الصادق الرزيقي

نحن والعالم .. عاصفة التغيير ..!


بدايات حلم..
> بدت صورة السودان في اليوم الأول من العام الجديد 2016م، وكأن بصيصاً من الأمل يندلق عليها يبدد قتامها وغبارها، فحديث السيد رئيس الجمهورية عن قضيتي السلام ووقف الحرب، والحوار الوطني، تحمل رغبة حثيثة ليس لدى الحكومة وحدها، إنما لدى كل الشعب في ضرورة صناعة واقع جديد. لابد أن تلجم فيه الحروب والنزاعات ويتحقق فيه السلام الشامل وتغلب لغة الحوار..
> لقد كان السودان طيلة الفترات الماضية يحتاج إلى إرادة حقيقية تستطيع مخاطبة المشكلات الوطنية وتشد العزم على إيجاد حلول لها وتجاوزها وجمع الكلمة والصف خلفها، ومن محاسن الحوار الوطني أنه خفف من لغة السياسة الحادة بين كل الفرقاء حتى المقاطعين والممانعين، وهذا تطور مهم للغاية، فاللسان تعبير عن الجنان، فكلما ارتقى الخطاب السياسي لدى الجميع وأصبح جوهره هو البحث عن حل والسعي الجاد من أجل الاستقرار وترميم الجدر الوطنية من التصدع وتجاوز أثقال الماضي عبر التحاور، كلما اقتربنا من دائرة الأمل الذي نفتقده ونترقبه وننتظره..
> خطاب الرئيس في ذكرى عيد الاستقلال الستين، لو تمعناه بعمق، فيه تشخيص دقيق للحالة السودانية، ووصفة علاج ناجعة تعيد الحيوية والشفاء والعافية لجسد الوطن الذي أنهكته الحروب والصدامات والمواجهات والاختلافات والتقاعس والتضييع والفشل.
عالم يتغير وينتظر..
> على غير العادة، حرص عدد من قادة الدول الزعماء والرؤساء من مشرق الأرض لمغربها، في ليلة رأس السنة وبداية العام الجديد، أن يقدموا بين يدي السنة الجديدة خطابات مهمة لشعوبهم وللعالم، فيها من التبريرات والآمال الكثيرة وتهدئة الخواطر وطمأنة الأفئدة مما سيأتي، وعالمنا يموج ويثور ويفور، فمن خطاب رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ اون، إلى عيني أنجيلا ميركيل المغرورقتين بالدموع، إلى عبارات فرانسوا هولاند يبدأ العالم مأخوذاً بتحولاته المتسارعة ومخاوفه وخشيته من العنف والإرهاب والهواجس والوسواس القهري الذي تصنعه أجهزة المخابرات ووسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني المحشو بالدعاوى والمعلومات والأكاذيب والمبالغات ونذر قليل من الحقائق..
> بقدر ما قرب التطور الهائل في مجال الاتصال بين دول العالم وشعوبه، باعد هذا التطور بين الإنسان والطمأنينة المطلقة والأمن النسبي المفقود. فبدلاً من أن يخرج زعماء العالم ليهنئوا شعوبهم بمقدم عام سعيد تشرق فيه شمس الأمنيات الطيبة، يخرجون إليهم بعبارات مرتعبة وأصوات متحشرجة، يحذرون ويتعهدون ويتوعدون عدواً كالشبح لا يعرف من أن سيقتحم ويدخل؟!.. وأين يضرب ضربته ومتى يغرس نصله؟..
> في العام الجديد 2016م، أشياء كثيرة في العالم ستتغير. في أي اتجاه..؟ لا أحد يعلم ..!
> فأوروبا الموحدة يترنح اتحادها..بات على مهب الريح.. لم تعد القارة العجوز قادرة للإجابة على أسئلة الحرية والديمقراطية والعملة الموحدة وتأشيرة الدخول الموحدة (شينغين)، وبدأت أوراق أوروبا اليانعة تتساقط في موسم الشتاء السياسي الساخن، مع اقتصاد منهار في منطقة اليورو لا تستطع ألمانيا وحدها أن تحمل أعباءه..
> في الولايات المتحدة انتخابات رئاسية هذا العام، حيث فقدت السياسة الأمريكية رشدها، وخلت قائمتي الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، من مرشحين على قدر كبير من الكفاءة والخبرة تمثل أملاً للأمريكيين، فأما أن يكون هناك أنموذج متطرف ومتعسف ومتخلف جداً مثل الملياردير العنصري دونالد ترامب، أو أنموذج للحيرة والتيه في بحر السياسة في حالة السيدة هيلاري كلنتون التي تحلم أن تكون أول امرأة رئيسة لأكبر دولة في العالم.
> أما الشعب الأمريكي الغائب في قضاياه الداخلية وتغيراته الديموغرافية والثقافية واللغوية.. فقد زادت انشغالاته المحلية بالأمن والكراهية والعنف وفزاعة الإرهاب والمسلمين لا يعرف الى أين يتجه!..
> أما العالم الصاعد كالصين التي صارت ثاني أكبر وأقوى اقتصاد في العالم، فإنها تدخل العام الجديد من بوابتين، الأولى اقتصادها المنطلق بسرعة الضوء، والثاني قوتها العسكرية التي بنتها في دأب ومثابرة وصمت، وأثارت مخاوف في جنوب شرق آسيا وفي الباسفيك، فالكل سيخطب ودها وفي مقدمتهم واشنطون، ولن ينته العام الحالي إلا وتكون قد وضعت أقدامها على سقف العالم توطئة لريادته وربما قيادته، وبينها والآخرين فقط الزمن..
> وتبقى روسيا التي تستعيد تاريخها القيصري تتحرك وأمام قادتها تجربة تدخلها العسكري في سوريا، ومن قبل معالجتها للأزمة مع أوكرانيا، صورة أقرب لإنتاج واقع دولي جديد ورسم ملامح روسية دولية، فالدب الروسي وهو يصحو من غفوته الطويلة وبياته الشتوي يبدو أكثر تصميماً على اقتناص زمنه وفرصته الى أن يفلتها من بين أنيابه ومخالبه، فأرجله في المياه الدافئة ربما تحفزه أكثر ليخوض في قضايا دولية ويبحث عن تحالفات تجعله يعيد توزان الطاولة الدولية.
> أما وطننا العربي المقسم المجزأ المبعض تبعيضاً، فلا أفق ولا حل ولا أمل ، سوريا محطمة، اليمن ممزق، والعراق يحترق، وليبيا دامية، ومصر كالبطة العرجاء، وفلسطين تسيل دماؤها مثتلما تجري دموعها أنهاراً..لا أمنيات ولا فجر يطل..