الطاهر ساتي

شكراً للحرامي ..!!


:: عندما يفرح منافسك بالتعادل، فأعلم أنك البطل..هذه من قواعد الرياضة، وربما الحياة.. ومن حق الشرطة – وكل السلطات – أن تفرح بإسترجاع الذهب المسروق من محلات مسك الختام بأمدرمان ثم بالقبض على السارقين خلال (24 ساعة)..ولكن عندما يتجاوز هذا الفرح حدود اللامعقول ويصبح مهرجاناً – سياسياً وإعلامياً – فهذا يعني أن القوم يفرحون بالتعادل، وهذا ما لا نرضاه للشرطة..فليكن الفرح في حدود المعقول حتى لا يبدو الأمر للناس كأن الشرطة ( ما صدقت).. ولاتنسوا أن هناك جرائم أخطر و أقوى تعقيدا قد وقعت في أرجاءهذه البلاد وعاصمتها، وكشفتها الشرطة و فكت طلاسمها و قبضت جناتها وقدمتهم للمحاكمة بمنتهى الصدق والإخلاص و ( الهدوء)..!!
:: و نعم الشرطة لا تمنع وقوع الجريمة في كل الأحوال ..هناك جرائم تحدث في كسر من الثانية، وكل شرطة الدنيا لو تمت توزيعها على كل أهل الأرض فإنها لن تمنع وقوع كل الجرائم.. وليس من العقل أن يقف شرطياً في كل متر مربع أو أن يكون لكل مواطن شرطي يحميه من الجريمة أو يمنعه من ارتكابها..ولذلك، لم يكن مخطئاً من وضع للناس والحياة شعار (الأمن مسؤولية الجميع)..وللأسف، وبدليل بعض تفاصيل هذه الجريمة، نحن – المجتمع السوداني – لم نرتق بمفاهيمنا إلى شعار (الأمن مسؤولية الجميع)..بل لازلنا نتكئ ونراهن على الشرطة فقط بمظان أنها المسؤولة الوحيدة عن تأمين أرواحنا وأموالنا، بدليل أن محلات مجمع الذهب بلا (حراسة خاصة) وبلا (جرس إنذار) وبلا (إضاءة)..!!
:: فالحس الأمني في المجتمع أوهن من بيت العنبكوت.. بالدول الغربية- ذات العدة الشرطية والعتاد الأمني – يستخدم أي مواطن حسه الأمني ويتصل بأقرب مركز شرطة إذا رأى منظراً غير مألوف أوغريباً في الحي..و لكن هنا في السودان : (ياخ ده زول مجنون ساي، أنساه)، هكذا نقابل المناظرغيرالمألوفة وشخوصها..أما في حال أن تشاهد غريباً يتلفت حائراً أمام منازلنا ومتاجرنا، فليس لنا من الحس الأمني غير : ( يا زول حبابك ألف، اتفضل اتفضل، البيت بيتك، حرم تتعشى حتى توريني إنت كايس شنو).. وأحيانا نتمادى في الغفلة : ( ياخ بيت معانا، وصباح الله بخيرو)..هكذا ملامح ( حسنا الأمني)، ومجتمعنا يحتفي بهذا الحس ثم يضعه في قائمة (قيمنا السمحة)..!!
:: المهم، نحن لا نساعد الشرطة في التأمين إلا بقدر ( يا ولد إتكل الباب بالحجر)..ولكن كشف التجار أن بطرف الشرطة قائمة أسماء وتلفونات أصحاب محلات الذهب، وكان من الأفضل أن يتصل الضابط المناوب – قبل التصديق للسارق – بالرقم المكتوب في القائمة، وهنا يحق لصاحب محلات مسك الختام أن يسأل حائراً ( أنا إسمي مكتوب؟)..ثم قال التجار بالنص : ( نسعى لأن تكون هناك كاميرات مراقبة)، و ( لابد من وجود الإنارة)، و( السماسرة يتكدسون ويخلقون الفوضى)، هكذا حال المجمع على لسان تجار الذهب .. أخيراً، أي بعد حادثة محلات مسك الختام، فكروا في الكاميرات والإنارة وعدم الفوضى.. وعليه، رب ضارة نافعة.. شكراً للحرامي على تنبيه قسم الشرطة بأمدرمان إلى وجود قائمة أسماء وهواتف التجار، وتنبيه التجار إلى التفكير في وسائل التأمين المساعدة.. !!