حسين خوجلي

وريقات قديمة من أزمات لا تقدم!!!


* حذروه مراراً من الشفافية والعقلانية والوطنية.. ولكن المسكين لم يسمع كلاماً لأحد أو نصيحة.. جاءت إليه خطيبته تستعجل الزواج، فأهدى لها كل المهر والهدايا والذهب ومؤخر الصداق. وكتب بطاقة أنيقة يعتذر فيها: «ابحثي عن زوج آخر، فإن الحاكم العربي والواقع العربي والقنوات العربية والشعراء الجدد لم يتركوا لي الحد الأدنى من الفحولة»!!.

* إنها لا تحتاج أبداً لجنة رجل واحد فقط وأسئلة صعبة.. من فصيل: هل هنالك محاضرون أكفاء؟ هل هنالك معامل؟ هل هنالك ميزانية؟ هل هنالك مناهج وخطة؟.

إذا كانت الإجابة بلا أو بابنة عمها، فليكتب الرجل الواحد التقرير الذى ستوافق عليه الأغلبية بلا نقاش «الرجاء إغلاق هذه اللافتة» فالجهل مع عافية الفطرة خير من نصف الجهالة مع غبش البصيرة.

* إن حزباً لا تمارس عضويته شرف محو الأمية.. وفلاحة الأرض ورعاية اليتامى والمساكين والفقراء ويدرب الجيل الجديد على المهنة والموهبة والتحدي حزب محكوم عليه بالفناء.. كما إن حزباً لا يجعل من المسجد نقطة انطلاق لتكوين بنيات المجتمع المدني، حزب محكوم عليه بالفشل.. إن حزباً لا يبشّر بالسنة العملية ولا يحيل السنة القولية إلى سلوك متحضر لصالح الإنسان، حزب محكوم عليه بالأمراض المزمنة.. لقد انتهت عصور أحزاب الخطابة المرصّعة بماء الذهب والأقوال المدهونة بالعنتريات.

* حين كان الدرس متاحاً أباه بالتمرد وألاعيب الصغار.. وحين كان الحقل متاحاً أباه بالكسل والتواكل. وحين ورث أباه.. بددها في الحرام. وحين حاصرته الحياة لم يجد علماً يحميه ولا مهنة ولا مال. وحين حاول أن يتعلم إحداها ما بعد الثلاثين فشل وأنهار، فاختار طريق الجريمة.. ولكن الجريمة كانت دائماً لا تفيد. وبعد خروجه من السجن اختار «الشحدة» أمام المؤسسات والمصارف وفي الطرقات والحدائق العامة. وفي كل يوم كان يختار قصة «الوالدة بالمستشفى».. الجماعة ديل فصلونى للصالح العام.. ماشي الأبيض يا ابن العم. وقد ضاع النصيب في المواصلات!! مريض يا مسلمين.. نعم مريض يا مسلمين.. إن كل شاب أو رجل مكتمل العقل واليدين يسأل الناس إلحافاً، إلا من عذر الله بسبب واضح، فإن وراءه قصة فشل قديم وخيبة قديمة..

* ما بين سجن أم درمان و«كسر البضائع» وارتداد الشيكات واستحالة التسويات يعيش رجال الأعمال والشركات والسوق فى محنة.. وصارت ظاهرة إعلان «الإفلاس» معضلة جديدة.

والأخطر من كل ذلك أن أي رجل أعمال «يرقد» بمليارات جماعة ويدخل السجن يجر معه العشرات على ذات الطريقة، لأن التجارة في بلادنا سلسلة من المصالح ما بين تاجر التجزئة والجملة والمستورد وما بينهما من الوسائط والسماسرة والمعاملات.

وبرغم خطورة المصير فما زال البيع بالشيكات متاحاً. وما زال بيع البضائع بنصف ثمنها موجوداً. وكما كان المغني يرفع يومياً عقيرته «كفارة ليك يا زول.. المرض ما بكتلو زول» وكذلك السجن.

* هل تصدقوا أن رجل أعمال صيني حضر للسودان وقد ملأ حقائبه بالتكنولوجيات وعندما زار كل مراكز البيع والتوزيع والمستوردين، حزم حقائبه وأرسل أمامه فاكساً شهيراً «إنني أنصح الصينيين أن يشتروا البضائع الصينية من السودان».

* مديرو الاستثمار في البنوك بعد أن يأكلوا الفول وأم فتفت ويضربوا الكركدي البارد والناسكافيه، ينتظرون أولاد «العز والبنية» ليمولوا لهم مشاريعهم بضمانات مغشوشة.. فيزدادوا ثراءً على ثراء وترتد الشيكات ويقيد البلاغ ضد مجهول، لأن هؤلاء الكبار يصرفون ما يأخذونه فى «بلاد بره» ويمرحون هناك بالأشهر ويتواصلون مع السودان بالفاكس!!

* وحيث لا بواكي للمصارف السودانية. فإننا لم نسمع يوماً أن مديري الاستثمار خرجوا يوماً في الأسواق والمناطق الصناعية ومراكز التدريب والجامعات يستقطبون «الغبش» لعمل مشروعات شعبية صغيرة يديرها ويصوغها أصحاب المصلحة الحقيقية من أبناء بلادنا المساكين غير أبناء السرير والكرير والحرير والمدير والقشير وكل نهايات الراء والياء واللام والهجرة في آخر السطر.

* مديرو الاستثمار أبناء فقراء يخونون طبقتهم ولا يبالون.

* أهل العاجل والتاكتيك يكثرون دائماً من الأفعال الصغيرة والتربصات والاجتماعات المغلقة والمؤامرات الكبيرة والأدنى يقلقون للخاطرة ويفرحون بالأكذوبة يقربون أصحاب البعيد ويبعدون أصحاب القريب.

وأهل الاستراتيجيات يلمسون المواجع الآنية في يسر.. ويلاحقون القادم ومستجداته فى بصيرة.. فهل ادركتم قلق أولئك وتؤدة هؤلاء.. لقد عبرت عنها العامة في السودان بعبارة «البحر رايق والقعوي متضايق»!!