استشارات و فتاوي

هل هذا يعتبر تزويراً إن فعلته عن غير قصد؟


فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، أرجو عرض الفتوى على الشيخ/ عبد الحي يوسف وجزاكم الله خير الجزاء
• لديَّ مشكلة صغيرة في وصفها كبيرة في إثمها تحتاج لفتوى عاجلة حتى يرتاح الضمير إن شاء الله تعالى.
• لم أنتبه حين فعلتها أنها خطأ وانتبهت في اليوم التالي بعد تمامها.
• المشكلة تتمثل في أن الجهة التي أعمل لديها كنا قد طالبناها بزياداتنا في الرواتب، وخصوصاً أن الخمس سنوات المفروضة من آخر زيادة للمطالبة بزيادة جديدة قد حانت، طالبونا ببعض الأوراق والتي تثبت أن الغلاء استشرى في البلد وما إلى ذلك، موظفين اثنين اجتهدا في الإتيان ببعض الأوراق، وتبقت ورقة ولكن بتاريخ سنة مضت ومضمونها لا يسهل في إتمام المهمة، نظراً لأن ما مكتوب فيها لا يخدم ما نريد بالشكل المطلوب، سألوني هل تستطيع أن تضيف لنا فيها بنوداً، قلت أكيد، قمت باقتطاع الترويسة للورقة وكذلك التوقيع الممهور أسفلها باسم المسئول، وووضعت نقاطاً أعطيت لي بدلاً عن النقاط بالورقة الأصلية، وطبعتها وصورتها وصارت كالأصلية، وإلى هنا وأنا مبتسم بهذا الإنجاز.
• في المساء، وفي طريق العودة مرت بي عربات تحمل ميتاً نسأل الله أن يرحمه، فجأة وكأني أفيق من سبات، اقتحمتني أحاسيس الخوف من الله، ما فعلته اليوم إنما هو تزوير، ولا جدال في هذا.
• جراء هذه الأفكار في اليوم التالي ذهبت للموظف الذي له القدح المعلى في عملنا، حيث كل التعاملات والإجراءات تمر عبره وأخبرته بما أحسسته، وما رأيه؟ قال لي: “أنا شايف طالما دي لصالح الموظفين التعبانين ديل فما فيها حاجة، وبعدين هم أساسن ما حيقروا الورق دا، وهم بطالبونا بالحاجات دي على أساس التعجيز يعني وللا شنو، وبعدين دا حقنا، ودا مال عام، نحنا ما شايلين شيء ما حقنا ولا من جيب زول محدد”، وطلبت منه أن يستفسر لي من شيخ ووعدني، مع أني أدرك انه لن يفعل. مع ملاحظة أنه صوفي، لذا لم أكترث كثيراً.
• سألت موظف الحسابات فقال لي: “هم ليه بعملوا كدا، بعجزوا فينا يعني، بناء على كلامهم الزيادات تستحق في تلات حالات: إما تمر خمسة سنة، أو تجي زيادات للمنظمات والجهات الزينا التانية، أو يحصل غلاء في المعيشة، واحنا مع حصول ارتفاع الأسعار مرتين ما طالبناهم بشيء، وانتظرنا الخمسة سنة دي تتم، بعدين مفروض هم براهم يدونا حقنا مش نقعد نشحدهم، واحنا ما عندنا أبسط مقومات الحاجات العامة لأي موظف، لا عندنا تامين اجتماعي لا تأمين صحي، بس ما بفتيك، الله اعلم”. عليه سكت عنه.
• أحد من يعملون معنا ملتزم، فسألته واهتم بالأمر وسأل شيخاً يثق به، وأجابني بأن الشيخ أخبره أن أتوب وأني إن فعلت ما أريد بإبداء الأمر فسيكون الضرر أكبر، حيث يمكن أن يتعداني، وبالفعل كنت أريد أن أرى الفتيا لأعرف هل ألتزم الصمت أم أخبر المسئول؟ وهل سأقوم بإخباره بنص الأمر أم أنني سأحمله على عاتقي، كنت أدرك أن نتيجة المنطق تقول الفصل، ولم أرد لأتسبب بفصل أحد خلافي، المهم أن كلام الشيخ أن أتوب وأن درء الضرر مقدم على جلب المنفعة أو هكذا قاعدة فقهية لا أذكرها تحديداً، وهنا ضرر قد يترتب عليه ضرر يتعداني أنا.
• وهنا أقف لأرى رأيكم الصريح في هذا الأمر.
• ملحوظة: الجهة التي أعمل عليها هي سفارة دولة.
هل يدخل ما فعلته في قائمة شهادة الزور؟ هل إن جاءت هذه الزيادات تكون حراماً علينا؟ (وقد جاءت) هل تحرم كلها أم فقط تحرم الزيادة؟ هل يصبح راتبي ملوثاً؟ هل الموظفون من لديهم أولاد سيكونون هم وعوائلهم على ذمتي؟ وجزاكم الله خير الجزاء

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فأسأل اهور تعالى أن يطعمك حلالاً ويستعملك صالحًا، وأن يباعد بينك وبين الحرام كما باعد بين المشرق والمغرب، ولا شك أن المسلم مأمور بأن يتقي الله في مكاسبه وأن يرعى حق ربه فيما يأتي ويذر، وجواباً على سؤالك أقول:
أولاً: ما قمت به من تزوير تلك الورقة ما كنت بحاجة إليه، فإن الغلاء الذي عمَّ وطمَّ لا يحتاج في إثباته إلى أوراق، وكان حرياً بك وبأولئك الموظفين معك أن تتبعوا الإجراءات الصحيحة التي توصلكم إلى مبتغاكم.
ثانياً: ما دامت اللوائح تنص على استحقاقكم الزيادة بعد مدة معينة أو حال غلاء المعيشة فالتزوير الذي قمتم به لا يترتب عليه كبير شيء، سوى أنه يخالف الناحية الإجرائية.
ثالثاً: ليس مطلوباً منك أن تفضح نفسك ولا أن تشي بزملائك فتجلب لك ولهم الضرر، بل عليك التوبة إلى الله عز وجل مما كان، ونصح زملائك كذلك بأن يتوبوا إلى ربهم، وأما الزيادة التي حصلت فليست حراماً عليكم ولا على عائلاتكم، والله الموفق والمستعان.


‫3 تعليقات

  1. السلام عليكم
    الشيخ الجليل عليك مراجعة هذه الفتوي

    مع الاحترام

  2. lمع إحترامنا للشيخ راجع فتواك إنك تجد العذر للنصب. طلب الزيادة ليس بالتحايل