تحقيقات وتقارير

عام 2015 .. شر كثير وخير صغير وتطور تقنى كبير


سيرحل مغادرا الى ذمة التاريخ عام 2015 الذى تباينت وتعددت احداثه وتطوراته ومواقفه السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والرياضية ..ووقع خيره جزئيا على البعض وطبع سلبياته على البعض سواء على المستوى الشخصى او القطرى او الاقليمى او الدولى بصفة عامة .. تقاطعت مصالح سياسية فى الشقيقة سوريا بعد ان تدخلت روسيا ..تخاشعت ابصار حينما اتفقت الارادة العربية فى محاربة الحوثيين فى اليمن الشقيق .. توجست الانظار حينما سقطت الطائرة المدنية الروسية فى صحراء سيناء المصرية ..تبسمت الوجوه لاتفاق الاشقاء فى ليبيا ..الخ
وتعزيزا لما اعربنا عنه فقد وصف الكاتب كريستين لاجارد الامريكى الجنسية عام 2015 العام الأشد حرارة في التاريخ المسجل على الإطلاق .. والبعض سماه عام الارهاب نظرا لكثرة العمليات الارهابية حسب الوطصف الغربى لتلك الاحداث والاعمال ..حيث شهد العالم الهجوم على مجلة شارلي إبدو الفرنسية، وإسقاط الطائرة الروسية في سيناء والهجوم على منتجع في مدينة سوسة التونسية. وغيرها من الهجمات التى وقعت فى نيجيريا وباكستان وأفغانستان .
وتشير الأرقام التي نشرت عن الهجمات التى وقعت الى ان عام 2015 يعتبر أسوأ من العام السابق الذي كان قد شهد زيادة بنسبة 80 بالمئة في عدد ضحايا الإرهاب عن العام الذي يسبقه وكان أكثر السنين عنفا منذ 2001، وفقا للمؤشر الدولي للإرهاب الذي يتابع مثل هذه الهجمات.
ففي يناير وقعت سلسلة من الهجمات في باريس قتل فيها 26 شخصا، من بينهم ثلاثة مهاجمين، وأصيب فيها 22 شخصا.
وبدأت الأحداث الدامية بمذبحة في مقر مجلة شارلي إبدو الساخرة في السابع من يناير وانتهت بعملية ضخمة للشرطة وحصارين في يومين تاليين.
وفى 13 نوفمبر منع رجل يرتدي حزاما ناسفا من دخول ملعب “ستاد دو فرانس” لكرة القدم بعد أن اكتشف تفتيش أمني روتيني في الملعب ما يحمله من متفجرات.ووفقا للتقارير، ابتعد الرجل عن حراس الأمن وفجر حزامه الناسف، مما أدى إلى مقتله هو وأحد المارة.
وكان هذا الأول من بين ثلاثة انفجارات خارج الاستاد على المشارف الشمالية لباريس، في الوقت الذي كانت فرنسا تلعب فيه مباراة ضد ألمانيا في مباراة ودية، وكان أيضا واحدا من سلسلة من الهجمات في العاصمة الفرنسية قتل فيها 130 شخصا وأصيب المئات.
وفى نيجيريا هاجمت جماعة بوكوحرام بلدة باغا شمال غربي نيجيريا، التي تقول سلطاتها إن 150 شخصا قتلوا في الهجوم، ولكن سكانا محليين يقولون إن نحو ألفي شخص قتلوا في الهجوم.كما أدت سلسلة من الهجمات بالأسلحة النارية والقنابل في العديد من البلدات في شمال البلاد إلى مقتل المئات في يونيوويوليو وأغسطس.
اما فى باكستان فقد استهدفت مساجد الشيعة مرات عدة خلال العام. وقتل 40 شخصا على الأقل في تفجير بالقنابل في مسجد في اقليم جنوب السند في يناير وقال مسلحون سنة على صلة بطالبان باكستان إنهم شنوا الهجوم, كما وقعت هجمات مماثلة في فبراير وأكتوبر وهوجمت كنائس في لاهور في مارس.
