عبد الباقي الظافر

والناس مساكين..!!


أمس الأول انفجر وزير الكهرباء غاضباً لأن الصحافة انتقدت قطوعات الكهرباء في موسم الشتاء.. الوزير الشاب معتز موسى ذكّر الصحفيين أن وزارته تدفع للصحف بإعلانات مدفوعة القيمة، وفي الصفحة التالية للإعلان يوجه الصحافيون نقداً لقطوعات الشتاء التي برّرها الوزير بأنها من أجل الصيانة.. تمادى الوزير في غضبه و تساءل: هل الصحافيون منتخبون من الشعب.. ثم ختم حديثه بعبارة سلطوية «إن شاء الله نقطع الكهرباء السنة كلها ما دامت القطوعات مبرمجة».
قبل الولوج لحديث وزير الكهرباء يجب أن ننوه أن الصحافة السودانية هذه الأيام تحت مرمى نيران الحكومة.. الحزب الحاكم شكّل لجنة وصاية لتدرس أحوال صحافتنا.. هذه اللجنة مازالت تعمل ليلاً و نهاراً لترسم خارطة طريق لتدجين الصحافة.. الأستاذ علي عثمان النائب الأول السابق أكد أنه مع منع الأقلام التي تثير الفتنة.. المهندس إبراهيم محمود أصدر توصياته لدول الجوار مطالباً بردع الصحافة المصرية التي تنتقد الحكومة السودانية.. بدر الدين محمود وزير المالية اقترح عقد دورات لتدريب الصحفيين، وفي ذلك إشارة لضعف مدارك الصحفيين.
في تقديري.. أن واحدة من مشكلات حكومتنا أنها لا تستوعب نظرية فصل السلطات.. في كل برلمان يتعارك النواب من أجل مصلحة المواطن.. في برلماننا هذا اضطر رئيس المجلس الوطني لتحذير النواب من التصفيق الذي يعقب كل قرار حكومي.. رغم ذلك صفق النواب عند تمرير الموازنة التي تعاني عجزاً بأكثر من مليار دولار.. لم يعترض على موازنة بدر الدين غير نائب واحد.. لكن معظم الأقلام الصحفية كانت توجه سهام النقد لوزارة المالية التي علّلت انهيار أسعار الجنيه السوداني لأسباب نفسية.. لهذا السبب خازن بيت المال غاضب على الصحافة.
الإعلام يا سادة لم يعد معبّراً عن الرأي العام فقط.. بل في كثير من الأحيان بات صانعاً للرأي العام.. في أمريكا عزت هيلاري كلنتون عدم فوزها في الانتخابات التمهيدية بسبب تعاطف الإعلام مع خصمها باراك أوباما.. في مصر أخت بلادي تمكن الإعلام من قيادة ثورة مضادة للرئيس المنتخب محمد مرسي.. الإعلام الغاضب جعل ميدان التحرير الصغير يسع ثلاثين مليون مصري يهتفون بسقوط دولة المرشد.
الحكومة السودانية تسيطر على الإعلام عبر تأثيرها على الإعلام وعلى تدفق المعلومات الحكومية.. الصحف الموالية تفتح لها الأبواب والصحف المستقلة تغلق أبوابها.. أكبر دور الطباعة شركات حكومية لم تسمع بها لجان الخصخصة.. في زمن الاقتصاد الحر تتأهب الحكومة لتكوين شركة توزيع حكومية ستتمكن من احتكار كل السوق.. الضرائب والجبايات جعلت أكثر من صحيفة تختار الخروج من المنافسة.
بصراحة.. رغم كل هذه المقدمة الطويلة لن يستوعب معتز الوزير إن كانت الصحافة سلطة رابعة تعبر عن الشعب.. وذلك لسبب واضح وجلي كلنا نعرف الطريقة التي وصلت بها حكومة معتز موسى للسلطة.. ولربما لهذا السبب وصف الوزير موسى الشعب بـ«المساكين» لأنه لم تصله شكوى واحدة عن قطوعات الكهرباء.


تعليق واحد

  1. الوزير ده كان كويس ولكنها السلطة تعمي القلوب و لا حول ولا قوة الا بالله