منى ابوزيد

معنى الجمال مشروح ..!


«حب الشحيح للمال.. حب الجبان للروح».. الشاعر سيد عبد العزيز ..!
«ما الذي تريده المرأة بالضبط؟!.. هذا هو السؤال الكبير الذي لم استطع الإجابة عنه بعد ثلاثين عاماً من التنقيب في مجاهل النفس الأنثوية، وكل ما استطيع الجزم بشأنه هو أن سيكولوجيا النساء قارة مظلمة»..!
هكذا تململ «سيغموند فرويد» شخصياً، وهكذا تلجلج مؤسس منهج التحليل النفسي، وأستاذ الطب العصبي، والرجل العاشق الذي سكب مداد أكثر من تسعمائة رسالة من أجل عيني حبيبته مارتا، لكنها ما أن أصبحت زوجته حتى خاب أمله في تلك الشراكة، وجاوز إحباطه مداد رسائله ..!
وقبل أن تظن بمارتا المسكينة الظنون، أو تجزم بكونها السبب في «تمدد الملل على أريكة الشغف»، أنظر ماذا يقول فرويد العظيم في إحدى رسائله إليها «سأدعك تديرين البيت كما يحلو لك، ولسوف تجازينني بعطفك وحبك وتعاليك على السفاسف التي تجعل النساء موضع احتقار!.. وفي أوقات الفراغ سنطالع كتباً تروق لنا معاً» ..!
أتمنى أن تكون قد لاحظت كم العجرفة والسيطرة التي تغلف كلمات رجل لا يرى في المرأة سوى صورة نمطية محفورة في ثقافته الفيكتورية التي تربط مثالية المرأة بالطاعة العمياء والسهر على الراحة وتأمين الحاجات ..!
وكيف أن حب النظرة الأولى لم يفلح أيضاً مع الرجل الذي حلل سيكولوجيات البشر أجمعين ـ وأرَّخ للحب منذ أول لحظة «جوع» وأول «رضعة» مشبعة ـ فأعلن عجزه التام عن فهم النساء ..!
والسبب في تقديري ليس قصور إدراكه أو غموض مقاصدهن، بل خلل في نظرته المتعالية للنساء، والتي لا تكترث كثيراً لما وراء- أشكالهن، و الدليل أنه دبج تسعمائة رسالة حب إلى امرأة أحبها لشكلها ثم لصورتها الرسومة في ذهنه، ليس باعتبار ما هو كائن بل باعتبار ما يريده هو أن يكون ..!
ومن عجبٍ أن رؤية جديدة لموجبات إحباط فرويد من الزواج الذي ينهض على انطباع النظرة الأولى أكدتها دراسة مختصة بعلوم الوراثة نشرت مؤخراً، مفادها أن الحب من أول نظرة «شأنه شأن نظرة الرجل إلى المرأة» مسألة وراثية تجعل بعض الرجال أكثر عرضة للوقوع في فخ الانطباع الأول ..!
الدراسة تقول إن ثمة جينات تحدد اختيار الذكور والإناث للطرف الآخر وتتحكم بالأساليب التناسلية بينهم في المستقبل، وتستدل على ذلك بتجارب أجريت على ذباب الفاكهة الشبيه في صفاته الوراثية بالبشر ..!
إناث ذباب الفاكهة تنتج قبل التزاوج «دهاناً وراثياً» يجعلها أكثر انجذاباً لنوع معين من الذكور، ويتحكم بقرار التزاوج، وذلك الدهان الوراثي هو معادل كيمياء النظرة الأولى عند البشر ..!
هي إذن معادلة كيميائية لا تتأثر بالعقلانية ولا تشترط الموضوعية، قد يفهمها الأميّ الذين يسلم ـ على أُميَّته ـ بأن المرأة كائن موازي، ويفهم أن الزواج هو عقد شراكة وليس عقد عمل، بينما قد يفشل في فهم المعادلة عالم كبير من أمثال فرويد الذي سكب مداده على «الرهاب»..!