كذلك شهدت أفغانستان في إبريل مقتل 33 شخصا واصيب مئة آخرون في تفجير انتحاري شرقي افغانستان في مدينة جلال أباد.
وفى تونس قتل 38 شخصا عندما فتح مسلح النار على سائحين في منتجع سوسة الساحلي الشمالي فى اواخر يونيو الماضى وفي وقت سابق من العام، قتل 22 شخصا، من بينهم 17 سائحا، في هجوم مسلح على متحف برادو في تونس العاصمة.
وشهدت تركيا أ هجومان متزامنان في مظاهرة في أنقرة اديا إلى مقتل أكثر من مئة شخص في أكتوبر ، وهو أكثر الأحداث الإرهابية عنفا على الإطلاق في تركيا.كما أدى هجوم سابق في بلدة سوروك التركية إلى مقتل 30 ناشطا كانوا يعيدون بناء بلدة عين العرب (كوباني) الكردية في سوريا.
وابرز الاحداث الكارثية فى العالم العربى ما حدث فى مصر في أكتوبر حينما تحطمت طائرة روسية كانت قد غادرت للتو مطار منتجع شرم الشيخ متجهة إلى مدينة سان بطرسبرغ في سيناء.ويعتقد أن الطائرة أسقطت بفعل قنبلة. وقالت جماعة مسلحة في سيناء على صلة بتنظيم “الدولة الإسلامية” إنها شنت الهجوم الذي راح ضحيته 224 شخصا، غالبيته العظمى من الروس.
وفى لبنان وعشية اليوم الذي سبق مباشرة هجمات نوفمبر في باريس قتل 37 شخصا على الأقل وأصيب 181 شخصا في انفجارين في منطقة سكنية في بيروت حيث فجر الانتحاريون انفسهم في شارع مزدحم في ضاحية برج البراجنة، التي تعد معقلا لجماعة الحزب الله الشيعية.
فى الولايات المتحدة شهد الثاني من ديسمبر مقتل 14 شخصا بعد أن هاجم مسلحان مركزا للرعاية في سان برناردينو في كاليفورنيا.
وقتل مشتبه بهما مدججان بالسلاح، وهما الزوجان سيد رضوان فاروق وتاشفين مالك، في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.
ثقافيا كان عام 2015م “عام النزيف الثقافي” إذ شهد رحيل عدد من أبرز المثقفين العرب وأغلب الكتاب الراحلين تمتعوا بثقافة موسوعية وكانوا قامات مرموقة سواء على خريطة العالم العربي أو خارجها ومنهم الكاتب المصري سليمان فياض، الذي توفي في فبراير عن 86 عاما تاركا عشرات الكتب
وفي الشهر نفسه توفيت الروائية والسينمائية الجزائرية آسيا جبار عن 79 عاما في مستشفى بباريس حيث عاشت وحققت حضورا لافتا برواياتها التي كتبتها بالفرنسية إضافة إلى فيلمين سينمائيين هما “نوبة نساء جبل شنوة” 1977 و”الزردة وأغاني النسيان” 1982.
من المنشغلات أيضا بقضايا المرأة الراحلات عن عالمنا في 2015 عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي، التي كرست جهودها لإنجاز مشروع فكري عن حقوق المرأة حتى وفاتها في نوفمبر تشرين الثاني عن 75 عاما.
ومن الراحلين شاعرنا المقيم بالمغرب محمد الفيتوري الذي توفي في أبريل عن 79 عاما بأحد مستشفيات الرباط بعد معاناة مع المرض.
