منى سلمان

بخيتة والبلكونة


من عادتي في كل صباح اثناء ممارستي لرياضة المشي الصباحي بين شوارع المنطقة ان اغير من مساري يوميا .. استكشافا لبراحات جديدة وقتلا للروتين بالاضافة لشيء لحظته وهو ان تغير المسار يوميا يقيني شر المتربصين والمعاكسين الذين قد يتخذوا من الطرقات مجالس لهم .. ولكن لهذا التغير فائدة ايجابية اخرى فعادة ما اصادف ربات البيوت في حراكهم اليومي لشراء متطلبات البيت فيسالمني بعضهم ويرمقني البعض بنظرات فضول تحمل سؤال (ماشة وين وجاية من وين) ..
حسنا يا جماعة ذاك كان مجرد مدخل لموضوع حساس انوي تناوله بعد الاستعانة على الشقاء بالله وهو تعامل الجنس اللطيف من ربات الخدور مع الطريق وغربائه من العابرين والباعة الجائلين .. فلا اذكر انني مررت يوما بالطرقات الا وصادفتني صور متعددة لـ التعامل باهمال مع الشارع ومن ذلك ..
كم وكم صادفت امهات شابات يخرجن مع اطفال المدارس ورياض الاطفال لمراقبتهم لحين وصول سائق الترحيل وكل ما عليهن من ملابس ثياب النوم أو جلابيب الهزاز تلوح من تحت التوب المكرفس الملفوح كيفما اتفق والتي تتيح فرجة مجانية لذوي العيون الطائرة التي تبحث عن مثل هكذا ثغرات ..
اكاد اجزم بأن بائعي اللبن الذين يجوبون طرقات الاحياء صباحا هم اكثر من يستمتع بتلك العروض الصباحية المجانية .. عبرت ذات صباح بجوار عربة بوكس يحمل فيها اللبان براميل اللبن .. ركن سيارته بين شارع الاسفلت والبيت الذي توقف فيه ثم اطلق البوري اعلانا لوصوله وكان الشارع مليء بالسيارات المسرعة والرصيف ضيق فاضطريت لان اعبر من المسافة الضيقة بين البوكس وباب البيت .. وما ان حازيت الباب حتى فتح وخرجت منه امراة شابة يبدو انها حديثة الزواج تحمل الحلة بين بيد وتحاول ان تتحكم في ثوبها الذي ابى الا ان يعاند وينزلق بفعل ملابس النوم الحريرية تحته .. حييتها وعبرت من امامها مسرعة وقد عبقت المسافة بيننا باريج عطر نسائي تقليدي صارخ ..
سبحان الله تلبستني حالة مستعصية من الحسكنة جعلتني افكر جادة في العودة بعد مغادرة البوكس للزوجة الشابة لاناصحها بكلمة حق عن بهجة الشوف والشم المجاني الذي تهبه لـ سيد اللبن وعابري الطريق ولكن مخافة الشبك وشي من تلبيس ابليس جعلتني اواصل طريقي وانا احاول اقناع نفسي بما غناه المتسابق السوداني الطيب في (the voice) .. (انا مالي ومالو .. انا مالي ومالو) !!
وحسنا اخرى يا جماعة لعلنا نذكر ذلك الاعلان المنتج في مصر لصالح احدى شركات البوهيات قبل سنوات والذي اثار اللغط لتصويره ربة المنزل السودانية بصورة المرأة الفضولية الحاسدة الراصدة لجيرانها .. وعن بخيتة الوقعت من البلكونة فقد قال احد الظرفاء (هي بخيتة ذاااته شقية الحال لقت البلكونة وين عشان تقع منها)؟!!
فطبيعة الابنية ورصة البيوت عندينا تجعل البلكونات وثقافة التعامل معها استثناء، لذلك نجد ان (البعض) والبعض تعني القلة القليلة يا نسوان نقول ان بعض ساكنات الشقق يتعاملن مع البلكونات تعاملهن مع الحيشان وفي الحيشان حوش الحريم الجواني الذي لا يحلم برؤية الجالسات فيه رجل من غير المحارم ..
من بين حوامتي بين الطرقات كنت اسير في الصباح الباكر على شارع جانبي ينتهي بشكل حرف (تي) بشارع رئيسي عريض .. وكانت في مواجهتي على مفترق الطرق عمارة سكنية فيها بلكونات مكشوفة مسوره فقط بسياج حديدي تطل على الطريق العام ويمكن رؤيتها بوضوح لكل القادمين من الثلاث جهات .. رفعت راسي اثناء سيري برهة اتأمل جمال التصميم الهندسي للعمارة لتصدم برؤية امراة عظيمة الضرعات فخيمة البطن منفوشة الشعر بـ جلباب منزلي خفيف تحمل كوب به ماء قامت بـ سكبه على وجه احد ابنائها النائمين في البلكونة وهي تصيح عليه بأن يقوم سريعا !!
مخرج:
يا بخيتة بت أمي اوعي بالك .. البلكونة تتبع جغرافيا وفقهيا للشارع !!


‫2 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا يا أستاذة فقد اوعظت اذا ما وجدت الاذن الصاغية ،،