صلاح حبيب

خير من اختار السيد الرئيس!!


من أصعب ما يكتبه الصحفي هو الذي يكون عن الأشخاص، وفي الأشخاص المسؤولين، وقد ترتبط مثل تلك الكتابات بالمصلحة أو المنفعة الذاتية أو الشخصية، لكن أحياناً تجبرك الشخصية التي تريد الكتابة عنها أن تتجاوز كل الحدود والحديث وتترك ليراعك أن ينساب، لأننا كسودانيين نميل دائماً إلى النقد وأحياناً النقد الجارح ولا نعطي الإنسان حقه إلا إذا وافته المنية، لذلك يقول المثل السوداني (إن شاء الله يوم شكرك ما يجي) دلالة على أن الشكر يأتي بعد وفاة الشخص، ولا أدري لماذا إذا أعجبت بشخصية قدمت عملاً جيداً يحتاج للثناء والإطراء، لماذا لا تتحدث عنها؟ لماذا دائماً نربط الحديث عن الأشخاص بالمنفعة أو المصلحة؟ لماذا التفسيرات دائماً خاطئة؟!
لقد سعدت أيما سعادة عندما قرأت قرارات رئيس الجمهورية التي صدرت قبل يومين وتم تعيين الدكتور “فضل عبد الله فضل” وزير الدولة بالرئاسة في منصب وزير رئاسة الجمهورية خلفاً للراحل “صلاح ونسي”.. لقد تعرفت على الدكتور “فضل” خلال أيام التواصل التي أقرتها رئاسة الجمهورية المتعلقة بزيارة المبدعين خلال شهر رمضان، ففي هذا البرنامج عرفت الدكتور “فضل” بتواضعه الجم وبساطته التي تشبه أهل بلادي خاصة العلماء منهم، ودائماً ارتبط العلم بالتواضع، فلم أجد عالماً متكبراً أو رافع (نخرته) كما يقول أهلنا فسمت العلماء دائماً التواضع، فكان الدكتور “فضل” واحد من الشخصيات التي اختيرت لزيارة المبدعين بمقر إقامتهم.. وظل التواصل بيننا وامتد بعد ذلك عبر الهاتف، ورغم علمه وتواضعه إلا أنه يخشى الإعلام ولا يريد أن يكون مادة في وسائله اليومية أو في الحالات الطارئة.. لقد رتبت معه لإجراء حوار بعيداً عن السياسة وبعيداً عن الملفات الممسك بها، لكن أدبه الجم منعه أن يرفض صراحة وفي كل مرة يقول (اتركها المرة الجاية) أو بعد الانتهاء من العمل الفلاني، أو الملف كذا.. دائماً يتحجج بأمور مكتبية، وهذا دلالة على أنه زاهد في الإعلام وزاهد في الظهور في وسائله المختلفة، ولم يستغل علاقته بنا وبآخرين من الإعلاميين بنشر أخباره وصوره.. دائماً يسحرك بابتسامته وبظرفه.. في كل المرات التي التقيته فيها لم أجده غاضباً أو مكفهراً أو بدون الابتسامة المعهودة، لذلك عندما صدر قرار تعيينه وزيراً لرئاسة الجمهورية تأكدت أن المناصب تأتي أصلاً للزاهدين، وأن اختيار الرئاسة له لم يأت ضرب عشواء، بل بعد تمحيص دقيق، فهو خير خلف لخير سلف، ومثلما كان الراحل “صلاح ونسي” زاهداً في هذه الدنيا الدكتور “فضل” أيضاً من الزاهدين فيها.. نسأل الله له التوفيق والسداد، فكما أجمعت عليه الرئاسة أجمع عليه كل العاملين في القصر صغاراً وكباراً وسعدوا أيما سعادة بهذا القرار.. ربنا يوفقه.