لقب الفيتوري بشاعر أفريقيا والعروبة وهو من رواد الشعر الحديث حيث ارتبط شعره بنضال عدد من الدول الأفريقية ضد المستعمر. وقد أسقطت عنه الحكومة السودانية الجنسية وسحبت منه جواز سفره عام 1974 بسبب معارضته لنظام جعفر النميري لكنها أعادت له الجنسية ومنحته جواز سفر دبلوماسيا عام 2014.
في الولايات المتحدة توفي في سبتمبر الكاتب المصري إيهاب حسن، عن 90 عاما دون صخب أو اهتمام يليق بمكانته وشهرته التي حققها في الغرب حيث كان يكتب باللغة الإنجليزية. وكان الناقد السينمائي المصري سمير فريد كتب في مقال في نهاية أغسطس 2015 أنه دخل مكتبة في نيويورك عام 1997 وجذب انتباهه رف باسم الكاتب إيهاب حسن وأدهشه “عدم ترجمة أي كتاب من كتبه إلى اللغة العربية”.
وفي الشهر الجاري رحل الكاتب المصري إدوار الخراط عن 89 عاما ليغيب كاتب غزير الإنتاج موسوعي الثقافة لم يترك مجالا إلا أسهم فيه بنصيب من الترجمة إلى الرواية والقصة القصيرة والنقد الأدبي والنقد التشكيلي والشعر والتصوير أيضا.
ولم يتعرض أغلب الراحلين في عام 2015 لأزمات صحية طويلة ولكن الكاتب المصري جمال الغيطاني توفي في أكتوبر عن 70 عاما بعد دخوله غيبوبة استمرت أكثر من شهرين تاركا نحو 50 كتابا في القصة القصيرة والرواية وأدب الرحلات وأدب الحرب والتأريخ لأماكن تاريخية وأثرية والسير الخاصة بأعلام منهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ.
وبعيدا عن الأضواء المسلطة على مراكز إنتاج الثقافة العربية توفي الروائي والباحث البحريني خالد البسام عن 59 عاما في صمت لا يتناسب مع إنجازه في الرواية والتأريخ للثقافة والفنون في الخليج في كتب منها “يا زمان الخليج” و”كلنا فداك.. البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948″ و”تلك الأيام.. حكايات وصور من بدايات البحرين” و”القوافل” الذي رصد فيه تأثير رحلات الإرساليات الأمريكية في مدن الخليج والجزيرة العربية بين عامي 1901 و1926 على الحياة الاجتماعية والثقافية.
اقتصاديا كان عام 2015 سيئا جدا بالنسبة لتجارة الموارد التي تستخرج من باطن الأرض، وذلك بسبب تباطؤ النمو الكبير في الصين.وانخفضت أسعار السلع، مع تراجع النفط والنحاس بأكثر من 30 بالمئة.
وتمثل الجانب الإيجابي في هذا بأن العديد من المستهلكين في جميع أنحاء العالم وجدوا أن غالبية احتياجاتهم الضرورية أصبحت أرخص بشكل ملحوظ.
وكان الجانب السلبي في الألم الشديد الذي أصاب عمال المناجم وشركات التعدين ودول مثل روسيا والبرازيل، التي سبق وتمتعت بالثروات الناتجة عن طفرة أسعار السلع لمدة خمس سنوات.
وشهدت المواد الخام الرئيسية من الصلب والحديد الخام بعض أشد الانخفاضات، وتراجعت الأسعار بنسبة 80 بالمئة مقارنة بذورة الارتفاع التي حققتها قبل أربع سنوات.ولم يتوقع أحد من الخبراء انخفاض الأسعار هذا، ويرجع كل هذا الإنخفاض إلى الصين.
ودفع العجز الهائل في الطلب الصيني، خلال الأعوام الماضية، كبرى شركات التعدين في العالم إلى خفض هائل في عدد الوظائف وكذلك إغلاق مناجم.
