الطيب مصطفى

إسلام أمريكاني! (1)


سخّر عمره كله للحرب على الشريعة الإسلامية فما أتفهه من هدف وما أرذله من دور.. دور جعل السفارة الأمريكية تكتشف مواهبه في الكيد للإسلام كنظام توحيدي شامل للحياة والأحياء لتغدق عليه من خيراتها الوفيرة من متاع الحياة الدنيا وزينتها كما ظلت تفعل مع كل من تضمهم قوائم أتباعها المُنتَقين بعناية، ممن ظلت ترصد كتاباتهم كلمة كلمة وحرفاً حرفاً، حتى اطمأنت إليهم تماماً فدعته بين من دعت لزيارة (أرض الفرص والأحلام) التي ظل كثير من بني علمان يقدّسونها بأكثر مما يقدسون بيت الله الحرام، وأمضى فيها شهراً أو نحو ذلك، متقلِّباً في نعيم فنادقها المخملية ومتجولاً بين وزاراتها ومؤسساتها بما في ذلك بالطبع البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ومقر السي آي أيه، ولم يستثنِ برنامج الزيارة المُعَد بعناية فائقة مواقع الإبهار مثل مركز التجارة الدولي وبورصة وول استريت وغيرها من ناطحات السحاب في حي مانهاتن وشارع برودوي الشهير في قلب نيويورك!
لا غرو أن يزيد ذلك تعلق (رفيقنا)، الكاتب الأسبوعي بصحيفة (السوداني)، بماما أمريكا التي لطالما عشقها شأن قبيلة اليسار من تلاميذ ماركس الذين تحولوا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي(العظيم) لخدمة عدوتهم القديمة – وكر الرجعية والامبريالية!- قبل أن يراها ولا عجب في أن يزيد من (اندعارته) وحماسه في مواصلة دعم استراتيجية وليّة نعمته التي منحته ذلك الفضل وأدخلته نادي (المرطّبين) والمتمتعين بـ (جنتها) التي أصبحت لا تُنال إلا بتقديم من يطلبها البينة على عدائه السافر لما تسميه بالإسلام السياسي الذي يقف حجر عثرة في طريق هيمنتها على العالم خاصة الإسلامي وقضائها على الإسلام الذي اتخذته عدواً إستراتيجياً باتت تشن الحرب عليه ولا ترى فيه إلا خصماً يجب أن يُزاح من ظهر الأرض.
أمريكا لا تستر خدامها فهي دولة بلا أخلاق.. إنها دولة زواج المثليين التي تنحدر بسرعة الصاروخ نحو القاع مخالِفة سنن الله الماضية ومستنزِلة عقابه وعذابه عليها ولو بعد حين، فكما فضحت عميلها منصور خالد بعد عقود من الزمان لن تستنكف أن تكشف ستر كل عملائها الذين ساعدوها على السيطرة على العالم الإسلامي في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحالي الذي نشهد هذه الأيام بعض تجليات مؤامراتها وحملتها خلاله على الإسلام.
بين يدي هذه الزيارات المخملية لتابعي أمريكا أرجو أن يسمح لي القراء الكرام بتذكيرهم بالبرنامج الذي دشنه وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد إبان حكم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن صاحب مقولة (الحرب الصليبية) التي ابتدر بها حربه وغزوه للعراق وإزالته لحكم الرئيس صدام حسين والذي سماه رامسفيلد قُبيل تدشينه ببرنامج حرب الأفكار، ورصدت له أمريكا مبالغ طائلة، وبدأت من خلاله استضافة الصحافيين العرب لضمهم إلى مشروع الدفاع عن السياسات والتوجّهات الأمريكية في المنطقة وأنشأت بموجبه بعض القنوات والإذاعات الأمريكية الناطقة بالعربية مثل فضائية (الحرة).
الرفيق الذي لا (يفتر) – ما شاء الله – من الكتابة التي تنضح سماً زعافاً من الحقد على الشريعة كتب مقالاً بعنوان: (علي عثمان والمزايدة بالشريعة: مفيش فايدة)، ولا يعنيني في هذا المقام الدفاع عن الأستاذ علي عثمان، بالرغم من أنه يستحق، بقدر ما يهمّني الدفاع عن شريعة الله التي ظل هذا الرفيق ينتاشها بالليل والنهار، كما ظل يسخر من الحركة الإسلامية التي لا أحد – يا أستاذ الزبير أحمد الحسن – من كل أتباعها المجعجعين بشعارات (الفرار إلى الله) وغيره من أقوال اللسان وعجز الفعل، فكر في يوم من الأيام في التصدي لهذا الرجل أو لغيره من بني علمان.
شبه هذا الرفيق شريعة الله – يا حسرتاه – بسلعة قال إنه (لا وجود لها في أرض الواقع) تسمى (الفنكوش) في أحد الأفلام الكوميدية لعادل إمام وقال إن هذه السلعة وجدت رواجاً كبيراً بعد أن روّج لها عبر حملة دعائية قوية ومكثفة!
ثم طفق الرجل يقدم توصيفاً لشريعة (أمريكية) حين قال:(الشريعة الحقة – يا أستاذ علي- لم تفارق أهل السودان في أي وقت من الأوقات فقد احتكموا إليها في زواجهم وطلاقهم وموتهم وميراثهم وعرفوها في صلاتهم وصيامهم وزكاتهم وحجهم واستندوا إليها في نصرة المظلوم وردع الظالم وعون الضعيف وراقبوها في معاملاتهم التجارية ووسمت علاقاتهم بالتسامح والعفو وعدم الجنوح للغلو والعنف).
هذه القيم والمعاني أيها الرفيق جزء من الشريعة لكنها ليست كل الشريعة في عقيدة تقوم على التوحيد الخالص لله رب العالمين سيما وأن العرب قبل الإسلام كانوا يعرفون الله تعالى ويؤمنون به لكنهم يشركونه بآلهة أخرى (أصنام) كانوا يعتقدون أنها تقرّبهم إلى الله زلفى بل إن والد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يسمى (عبد الله)!
ليتك تتأمل أيها الرجل قول الله تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
الآية تشدد النكير على مبعِّضي ومجزِّئي القرآن الكريم وتتوعدهم بالخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة فهل يحتاج هدا البيان إلى زيادة؟!
تحدثت أيها الرجل عن المعاملات التجارية، فهل ترضى بأن تكون تلك المعاملات ربوية، وقد أُمر المسلمون بأن يتخلوا عن الربا الذي قال الله تعالى إن السماح به يوجب الحرب من الله ورسوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ).


