مقالات متنوعة

عادل عبده : ما هي نكهة شيخ “الأمين”؟


أين يكمن سحر شيخ “الأمين عمر الأمين” صاحب الطريقة القادرية المكاشفية بـ”أم درمان”؟.. وما هي أسباب تعلق هؤلاء المريدين والأحباب والحيران بهذا الشاب الصوفي الوسيم لدرجة الهيام الشديد والمحبة الجارفة له؟!
ظلت حولية شيخ “الأمين” تدور في صخب واضح وحضور منقطع النظير وأنفس مشرئبة على امتداد الجغرافية الحسية ما بين بيت المال وود البنا والأحياء المجاورة.. وتنطلق في ذات الوقت على امتداد الجغرافية الروحية إلى فضاءات أخرى بعيدة!.. وكم مرة اصطدم حراكهم الصوفي بلونه المدهش باحتجاجات بعض الجيران لدرجة الوصول للقضاء ثم يعود شعاعهم الروحي من جديد!!
شيخ “الأمين” أخذ الطريق من العارف بالله “عبد الله ود العجوز المكاشفي”.. ووضع على الدرب نكهة نوعية جديدة في عالم التصوف.. ولم يبالِ بآراء المخالفين والغاضبين وقد كان نهجه الموغل في الحداثة يخطف الأبصار والألباب ويظهر علامات التعجب والاستغراب من خلال انعكاسه لأول مرة في الميكانيزم المتوارث بعالم المسيد.. حيث أدخل طقوس الجرتق والحناء والملابس المزركشة.. بل منح النساء الشابات سانحة تقديم المحاضرات الدينية وكان يقدم الطعام الفاخر على النمط الأوروبي والشامي بخلاف ما كان يجري في مناسبات الطرق الصوفية الأخرى.
شيخ “الأمين” أصبح نجم شباك في عالم الميديا.. فقد ظهرت علاقاته الواسعة مع السياسيين ورجال الأعمال والفنانين والدبلوماسيين ورجال المجتمع.. فضلاً عن امتلاكه للشركات والمؤسسات المالية والاستثمارات الخارجية.
الآن اعترفت الحكومة على لسان وزير الخارجية الدكتور “إبراهيم غندور” بأن شيخ “الأمين” يوجد في الحبس بدولة الإمارات العربية المتحدة دون التوغل لأسباب خاصة في الدواعي والملابسات.. وبذات القدر ظل أنصاره وحيرانه يتابعون القضية بأعصاب مشدودة متمنين أن تنفرج السحابة الكالحة حتى يعود إليهم شيخهم المحبوب.
مهما كانت مبررات الحبس وإفرازات الصدمة.. فإن شيخ “الأمين” هو ذلك الصوفي الشاب الذي قلب الصورة النمطية رأساً على عقب في عالم المسيد.. وجعل من الانكباب على حلقات الذكر ملحمة توثيقية من الإبداع الجميل والأناقة الرفيعة.. بل استطاع الرجل أن يضرب على الوتر الحساس في أفكار هؤلاء المريدين حتى صاروا مطيعين على نهجه دون تردد أو خوف.
ربما تكمن نكهة شيخ “الأمين” في التعامل الشفاف مع حوارييه عندما فتح لهم باب الارتواء في النصوص الدينية من خلال الزاوية المبسطة دون الدخول في المحرمات الغليظة.. لم يحفل الرجل بخطورة التورتة وتناول المشروبات الغازية ووجود الأثاثات الفاخرة على القيم الدينية.. وبذلك لم تجد السلطات المسؤولة في كل القضايا المصوبة إليه ما يؤطر إلى إغلاق مسيده.
قد يكون التعصب الشديد لدرجة العنف من بعض أنصار شيخ “الأمين” مخالفاً لتوجيهاته.. فقد سمعته كثيراً يتحدث عن التسامح والتجاوز ودلق المحبة والتكاتف بين الناس.
قضية الرجل الصوفي الذي سحر الكثيرين بالمنهج الاستعراضي المدهش ما زالت على الأفواه يلاحقها الخيال الإنساني الجامح.. فالقضية فجرت أسوار الصمت في الشارع السوداني انطلاقاً من البعد الآخر لشخصية شيخ “الأمين” في المجتمع.


‫2 تعليقات