وقالت شركة أنجلو أمريكان إنها قد تغلق أو تبيع أكثر من 35 منجما مع تسريح 85 ألف وظيفة، بينما تسرح شركة جلينكور آلاف العمال في مناجمها لتعدين النحاس في زامبيا وأماكن أخرى.
وقد كان عاما استثنائيا حقا لأسواق النفط، في ظل قرار منظمة الدول المنتجة للنفط، أوبك، بعدم انتهاج تكتيكها المعتاد بتقييد الإمدادات لرفع سعر النفط الخام.
وقد أخبرني البروفيسور كين روغوف، من جامعة هارفارد، أن هدف المملكة العربية السعودية، أقوى منتج للنفط في أوبك، منع أي خسارة إضافية لحصتها في السوق العالمية.
اما في أوروبا، فقد هيمن التدفق الهائل للاجئين الفارين من مناطق الحروب في سوريا والدول المجاورة على عناوين الأخبار.وكان الاتحاد الأوروبي منقسما ما بين الرغبة في منح حق اللجوء للبشر الذين هم في حاجة ماسة إليه، وما بين الخوف من أن سياسة “الباب المفتوح” قد تؤدي لإغراق القارة ببساطة بهؤلاء الذين يتطلعون إلى فرص اقتصادية أفضل.
ويجادل بعض الخبراء بأن أوروبا في حاجة حقيقية إلى جيل جديد من العمال ليحلوا محل سكان القارة المتقدمين في السن.لكن هانز ويرنر شين من معهد ايفو للدراسات الاقتصادية، قال لبي بي سي إنه لا يعتقد أن تأثير الهجرة الجماعية يمكن أن يكون ايجابيا.
فى منحى اخر اضطرت أوروبا أيضا لمواجهة أزمة أخرى تعود إلى يوليولا سيما أنه يبدو أن اليونان ستكون أول دولة تخرج من منطقة العمل الأوروبية الموحدة، اليورو.وفي استفتاء، قرر الناخبون اليونانيون رفض خطة تقشف تفاوضت عليها أوروبا مع الحكومة اليونانية في مقابل إقراضها المزيد من الأموال.
وفرضت الحكومة رقابة على رؤوس الأموال، واصطف المواطنون في طوابير أمام ماكينات صرف الأموال.وفي النهاية استسلم البرلمان اليوناني ووافق على المزيد من إجراءات التقشف.
وشهد العام الحزة التى ضربت شركة فولكس فاغن، الألمانية لصناعة السيارات، بسبب فضيحة كشفها عن أن العديد من محركات الديزل التي تنتجها كانت أكثر تلويثا للبيئة مما كانت تدعي الشركة.
في الواقع، اعترفت انها تلاعبت بشكل باختبارات الكشف عن انبعاثات السيارات من خلال برامج “سوفت وير” تجعل المحركات اقل انبعاثا للعوادم اثناء الاختبارات مما يحدث في الواقع على الطرق.
رياضيا استمرت الكرة الجزائرية في تأكيد تفوقها العربي على مستوى القارة الأفريقية، بتأهل المنتخب الأولمبي إلى أولمبياد ريودي جانيرو 2016، ليصبح المنتخب العربي الأفريقي الوحيد الذي سيشارك في الأولمبياد. وتوج النجم الساحلي التونسي بلقب كأس الاتحاد الأفريقي على حساب أورلاندو بيراتيس الجنوب أفريقي، ليعوض الاخفاق العربي الكبير على مستوى البطولات الأفريقية للأندية، بخسارة اتحاد العاصمة الجزائري في نهائي دوري أبطال أفريقيا أمام مازيمبي الكونغولي، وخروج الأهلي والزمالك من نصف نهائي كأس الاتحاد الأفريقي.
وقد توج منتخب كوت ديفوار بلقب كأس أفريقيا 2015 بتفوقه على منتخب غانا في النهائي بركلات الترجيح، بينما غابت المنتخب العربية كالعادة عن التتويج في أخر 3 نسخ، ومنذ تتويج مصر بلقب البطول 3 مرات متتالية في 2006 و2008 و2010.
