تحقيقات وتقارير

زيادة مضطردة في الإصابة بمرض (الإيدز).. (80%) من الأمراض المنقولة جنسياً تمثلها النساء


في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات الخاصة بالأمم المتحدة أن (15.8) مليون شخص استطاعوا الحصول على العلاج المضاد للفيروس وصولاً إلى نصف عام 2015م مقارنة بـ(7.5) مليون شخص في عام 2010م، و(2.2) مليون في عام 2005م، كما تؤكد الأرقام والإحصائيات أن انتشار فيروس نقص المناعة البشرية (hiv ) انخفض بحوالي (35%) في عام 2014م بالإضافة إلى انخفاض في أعداد الوفيات منذ عام 2004م وحتى عام 2014م بنسبة وصلت إلى (42 %) ما يشي بأن نسبة انتشار الفيروس والوفيات في انخفاض، لكن ما تقول به الإحصائيات في ولاية “الخرطوم” بخلاف ذلك، فرغم تدني النسبة في بعض المتلازمات إلا أن عدد المرضى الذين تم فحصهم فقط في زيادة مضطردة حد أن بلغت أكثر من (90) ألف شخص، (97 %) من نسبة المرض بسبب الاتصال الجنسي خارج إطار الشرع، ترى وزارة الصحة ومقربون أن القضية تحتاج لتضافر جهود جهات كثيرة بالتركيز على الإعلام لرفع الوعي في المجتمع والمناداة بضرورة الفحص الطوعي والمتابعة وأخذ العلاج في المراكز الخمسة المعروفة سيما الحوامل من أجل جيل معافى.

كل ذلك وغيره من الموضوعات ذات الصلة خلال التقرير التالي على ضوء الورشة التي أقامتها جامعة الأحفاد للبنات بمناسبة اليوم العالمي للإيدز.

‬ التزام سياسي
قال مدير برنامج مكافحة الإيدز بالأمم المتحدة إنه وعلى المستوى العالمي هناك التزام للوصول للأهداف التسعينية الخاصة بالإيدز، الهدف المتفق عليه 90 % من المتعايشين قد تم تشخصيهم، و90% من الذين تم تشخيصهم تبقى لهم العلاج، و90% حدث لهم قمع لكمية الفيروس في الدم، وفي المقابل هناك أهداف صفرية للوصول لصفر إصابة جديد، وأضاف في حديثه خلال الورشة التي أقامتها جامعة الأحفاد للبنات بأن عالمياً المتفق عليه أن دور الإعلام يقبل الاستجابة لرفع الوعي بالمرض، وحتى يصل الناس لالتزام سياسي لأعلى مستوى مراقبة، أيضاً لرفع الوعي بمحاربة الوصمة تجاه المتعايشين، مبيناً أن دور الإعلام الأساسي نقل المعلومة الصحيحة، و تصحيح المفاهيم في أذهان المجتمع، وهذا يساعد على دحض الوصمة المتعلقة بالمرض.

ونحن بصدد تمليك المعلومة التسعينية والصفرية ــ الحديث ما زال لمدير برنامج المكافحة ــ وحتى يصل “السودان” لهذه الأهداف يتطلب الأمر تكوين منبر للمناصرة ورفع الوعي والمراقبة للسياسات التي تطبق وتنفذ على أرض الواقع، وقال: “السودان” مصنف بأنه ذو وباء منخفض ونسبة المرض فيه بحسب وزارة الصحة (0/25%) لكننا نرتقي بأصناف في مناطق جغرافية معينة وهي التي يجب أن يسلط عليها الضوء.

