تحقيقات وتقارير

خبراء يدعون للتخلي عن التكشيرة وصرة الوجه


انتقد خبراء نفسيون نظرة بعض السودانيين لعلم النفس، باعتباره (مجرد نظريات) وليس واقعاً حياتياً، مشيرين إلى أن مرجعيته هي الآية: (ونفس وما سواها).
وقال الاستشاري النفسي د. معاذ شرفي إن غالب السودانيين لا يحبون الفشل ويهربون منه دوماً عبر حيل دفاعية، ومبررات واهية نتيجة التربية الخاطئة ما يصيبهم بأمراض نفسية فيما قالت الاختصاصية النفسية شذى عبد الحليم، في ندوة (المشاكل السلوكية للأطفال، الأسباب والمعالجات)، بمدارس معاهد التعليم البريطانية- أم درمان السبت الماضي، أن الشجار الذي يحدث بين الإخوة امر طبيعي وله فوائده لكن خطورته في تطوره منبهين الآباء في التعامل مع أطفالهم بالعدل، كما انتقد د. معاذ شرفي نظرة البعض لعلم النفس وإعتباره مجرد نظريات وقال إن هذه النظرة تتعارض مع الدين لأن الدين سلوك وقيم حياتية ودعا الآباء الأمهات لضبط النفس في التعامل اليومي مع أطفالهم وذكر أن رسم إبتسامة على أوجههم ونزع (التكشيرة والصرة) عند عودتهم المنزل وأثناء تعاملهم مع أبناءهم ضرورة دينية مستدلاً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (تبسمك في وجه أخيك صدقة).
وأبدى معاذ أسفة لاعتقادات البعض الخاطئة كون التبسم في وجه الآخرين لدى الرجال يعد منقصة من الرجولة او من مكانة الرجل للدرجة التي ينعت فيها بالرجل الضعيف وإنتقد لجوء الأسر والمدارس لعقوبة الجلد البدني (السوط) في التربية مشيراً إلى أنه علاج لحظي ووقتي لكن ليس نهائي نافياً ما يردده البعض عن وجود حديث نبوي يأمر رب الأسرة بأهمية تعليق سوط في مكان بارز يراه أهل المنزل مضيفاً بأن الضرب ورد في الأحاديث النبوية في الأمر بالصلاة في سبع والضرب عليها في عشر سنوات مشدداً على أن للضرب أضراراً أكثر من الفوائد، وقطع بأن أي شخص يتعرض للضرب بكثرة أثناء طفولته ينشأ مهزوزاً نفسياً واضاف بأن الطفل في سنواته الأولى يميل للتعلم عبر التقليد والملاحظة.
وقال د. معاذ شرفي بأن الطفل تتم تربيته على التخويف، وبدلاً عن أن يكون أبواه مصدراً لشعوره بالأمان يحدث العكس، حيث يزرعان فيه والآخرون إحساس الخوف والرهبة، وأشار شرفي إلى أن غالب مجرمي الإعتداء على الأطفال يستغلون الأطفال ويبتزوهم بإخبار مجتمعه وأسرته بما فعله معه المعتدي، فيضطر غالب الأطفال المعتدى عليهم للسكوت والرضوخ.
وشدد د. معاذ على وجوب وأهمية حديث الأب مع إبنه لأن التربية حوار في الأساس وأن النقاش مع الأطفال من أجل تعليمهم المهارات الحياتية مثل أدب الحديث، والثقة في النفس، وكيفية معالجة المشاكل، وفن إتخاذ القرار.
وفي ختام حديثه اوضح د. معاذ بأن غالب السودانيين لا يحبون الفشل ودائماً يحاولون الهروب منه بالحيل الدفاعية والمبررات الواهية للتهرب من المسئولية بسبب التربية الخاطئة، لأن كل شخص يتحمل المسئولية يستطيع تحمل نتائج فشله، داعياً الأبوين إلى عدم إظهار خلافاتهم في التربية أمام أطفالهم، حتى لا يساهموا في إصدار نموذج فاشل، لأن ذلك من شأنه إفقاد الثقة في الوالدين.
بدورها قالت شذى عبد الحليم الإختصاصية النفسية، إن كل مشكلات السلوك عند الأطفال تنتهي قبل سن الثالثة، أو بعدها بقليل، وأن تعامل الوالدين مع من حولهم سبب في يادتها وإستفحالها، بجانب أسباب أخرى، مثل التدليل الزائد عن الحد، والحماية الزائدة، وإتباع نظام صارم في المعاملة مثل التوبيخ والضرب، وعدم وجود القدوة الصالحة التي يقتدي بها الأطفال في عمره،بجانب إرسال مفاهيم خاطئة من قبل الآباء لأبنائهم مثل قولهم أضرب البضربك!!
ونصحت شذى بإتباع مجموعة من القواعد المهمة لتغيير السلوكيات غير المرغوب فيها من قبل الأطفال والحديث إلى الأطفال عن مايريده منهم المجتمع، أو ما يجب عليهم أن يقدموه لمجتمعهم، بجانب مدح السلوك الجيد عند الأطفال، حتى يصبح عادة لدى الطفل مع عدم تذكيرهم بأخطاء الماضي وتجنب إستعمال العنف ونبهت شذى إلى أهمية عدم توجيه الأوامر من قبل الآباء والأمهات لأطفالهم وهم في حالات غير طبيعية مثل التعب الشديد الغضب التوتر .. الخ.
وقالت شذى ان الشجار الذي يحدث بين الإخوة امر طبيعي لكن خطورته في تطوره وأضافت أن بعض الدراسات أظهرت بأن التناحر بين الإخوة يزداد مع تقدم السن ويزدان حين يكون الطفلات متقاربين في العمر ومن جنس واحد مشيرة إلى أن للشجار فوائد منها إكتشاف الأطفال لقدراتهم التي تمكنهم من التغلب على الغير، وكذلك إختيار مشاعر التسامح والنصر وتقبل الهزيمة، وكذلك تمكنهم من إكتشاف نقاط ضعفهم وقوتهم بمعنى أنه ميدان للتعلم والتدريب على مواجهة تحديات الحياة العامة، ولهذا فإن خلو المنزل من أي شكل من أشكال الصراع لا يرسل رسالة إيجابية على نحو كامل.
ونصحت شذى الآباء والأمهات بأهمية التعامل مع الشجار بين الأبناء بالعدل بين الأبناء في المعاملة بشقيها المادية والمعنوية، مثلما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (إتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم) وذلك بأن لا يكون للعلاقة صدى بتعدد الزوجات بجانب عدم إستخدام لفظ يدل على التحبيب مع أحد دون الآخر أو التقليل من الميول والمهارات ومراعاة العدل في الوقت والخروج معهم، والإهتمام بترويحهم بإشاعة جو من المرح والبهجة حتى لا يجد الطفل متنفسه في الشجار فقط للتخلص من الملل والسأم، وتوزيع المسئوليات على الأبناء بشكل واضح.

 

عمار عبد الله
صحيفة حكايات