كما توجت أستراليا بلقب كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخها، بتفوقها على كوريا الجنوبية في النهائي 2-1، وتؤكد أن انضمامها إلى القارة الآسيوية، بات أمراً مزعجاً لجميع منتخب القارة الصفراء.
بينما توج منتخب تشيلي بلقب كوبا أمريكا التي استضافها على أرضه، بتفوقه على منتخب الأرجنتين بركلات الترجيح في النهائي، ويحرم ليونيل ميسى من التتويج بلقب بطولة كبيرة مع “التانغو”.
فى عام 2015م قدم نادي برشلونة الإسباني موسم تاريخي بتحقيقه 5 ألقاب، الدوري والكأس في إسبانيا، ودوري أبطال أوروبا، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية، ليؤكد أنه الأفضل على مستوى العالم.
واخر الاحداث الرياضية كان نزال القرن الذى حسم فيه الأمريكي فلويد مايويذر أشرس نزال ملاكمة في القرن 21 لصالحه، عندما تغلب على منافسه الفلبيني ماني باكياو بإجماع لجنة الحكم، على حلبة ام جي ام غراند في لاس فيغاس، وبذلك حافظ الأمريكي على ألقابه التي يحملها وهي حزام رابطة الملاكمة العالمية WBA للسوبر، وحزام المجلس العالمي للملاكمة WBC، ولقب The ring لوزن الويلتر، كما أنه انتزع حزام منظمة الملاكمة العالمية WBO من خصمه الفليبيني.

حصيلة العام الذي يودع العالم أيامه الأخيرة كانت مخيبة للشعوب العربية عموماً، ولشعوب الدول العربية التي تعيش أزمات طاحنة على وجه الخصوص، بينما تتجه الآمال مجدداً إلى ما سيحمله معه العام القادم.
لم تكن البلدان العربية بأحسن حالاً بكثير، فالعديد من تلك البلدان راوحت في دائرة الاضطرابات والانقسامات السياسية والمجتمعية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، في مشهد بانورامي يؤكد أن عام 2015 لم تكن حصيلته إيجابية بالنسبة للعرب، بل كانت مرّة ومخيبة للآمال، بدرجة تستدعي إجراء مراجعات شاملة وجذرية، تعيد توجيه بوصلة السياسات الداخلية والخارجية العربية، وإعادة بناء العلاقات البينية العربية، والعلاقات العربية على المستويين الإقليمي والدولي.
السوريون واليمنيون والعراقيون والليبيون كانوا يأملون في أن تحط الحرب أوزارها في عام 2015، إلا أن الحرب بقيت تحصد المزيد من الضحايا على جانبي الصراع، واستطاع تنظيم (داعش) تحقيق (انجازات) كبيرة على الأرض، مستغلاً خارطة الصراع في البلدان المذكورة، وبالطبع ما حققه (داعش) كان متفاوتاً بين بلد وآخر، لكنه كبير ووازن وفاعل في موازين الصراع، ويهدد مستقبل كل تلك البلدان، كما يهدد بلدان أخرى استطاع أن يمد أصابع إرهابه إليها، مثل مصر والسعودية والكويت وتونس، فضلاً عن عملياته الإجرامية الإرهابية في العديد من دول العالم الأخرى، مثل فرنسا والولايات المتحدة ومالي ونيجيريا وباكستان.. الخ.
