رأي ومقالات

المؤتمر الوطني اصبح بلا فكرة ولا اخلاص ولا ولاء للدين او الوطن


لا اعتقد ان اكبر مشاكلنا هو فساد شخصي لمسؤول اذا تمعنا في الامر …ولكن القضية هي فساد النظام نفسه…وانا اتكلم من ذات المنهج الاسلامي الذي اعلنت الانقاذ صادقة في بدايتها الانطلاق من منهاجه.

وانا استدل علي ذلك من نقطتين هامتين ..اصر منظر المشروع الحضاري ان يبايع رئيس الجمهورية عليها كافة الناس في كافة لقاءاته الجماهيرية اول الامر ..وارجعوا معي بالذاكرة الي تلك الايام ..فستجدون ان صيغة البيعة العامة هي نبايعك علي ان تقيم الدين كله فتبسط الشوري وتقيم العدل…لم يقولوا له التنمية ولا السلام …ولا اي بند فرعي اخر ..لان الشوري والعدل اساسآ لذلك كله…

لكن من بدلوا وجهة الانقاذ اقنعوا رئيسها بان مشكلة السودان تنمية وان الشعب لا يهمه ديمقراطية ولا تنظير سياسي ولا دستور وان الشيخ يصر علي مثاليات لا اهمية لها وانه يمكن ان تحكم الانقاذ الي الابد اذا دفعت مستحقات التنمية …وان الاحزاب لاجماهير لها…وكان البترول حينها وافرا ..وإلتفاف الجماهير حول الانقاذ كبيرا ..ونفرة المجاهدين للدفاع عن الوطن كانت عظيمة..فلم يتردد الرئيس عمر …فما ان طبق منهج الهوامين ونقض البيعة حتي انفض الناس من حوله وتحول اكثر المجاهدين نفرة الي اكثر الناس عداء فدفعت الدولة الغالي لحصرهم وسجنهم وقتلهم واضطرت للاستسلام لقرنق وفصلت الجنوب فذهبت اموال البترول وانفض الناس عن الانقاذ ووصمت بكل قبيح .. وماعاد هناك عيد ثورة ولا مواكب الا بدفع الكثير وقد فقدت الانقاذ كل ذلك البريق..والسبب هو ان التنمية لا تكون الا بتفجير الطاقات وهذه لاتكون الا باحساس الجميع باحقيتهم في بلدهم وباشتراكهم في قضيته ..وهو امر لا يتم الا بالتراضي السياسي الذي تحققه الشوري التي هي اهم ركائز النظام السياسي الاسلامي والتي لها سورة كاملة في كتاب الله..وقد وضحت في السيرة في وضع الدستور بالتراضي وفي اشراك الجميع فيه حتي اليهود واعتبار كل مواطني المدينة امة من الناس..وبالتالي يشعر الجميع بانهم اولاد بلد …والحق حقهم فلا داعي لحمل السلاح …هذا الفهم المتقدم هو ما سيسود في العالم مع بعض التحوير تحت مسمي الديمقراطية..البند الثاني هو العدل وهو يعني اننا جميعا اهل السلطان فالسلطان مع الحق القانوني الذي يحكم به قضاء مستقل فلا قانون خاص باسم الامن ولا حصانة لاحد ولا حتي للامير نفسه ..هذا المبداء سيسمي بمبدأ فصل السلطات ..ايضا اقام للاسلام نظام الولايات وهو نظام يمكن الحضارة الاسلامية من ان تتمدد شرقا وغربا ..وكل ولاية لها نظمها وقادتها ..وهذا سيسمي بالحكم الفدرالي ..كل هذا اقرته الانقاذ ومضت فيه بقوة وكل ماتفخر به الانقاذ الان هو من بركات تلك الايام …التي تفجرت فيها الطاقات وبقليل من الصبر كان السودان سيحقق جوهر هذه المعاني باقامة دستور حقيقي وانتخابات حقيقية يشهدها الجميع ويتراضي فيها الجميع…لكن كبير الهوامين …وقف حجر عثرة .. فمشت البلاد الي الهاوية ولم يعد هناك منهج وبدل الانقاذيون السادة بسادة جدد لا تاريخ لهم ولا رحمة ولا طائفة حتي..صار كل شيئ حكرا علي حزب واحد بل مجموعة صغيره في ذلك الحزب وتراجعت الفدريالية بقبض الشوري يتم فرض الوالي مركزيا او يشاور قلة في الحزب الذي اصبح بلا فكرة ولا اخلاص ولا ولاء للدين او الوطن مجرد صنائع واتباع للسلطان ..هنا ارسلت الحكومة رسالة مفادها .. لا تختلف معنا ..واذا اختلفت فلن تجد لك مكانا في البلد ..وانت ماود بلد الا تكون معانا…وسدت كل الطرق الا طريق قرنق فالحكومة لا تفاوض الا مسلح له دعم خارجي…اي انها تشجع علي الحرب وعلي العمالة … وماتزال تعطي الحكومة الاوزان بقدر كمية السلاح ..اي انها لا تفاوض من منطلق فكري وديني بل مضطرة .. كل هذا فساد في الارض باسم الدين للاسف .. ويحرسه مهاويس بالسلطة بحد السيف والسنان وبمر اللسان استقواءآ بالسلطان … وياليتهم قرأوا لشيخهم الترابي نفسه كتاب المؤمن بين الوجدان والسلطان…حتي لاينتفشوا فالسلطة ظل ذائل…ولا تعجبك اموالهم ولا اولادهم …ولا تمدن عينيك الي ما متعنا به ازواج منهم…

بقلم: امام عكاشه


تعليق واحد