مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : قائد التمرد عبر (الإذاعة) محتفلاً


> نعم.. هي إذاعة أم درمان كانت تحاور بالأمس رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم .. شقيق خليل إبراهيم حول الذكرى الستين للاستقلال.
> ورئيس حركة العدل والمساواة كان يذكر من حملوا السلاح بطريقة تفهم منها أن حمل السلاح كان لضرورة استكمال الاستقلال الناقص في نظره.
> وكم من ذكرى للاستقلال مرت قبل وبعد تكوين حركة العدل والمساواة.. أو قل قبل وبعد تكوين حزب المؤتمر الشعبي المغرم الآن بالحوار الوطني.
> لكن ما جعل الحركة المتمردة على مستوى القيادة تحتفل مع الحكومة عبر أثير إذاعة أم درمان بكلمات رئيسها جبريل إبراهيم، هو انتصارات القوات الحكومية في الميدان عليها.
> الذكرى الستون للاستقلال حلت على البلاد في أجواء الحوار الوطني الباردة جداً.. فبعض المهزومين من المعارضين في الساحة السياسية سارعوا للاستدفاء من أيام الهزيمة الباردة بالحوار الوطني الدافئ داخل قاعة الصداقة.
> وبعض المهزومين من المتمردين في الميدان فعلوا مثلهم.. والسبب انتصارات الجيش. الجيش الذي أدهش دول الاستكبار التي ظن إنه من خلال دعمها للتمرد سينهار مثل ما انهارت جيوش عيدي أمين ومنقستو وحسين هبري والقذافي.
> فقد ظل الجيش السوداني يحمي ويدافع بمهنية عسكرية عالية بعيدة كل البعد عن الانحياز القبلي والقيم العنصرية البغيضة والاحتكارات الأسرية الخبيثة مثل التي كانت في ليبيا ايام القذافي.
> ولا يمكن طبعاً أن يأتي بعض المعارضين والمتمردين إلى الحوار الوطني ويحتفل بعض الأخيرين عبر إذاعة أم درمان مع الحكومة بالاستقلال والجيش في ضعف وانهزام.
> فالمعادلة سواء في الميدان أو الساحة السياسية يؤثر عليها بقوة الجيش القوي بإعداده ومهنيته وذكائه. وخاصة في بلد إفريقي مثل السودان مفتوح من كل الاتجاهات على دول تستهدف مواردها دول الاستكبار يكون في أشد الحاجة لجيش بهذه المواصفات.
> حركة العدل والمساواة بعد أن انهزمت في الميدان وهمشت في حلف الجبهة الثورية واستطاعت أن تستفيد من دعم القوى الدولية ورأت أن ليبيا ستكلفها أكثر مما ستفيدها لم يبق أمامها خيار غير أن تغتنم مثل حزب الترابي فرصة المشاركة في الحوار الوطني.
> ويبدو إنها ستأتي إليه ببوابة مشاركتها عبر الإذاعة السودانية في احتفالات البلاد بالاستقلال.
> والحوار الوطني طبعاً ليس فيه من جانب ممثلي الحزب الحاكم محاسبات للمتمردين في تمردهم.. لماذا تمردوا وحملوا السلاح ضد الدولة؟.
> وماذا يمكن أن يحدث بعد عودتهم عبر حوار ينتهي إلى مخرجات أو تفاوض ينتهي إلى اتفاق (محاصصة وامتيازات)؟.
> فأنتم ترون ماذا حدث بعد التوقيع على اتفاقية اسمها اتفاقية السلام الشامل.. وكان قد فرض على الحكومة أجندة التفاوض قبلها رجال البيت الأبيض الأمريكي.
> ما حدث هو أن رجال البيت الأبيض بعد أن أجلسوا أو جلَّسوا – بتشديد اللام المفتوحة – الحكومة السودانية في كرسي التفاوض مع حركة قرنق بعد انهزامها وانكسارها بقوة وعزيمة الجيش السوداني.. أن رجال البيت الأبيض عادوا ودعموا بعد انفصال الجنوب الحركة الشعبية لتستأنف التمرد في الجنوب الجديد.
> وكان عرمان يهدد تلميحاً باستئناف التمرد مما سماه الجنوب الجديد.. فكأن عناصر واشنطن وإسرائيل اجتمعوا بهم في الحركة الشعبية وأعدوا لهم جدول التفاوض والوصول إلى اتفاقية نيفاشا لانفصال الجنوب، ثم استئناف التمرد في الجنوب الجديد.
> فاتفاقية نيفاشا كل قيمتها أنها كانت التفاف حول انتصارات الجيش السوداني وملافاة لإبعاد جنوب السودان حينها من سيطرة وسيادة الحكومة السودانية عليه بعد أن انتصر الجيش على التمرد ودحره دحراً.
> لكن مثل حركة العدل والمساواة وحركات دارفور الأخرى، لن تحظى بهذا الذي حظيت به حركة قرنق.. لأن القوى الأجنبية تفهم أن قرنق يمكن أن يمثل الجنوب ضد الشمال مستفيداً من موروث الاحتلال البريطاني رغم فظاعة الكراهية العنصرية والتناحر بين القبائل الجنوبية، لكن كل حركات دارفور مجتمعة لا يمكن أن ينظر إليها بأنها تمثل دارفور.
> وحركة العدل والمساواة هي أصلاً لم تتكون لتمثيل دارفور وتبني قضية باسمها.. فقد سبقها على التمرد هناك حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد ومناوي وغيرهما والآن كل منهم يقود حركة بعد أن بدأت الانشقاقات بانسلاخ مجموعة مناوي عن الحركة الأم بقيادة عبدالواحد.. وهي الأضعف الآن تقريباً.
> إذن.. تغذية الحوار الوطني ببعض الأحزاب المنهزمة سياسياً وبعض الحركات المنهزمة عسكرياً كانت بانتصارات الجيش السوداني.
> كل الشغل في الداخل بانتصارات الجيش السوداني.
وإن شئت تخيل خيالاً أن حال الجيش الآن مثلما كان قبل ربع قرن.. وأن المتمردون يسقطون منطقة بعد منطقة، كما كان قبل هذه المدة.. وأن المعارضة تزغرد لانتصارات التمرد وتتفاءل بقرب سقوط الحكومة لتبدأ اسطوانة حكومة انتقالية وحكومة منتخبة وانقلاب عسكري .. ترى هل كان الحوار الوطني سيجد هذه التغذية المشاركية؟.
> هل كان سيشارك حزب الترابي ويخذل الحزب الشيوعي البائس الفقير فكرياً ومعرفياً؟.. هل كانت ستعود تراجي (أنثى العام 2015م) وتشارك من داخل حوش القصر الجمهوري في احتفالات الذكرى الستين للاستقلال متزينة بالحناء السودانية؟؟!
> إنها انتصارات الجيش وروافده.. جعلت الذكرى الستين في أجواء الحوار الوطني يشارك في الاحتفال بها مع الحكومة خصومها المسلحين والملسنين.
غداً نلتقي بإذن الله…