ويعزى الحصاد المخيب للآمال عربياً، في عام 2015، إلى فشل الجهود التي بذلت لتسوية الصراعات من خلال وسائل دبلوماسية، والسبب في ذلك له طبيعة مركبة، فمن جهة الأطراف الداخلية للصراعات لم تصل إلى مواقف مشتركة تنطلق من القناعة بأن استحالة الحل العسكري، وأن التسوية الوحيدة الممكنة هي التي توفرها البوابة السياسية. ومن جهة ثانية لابد من تسجيل أن الاختلاف في الرؤية بين القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في تلك الصراعات لعب دوراً سلبياً كبيراً، ساهم في إفشال الجهود المبذولة لفتح الطريق أمام تسويات سياسية. ومن جهة ثالثة لابد من أن نسجل أيضاً أن الجهود بحد ذاتها لم تكن كافية، ولم تحظ بالرعاية اللازمة، على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، إن مشاهد الاحتفالات الحزينة بأعياد الميلاد في بيت لحم، مسقط رأس السيد المسيح عليه السلام، تبيِّن الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي، والمعركة القاسية وغير المتكافئة المفروضة عليهم في مواجهة الاستيطان وميليشيات المستوطنين ومخططات تهويد القدس الشرقية، والإجراءات القمعية من قبل الجيش الإسرائيلي، وحرمانه من أبسط حقوقه الوطنية والإنسانية، في ظل تراجع الاهتمام الدولي والإقليمي بالقضية الفلسطينية، ووصول المفاوضات على المسار الفلسطيني- الإسرائيلي إلى طريق مسدودة، واستمرار الانقسام السياسي والكياني الحاد داخل النظام السياسي الفلسطيني.
ومن مؤشرات الحصاد المر للعام 2015، الذي يقارب على نهايته، تراجع دور مؤسسات العمل العربي المشترك، ففي العام الشهور الماضية بالكاد يسمع صوت لـ”جامعة الدول العربية”، وبقيت قرارات القمة العربية الأخيرة، التي عقدت في شرم الشيخ في آذار (مارس) الماضي، حبراً على ورق، رغم أنه يأخذ الكثير عليها لجهة أنها لم تكن بالمستوى والمضمون المطلوبين لمعالجة القضايا العربية المحتدمة.
رغم ما سبق، لا يمكن للشعوب العربية، شأنها في هذا كشأن كل شعوب المعمورة، إلا أن تبقى محكومة بالأمل في أن يكون الغد أفضل، والرهان معقود على أن العام القادم سيحمل معه تغييرات إيجابية، لا يكفي العرب انتظارها بل يجب عليهم العمل من أجل تحقيقها في 2016.. وهذا ما سنتناوله باختصار في مقال قادم.
علميا يمكن وصف عام 2015م بحق بأنه عام اكتشاف الفضاء بعد الاكتشافات العلمية العديدة التي تحققت فيه، إلى جانب اكتشافات أخرى عديدة في مجال الحفريات والفيزياء، وسط تصاعد المخاوف بشأن تغير المناخ.ففيه حقق علماء الفلك انجازات كبيرة تمثلت باكتشافات مذهلة في مجال الفضاء والمجرات، كما نال كوكب المريخ والكوكب القزم بلوتو اهتماما مميزا.
في فبراير أعلن علماء الفلك اكتشاف ثقب أسود يعادل حجمه 12 مليار مرة حجم شمسنا.
وفي يوليو اكتشف تلسكوب الفضاء كيبلر الكوكب الأكثر شبها بالأرض، ويملك نفس حجم المدار حول شمس تشبه شمسنا، ونفس طول السنة الشمسية، لكنه أقدم وأكبر، وقد أطلق عليه العلماء اسم “كيبلر-452 بي”
وفي الشهر ذاته وصلت المركبة نيو هورايزونز إلى الكوكب القزم بلوتو بعد رحلة قطعت فيها 4.8 مليارات كيلومتر، واستغرقت زهاء عشر سنوات.
في أغسطس خلصت أبحاث فلكية شارك فيها علماء من عدة جامعات عالمية إلى أن الكون دخل في حالة من الموت البطيء تمتد على مدى مليارات قادمة من السنين.
