داليا الياس

الصلات الطيبة


المواقف تكشف معادن الرجال.. والأوضاع تعرفك على سياسات الدول.. والعروبة تتنزل لأرض الواقع كوقائع بعيداً عن الشعارات الرتيبة التي نتداولها منذ الأزل حالما تعلق الأمر بدولة (قطر) الصديقة والشقيقة وأميرة الدول العربية.
وكل الدلائل تشير بوضوح لما ذهبت إليه حالما استعرضنا ولو على عجل نسبة المساهمات الإيجابية التي قامت بها في معظم دول المنطقة العربية والإسلامية.. والأمر بالضرورة لا يخضع لكونها دولة غنية فحسب.. ولكنها تتمتع إلى جوار الإمكانيات بالنوايا الطيبة والحكمة في النظر للأمور والأهداف النبيلة من أجل قيام كيان عربي قوي ومتكاتف يبز أعتى الحلفاء.
إن ما قدمته (قطر) مؤخراً لدارفور العزيزة جدير بالانحناء ورفع القبعات.. عطاء جزيل.. مشاريع محورية.. سرعة في الإنجاز.. والعمل في صمت دون رغبة في توظيف الأمر إعلامياً لأغراض المن والتعريض والمباهاة.
قرى نموذجية.. سقيا.. تعليم.. صحة، وغيرها من ضروريات الحياة تعيد بها مؤسسات قطر المختلفة نبض الإنسانية لجسد إنسان دارفور المظلوم.
ثم تأتي مؤسسة (صلتك) الإقليمية لتمنح كل ذلك النبل بعداً جديداً يحمل الأمل لنحو 43 ألف شاب سوداني يمكنهم ببساطة أن يتحولوا بين ليلة وضحاها من الوقوف تحت خط الفقر إلى مستثمرين شباب قادرين على القفز بزانة الطموح فوق حواجز العوز حتى يبلغوا حد الاكتفاء، ثم يتحولوا بإذن الله لمصاف المانحين بإعانتهم لآخرين.
ولايتا شرق دارفور وكسلا والبنك الزراعي السوداني تشرع في تشكيل تحالف استراتيجي مع (صلتك) لدفع عجلة التدريب والتمويل بالبلاد وفتح الباب على مصراعيه أمام الشباب لولوج مجال المال وريادة الأعمال والتوظيف.
(د.وليد أسد شيبون) مدير تطوير المشاريع التنموية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ورجل (صلتك) الحثيث الذي فقده السودان بكل المقاييس رغم كونه يحمل جينات سودانية خالصة ممزوجة بالعلم والمعرفة والتميز، حط رحالة أولاً على أرض الوطن ليمهد الطريق للمبادرة ثم هبطت من بعده طائرة (المهندس/ محمد النعيمي) المدير التنفيذي لـ (صلتك) الإقليمية في مطار الخرطوم لأقل من 24 ساعة كانت كافيه لتغيير واقع الشباب السوداني حالما تم إنفاذ الاتفاقيات التي أتي خصيصاً للتوقيع عليها، كما يجب من قبل المعنيين في البلاد! والرجل – لمن لا يعرفه – عالم من الدماثة والبساطة والوقار والنبوغ يمشي على قدمين.. يلتقيك بشوشاً مستبشراً متقد الذكاء، حاضر البديهة بحيث يمكنه أن يحول مجرد تجاذب قصير لأطراف الحديث إلى أفكار ومشاريع ومقترحات يملك دائماً القدرة على إنفاذها.. يتمتع ببعد نظر كبير ويتسم بالعدل والموضوعية.. ويدير بحنكة واقتدار تلك المؤسسة العملاقة.
و(صلتك) التي تنداح في أكثر من 14 دولة من دول المنطقة، التي نجحت أخيراً في إبرام اتفاقيات ذهبية في (جزر القمر) بمعاونة (المملكة العربية السعودية).. تمنح السودان القدح المعلى من حيث الكم والكيف.. وتحرص على أن تجعله دائماً على رأس قائمة الأولويات لما يتمتع به من مزايا تحتاج فقط للتفعيل.. ولما تكنه تلك المؤسسة للسودانيين من محبة وتقدير.. علماً بأن واقعها الإقليمي لا يخضع لأي تأثيرات سياسية، فالتوصيات التي أصدرتها صاحبة السمو الشيخة (موزا بنت ناصر) واضحة وغير قابلة للنقاش.. العرب أينما وكيفما كانوا ومهما كان اختلاف وجهات النظر بين بلدانهم وبين الحكومة القطرية لهم الحق في التمتع بمزايا وخدمات (صلتك) التي قامت من أجل خلق واقع عربي نبيل ومغاير تحفه الصلات الطيبة ويميزه التعاون سعياً نحو حياة جماعية كريمة لا مكان فيها للحاجة وضنك العيش.
الآن.. تتحرك الكرة في ملعب الموقعين من السودان.. فنرجوهم أن يقلعوا عن التلكؤ المعتاد، ويشرعوا في اغتنام هذه السوانح الذهبية، واضعين مصلحة البلاد والعباد قيد النظر.. فالمؤسف أن الكثير من الخير الوفير يضيع غالباً بين الأضابير بسبب المماطلة والتسويف والمسالك الغريبة التي تعبر بوضوح عن اللامبالاة، وتحتاج لصحوة ضمير كبرى لتفعيل تلك الصلات الطيبة التي تبادر بها صلتك، قبل أن تصاب بالإحباط، وتفر خارج حدود البلاد، مثلما فرت من قبل الكثير من الجهات الداعمة، ومن قبلها الكوادر السودانية المؤهلة التي دفعها جحودنا وأحقادنا وانصرافيتنا للتحول لإنفاذ أحلام شعوب أخرى، بينما نرزح نحن تحت طائلة الأوهام.
تلويح:
أعتقد أن هذه الاتفاقية يجب أن تبارح المكاتب وتتحول لاتفاقية رأي عام للشعب الحق في الحفاظ عليها وتفعيلها.