ويقول أحد أساتذة الاقتصاد إن أجر البروفيسور الجامعي عام 2008م كان (ألف وخمسمائة دولار) بينما أجره الآن أقل من (أربعمائة دولار) وعلى ذلك قس فالحد الأدنى للأجور (425 جنيهاً) (أقل من 50 دولاراً) في بلد يضاهي الغلاء فيه بعض الدول الأوروبية، ورغماً عن ذلك يشتري المواطن سلع وخدمات رديئة وبأسعار عالية لا تتناسب ودخله الشهري.. وجاء أنه من المتوقع أن يستمر السودان الأغلى نسبة لموازنة هذا العام 2016م والتي لا تركز على المواطن حيث خصِّصت أكثر من (سبعة عشر مليار جنيه) للأمن والدفاع بينما خصصت (خمسمائة مليون جنيه) فقط للصحة مما يعادل (34 ضعفاً)..
وتقول وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إن شُح التمويل مايزال يشكل تحدياً يجابه الجامعات التي لا تتحصل على ميزانيات من وزارة المالية وتتلقى (دعومات) وتعتمد على (التمويل الخارجي) للبحوث ومن هنا تلمح الوزارة الى عدم ممانعتها لهجرة الأساتذة مبررة ذلك بتوسيع مواعين التدريب عبر (الإحلال والإبدال) و(بتصدير الأساتذة للخارج)!! ثم تبرر الوزارة ذلك بأن ليس كل من هاجر يهاجر بسبب المال.. ثم تأتي في المؤتمر الأخير للتعليم العالي لتقر تحسينات في أجور أعضاء هيئة التدريس بنسبة (مائة بالمائة) ابتداء من مطلع العام 2016م.. للإبقاء على الأستاذ الجامعي..!!
بالله أعيدوا قراءة هذا المقال أكثر من مرة ولنعد جميعاً إلى تأكيد الدكتور الأستاذ في علم النفس السياسي والاختصاصي في علم النفس ومشكلة الحكم في السودان..
كمية من المتناقضات والمفارقات والعجايب والغرائب!. «إنا لله وإنا إليه راجعون»

محمد الياس السني
الانتباهة