تعليق واحد

  1. يوما بعد يوم تكتسب الصفات السالبة والغريبة اسمك لا يناسب صفاتك،، شكلك شيخ متصابي وعنصري بغيض لان من في عمرك يتجنب الكذب، ما جاء في هذا المقال الغير موضوعي جميعه كذب، حاول ان تكون موضوعي ورد على الكاتب حسب موضوع مقاله وبطل الردحي بتاع المش أطاحت،،،. ماذا خلقت الشريعة التي أخرجها على عثمان من الأدراج سوى تلك الطبقة من “الأثرياء الجدد” الفاسدين الذين يتفاخروُن على بعضِهم البعض بعددِ الزوجات والعربات والقصور الفارهة، بينما الغالبية العُظمى من أبناء الشعب ترزحُ في نيران الفاقة والجهل والمرض ؟ شريعة الإنقاذ جعلت من الدولة ومواردها غنيمة للمُوالين والتابعين وتابعي التابعين بغير إحسان ، و حَرَمتْ وشرَّدت كل من خالفها وعارض تجربتها ورأى فيها تشويهاً للدين، وتدميراً لقيمه الجوهرية.

    قد أوجدت شريعة الإنقاذ طبقة من رجال الكهنوت جعلت من الدين تجارة رابحة ومصالح شخصيِّة، حِرفة وصنعة يؤجرون عليها، يتكسبُّون بالقرآن وبإصدار الفتاوى، ويرتزقون من المناصب العُليا في المؤسسات الدينية التي تناسلت دون حاجةٍ حقيقيةٍ لها في المجتمع.

    قد أدى إخراج الشريعة من الأدراج إلى بعث الروح العنصرية والقبلية البغيضة بصورة مخيفة بعد أن كان المجتمع السوداني قطع أشواطاً طويلة في طريق التحديث والإنصهار القومي، وصار أبناء دارفور يهاجرون إلى دولة الكيان الصهيوني طلباً للأمن والطمأنينة و هرباً من جحيم الموت والقتل في دولة الشريعة !

    يصعُب جداً على الشخص “المؤدلج” الإعتراف بالخطأ، وذلك بحكم تنشئته و تكوينه النفسي والفكري، وهو الأمر الذي يجعل قضية تصحيح الأخطاء أمراً مستعصياً بل تكادُ أن تكون مستحيلة داخل المنظومات الآيدولوجية المختلفة، وبالتالي فإنَّ “الفشل” يكون هو مصيرها الحتمي متى ما إستولت على السلطة.

    ذلك بعكس المنظومات الأخرى التي لا يتربى أعضاؤها على أنهم حلفاء “الصواب الدائم”، فهذه تستطيع دوماً تصحيح أخطاءها وتقويم مسارها وبالتالي يُمكنها التغلب على مشاكلها ولا يُكتب عليها الفشل الحتمي.

    قد تبدى جلياً لكل صاحب بصر وبصيرة الفشل الذريع الذي مُنى به المشروع الذي طبقه الأستاذ علي وإخوانه في السودان، وكان من المؤمل أن يستخلص أهل الحُكم الدرس الأهم من هذا الفشل والمتمثل في أنهم “بشر” عاديون وليسوا رسلاً من السماء، وأنَّ عليهم التوقف نهائياً عن المزايدة بإسم “الشريعة والدين” بعد ما كشفته تجربة الحكم من فساد وصراع على السلطة والمغانم الدنيوية فاق كل التصورات.