منى ابوزيد

قاتل الله المقارنات ..!


«تنتج الجريمة عن الفائض الاجتماعي».. لينين ..!
التفاصيل التي تحكم أطروحات وقضايا حماية المستهلك في بعض الدول تعد مؤشراً طريفاً على اختلاف أنماط الحياة ومستويات المعيشة بين مجتمعاتها.. مبعث الطرافة هو سعة الهوة وضخامة المفارقة.. هل تريد مثالاً؟! .. في الكويت ينصب معظم اهتمام جمعية حماية المستهلك على مكافحة غلاء أسعار بعض السلع الكمالية ومراجعة مستوى جودة بعض الخدمات!..
وفي السعودية تستفتي الجمعية السعودية لحماية المستهلك مواطنيها الكرام حول جودة الأداء المصرفي، وتنظم الفعاليات للتوعية بخطورة بعض أدوات التجميل وألعاب الأطفال، وتندد كثيراً وطويلاً بالمخاطر الصحية لمشروبات الطاقة وبالاستخدام المفرط لأجهزة الموبايل، في ذات الوقت الذي تحذر فيه مواطنيها من حمل حقائب السفر الثقيلة خوفاً من إصابتهم بآلام الظهر ..!
وهي كما ترى جهود ناعمة لا أثر فيها لمصانع زيوت مكررة أو ثلاجات لبيع الدجاج الفاسد، لكن الحكومة السعودية ـ حكمة الله! ـ تتبرع بعشرة ملايين ريال عداً ونقداً لدعم تلك الجهود، ومع ذلك يقدم رئيس جمعية حماية المستهلك السعودية استقالته ـ قبل فترة ـ احتجاجاً على ما يصفه بالموقف الحكومي المنحاز لوزارة التجارة و الصناعة التي تهدد بسياساتها استقلالية الجمعية وبالتالي حماية المستهلك..!
مهلاً .. مهلاً .. هنالك المزيد! .. ريال ونصف فقط لا غير هو حجم المبلغ الذي أثار جدلاً واسعاً بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي في دولة عمان التي تشهد تطوراً لافتاً في ثقافة المستهلك وقوانين حمايته، الجدل كان حول مدى أحقية شركة بطاريات بعينها في أن تقبض هذا المبلغ مقابل استبدال بطارية السيارة قبل انتهاء فترة الضمان..!
مبعث السخط الاستهلاكي العارم كان مدى قانونية الإجراء من إجحافه.. فضلاً عن غيرها من حملات التنديد الشعبي التي قد تندلع بسبب زيادة سعر الثوب الرجالي في محلات الملابس بحجة استبدال القماش بنوع آخر أكثر جودة ..!
وفي دولة الإمارات يعي المواطن جداً حقه في الاختيار والسلامة والعلم و التوعية والبيئة الصحية والتعويض وتوافر الاحتياجات الأساسية فضلاً عن حقه الكامل في أن يُستمع إليه.. حتى في مصر تنصب جهود حماية المستهلك على مكافحة انتشار بعض المنتجات المغشوشة لتغذية الشعر أو تجميل البشرة، ومحاربة الحملات المقلدة لصيانة الغسالات أو التحقيق في بلاغات بيع اللحوم الفاسدة في أفظع الأحوال ..!
أما حكاية حماية المستهلك في السودان فلا تبدأ من إصدار البيانات حول استغلال شركات الاتصال وغلاء كل ما يباع ويشترى وفساد كل ما يؤكل ويشرب ورداءة كل ما يُلبس ويُستعمل، ولا تنتهي عند محاربة إعادة تدوير النفايات الغذائية المستوردة عبر الحدود البرية ..!
السموم معظمها مستوردة .. والجناة بعضهم وافدون .. والضحايا كلهم مواطنون محتسبون .. أعان الله عباده «المستهلَكين» في السودان .. وقيَّض لعزيزنا البرلمان قولاً يتبعه عمل .. ومطالب تتبعها استجابة .. وما ذلك على الله ببعيد ..!