هيثم صديق

رفع القناع


سمي المقنع الكندي بذلك لأنه كان يخفي وجهه مخافة العين، فلقد كان جميل الوجه ولعلها وصية والدته أو أمرها له، فالرجال أبعد عن هذا خصوصا وأن التاريخ قد حكى أنه كان بطلا مغوارا والأبطال أبعد الناس عن هذا اللهم إلا في أفلام بوليوود وهوليوود..
واللثام كانت قد اتخذته خولة بنت الأزور شقيقة ضرار الأسير وقصتهما مشهورة، واللثام والقناع لم يبرحا الإنسان أبدا محاربا أو مسافرا أو متقيا لبرد أو حر.. ولكنه أيضا ترتديه دول ومؤسسات وجهات ومنظمات من بينها بلا جدال ما يتبع للأمم المتحدة بلا خوف من الوقوع في شرك المؤامرة الدولية فهي أمر واقع وبيّن.
آخر قناع سقط بالأمس القريب بعد إعدام السعودية لقرابة الخمسين من المتهمين بالإرهاب كان يمكن أن يمر الأمر مرور الكرام لو لم تكن اللستة تضم النمر النمر وهو شيعي من القطيف.
خاضت السعودية حربا ضد الحوثيين في اليمن بتحالف عربي سني وحاربت إيران مع الأسد بمعية حزب الله في سوريا ضد المعارضة السنية وكل هذه الحروب كانت مقنّعة بمساعدة دول حليفة.
إلا أن الأمر انجلى بالأمس ووضحت الرؤية وأميط اللثام وسقط القناع عن عنوان الصراع القادم.
مع الأسف سيكون سنيا شيعيا، فلقد أحرق إيرانيون سفارة وقنصلية السعودية في طهران وخرج نصر الله يدين وخرج الحريري يوضح له أن النمر سعودي لا إيراني.. ونددت دول بحرق السفارة وأخرى بالإعدامات.. بالنظر للإسلامية منها فإن المندد بالحرق سنة والمندد بالإعدام شيعة.. وهذه آخر مرحلة يصل إليها الصراع السني الشيعي في العالم الإسلامي. وبانت تماما المعسكرات ولم يعد هناك غباش في هذا.
في ما يلي السودان فإنه قد فارق معسكر إيران منذ إغلاق الحسينيات والانضمام من بعد ذلك إلى عاصفة الحزم والرجوع إلى محيطه العربي السني، فعلاقة السودان بإيران كانت غريبة فالسودان الذي ناصر صدام عدو إيران الأول لم يجد الا إيران من بعد ذلك ولقد أثبتت الأيام أن وقوف السودان مع العراق كان هو الأفضل وهو ما كان ينبغي أن تكون عليه كل الدول السنية على الأقل.
لم يعد الصراع المذهبي الطائفي خافيا ولا مستترا ومن يتابع الميديا يجد ذلك الصراع.. والسودان الذي أصبح جزءا من هذا الصراع في ظل هذه الأوضاع المنذرة بالخطر سيدفع كلفة انتمائه هذه المرة كما دفعها سابقا.. ولكنه هذه المرة سيكون في الجانب الصحيح بأكثر من المرة السابقة التي كان موقفه فيها صحيحا في توقيت خاطئ.
لم تفك أمريكا الحظر عن تصدير نفطها اعتباطا، فهي تريد أن تزرد الأنشوطة على حلق الشرق الأوسط كله لإعادة تقسيمه وفق ما تريد، لولا أنها قد يحيق بها مكرُها هذا لما انفك العفريت الذي صنعته عن سيطرتها فبدأ في تهديدها.
القرائن تقول إن الحلف السني هذا هو من سيجلب النصر الإسلامي فإيران ترفع قضية القدس خدعة كما يبدو.. الأيام القادمة حافلة بالكثير والسنوات القادمة حافلة بالخطير.. ومع ذلك لابد من مشرط لإزالة القذى.