في سبتمبر أكدت إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) اكتشاف أدلة على وجود ماء سائل مالح على سطح كوكب المريخ الأمر الذي اعتبر مؤشر على إمكانية أن يكون الكوكب مؤهلا لوجود حياة على سطحه.
وفي أكتوبر أكد علماء الفلك الذين يعملون على مهمة مسبار الفضاء روزيتا -الذي يدور حول المذنب 67بي- أنهم عثروا على أكسجين في السحابة الغازية التي تحيط بالمذنب، وكان المسبار فيلاي -الذي هبط على سطح المذنب في نوفمبر/تشرين الثاني 2014- غرق في سبات استمر سبعة أشهر قبل أن يستيقظ مرة أخرى في يونيو/حزيران 2015 لاستئناف عمله.
وفي نوفمبر احتفلت محطة الفضاء الدولية بمرور 15 عاما على بدء الحياة البشرية المتواصلةفي الفضاء والتي بدأت في الثاني من نوفمبر 2000 بثلاثة رواد فضاء: أميركي وروسيان.
في مايو عثر العلماء على حفريات لإنسان هومو (التي تشمل الإنسان الحديث) تعيد تاريخ الإنسان 400 ألف عام على الأقل إلى الوراء مما يُعتقد سابقا.
في يناير تمكن علماء إسكتلنديون من إبطاء سرعة الضوء في الفراغ.
وفي مايو أعلن العلماء عن اكتشافهم حالة جديدة للمادة أطلق عليها اسم “جان تيلر”، وقالوا بأنها قد تكون المفتاح لفهم أحد أكبر أسرار الفيزياء اليوم.
كان الاحتباس الحراري وتغير المناخ الشغل الشاغل للدول الأعضاء في الأمم المتحدة نظرا لأنه لا يؤثر فقط على الدول الغنية -الباعث الأكبر لغازات الدفيئة- ولكن لأنه قد يتسبب بآثار مدمرة على كافة سكان الأرض.
ففي مارس بدأت الطائرة “سولار إمبلز 2” -التي تعمل بالطاقة الشمسية- رحلتها حول العالم للفت الانتباه إلى الطاقة النظيفة، وقطعت شوطا كبيرا بحلول يوليو/تموز، لكن عطلا ببطارياتها اضطرها لتأجيل استئناف رحلتها للعام 2016.
تقنيا لقد تميز عام 2015 باحتدام المنافسة بين شركات التقنية على مختلف الأصعدة، وبعودة قوية لتقنيات كان يعتقد أنها ظاهرة مؤقتة، وبانتشار إنترنت الأشياء، والتقنيات القابلة للارتداء، فرسخت شركات من مكانتها وفقدت أخرى من قوتها.
لقد حققت تقنيات “إنترنت الأشياء” في هذا العام انتشارا كبيرا، وقد توقعت مؤسسة غارتنر الأميركية للدراسات والأبحاث أن يصل عدد “الأشياء” المتصلة بالإنترنت عام 2016 إلى 6.4 مليارات، أي بزيادة قدرها 30% عن العام 2015. وكانت المنافسة شديدة هذا العام بين الشركات المصنعة للأجهزة المتنقلة الذكية، لكن آبل حافظت على أدائها المتصاعد خلافا لمنافستها الرئيسية سامسونغ.
الا ان ذات العام شهد تزايد عدد الاختراقات وقرصنة الأجهزة ومواقع الإنترنت بشكل كبير ، وكان ذلك إما في إطار عمليات تخريب أو بهدف سرقة البيانات وكسب الأموال:
سيمضى عام 2015م بخيره القليل وشره الكثير النسبى الذى يختلف الاحساس به من دولة لاخرى وفقا لسلبيات احداثه عليها او العكس ..ولكن التطلع والتفاؤل بعام 2016 بأن يكون اكثر خيرا واقل شرا هو لسان حال وامنيات الجميع بلااستثناء .

رصد وعرض سعيد الطيب
الخرطوم 30-12-2015م (سونا)