‬ تضافر الجهود
مجدداً أكد محدثنا على الأهداف التسعينية والتي لا تتم إلا بتضافر الجهود ويجب أن تتحقق، كما يجب الاتفاق على بناء شراكات للوصول لصفر إصابة وذلك بأن يتجه كل مصاب بالإيدز لمعرفة المرض والحصول على العلاج حتى لا يتسبب في وفاته، واستطرد: هناك أشياء رئيسية تقابل في “السودان” وهي أن معظم الأشخاص لا يعرفون إصابتهم، لأن الإقبال على الفحص ضعيف وعندما يذهبون إليه يكون المرض قد تطور، وحتى أولئك المقبلين لا يتابعون العلاج بصورة مثلى.
وأضاف مدير البرنامج القومي لمكافحة الإيدز بالأمم المتحدة: أن “السودان” واحد من الدول في شمال ووسط أفريقيا التي وقعت على الاتفاقية بأن كل النساء الحوامل يتم فحصهن حتى لا يولد طفل بالإصابة، والأمم المتحدة المشتركة تطبق جهود (11) وكالة تعمل في مكافحة الإيدز (unaids ( أحدث إستراتيجية جديدة للعام 2019م ــ 2020م) وحقوق كل الأشخاص المتعايشين وضمان حصولهم على العلاج والوصول لـ(90 %) من المتعايشين، وبالرغم من التركيز على توفير الخدمات لكنها تنال من خدمات العلاج وبتخفيض (25 %) من الدولة للوقاية ومحاولة الوصول للبقية، متمنياً على الجميع توصيل المعلومة سيما الإعلاميين.

‬ مهمة الدور الإعلامي
من جانبه قال مدير البرنامج القومي لمكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسياً بوزارة الصحة ولاية “الخرطوم”، “عمر محمد موسى” وهو يثمن دور جامعة الأحفاد للبنات، إن جل قضايا الإيدز تتبناها الجامعة وإن حوالي (80%) من الخريجات في العام 2002م اشتغلن على الإيدز وقدمن رعاية لأطفال تعايشوا إيجابياً، ونوه إلى أن هناك (40) مركزاً بها حزمة فحص لجميع القطاعات للحد من الإيدز ومكافحته، مشدداً على الدور الإعلامي رغم نقل بعض المعلومات المغلوطة ما يجعلها تعكس معنى غير صحيح، رغم أن هناك رسائل إيجابية تساعد في الحد من المرض.

وأوضح “عمر” الوضع الوبائي لولاية “الخرطوم” في السبع محليات وأن في كل منها مسؤولاً لبرنامج الإيدز يرفع تقريراً نهاية كل عام، ومن خلالها تستخلص النتيجة، حيث قدرت حالات الإيدز حتى الثلاثة أرباع لهذا العام بأكثر من (90) ألف حالة، ونسبة معدل الانتشار أقل من نصف في المائة بعد تغير الخارطة الجغرافية، تمثل النساء أكثر من (80%) من جملة الأمراض المنقولة جنسياً المكتشفة بالولاية، مبيناً أن من بين هذه الأمراض (الزهري والسيلان)، وفي حال لم تعالج يمكن أن تكون مدخلاً لفيروس الإيدز، ثم استطرد أن (97%) من طرق الانتقال عن طريق العلاقات الجنسية خارج الإطار الشرعي، كما أن (85%) من حالات الإيدز وسط الفئات العمرية الشبابية (18 ــ 45) عامتً، وعليه لا بد من مساعدة الشباب ومحاربة الإيدز.

‬ حاملو الفيروس
وبينت المتلازمة المنقولة جنسياً إنه لثلاثة ارباع الاعوام ( 2011 ـ 2015) هي ( 36637 ــ 32099ــ 19280ــ 19750 ــ 23709 ) على التوالي. فيما توضح الأرقام التالية حاملي الفيروس من الذين فحصوا وجملة الذين تلقوا العلاج من بينهم للاعوام (2012 ــ 2015) فكانت ( 720 ) شخص حامل للفيروس للعام 2012م والذين تلقوا العلاج بينهم (242) مريض، وفي العام 2013م بلغ عدد المرضى 432) شخص تناول العلاج منهم حوالي (349 )، فيما كان عدد المرضى (900) شخص للعام 2014م خضع منهم للعلاج( 600) مريض، أما الثلاثة ارباع من العام الحالي 2015م فعدد المرضى الذين اكتشفوا الإصابة (918) شخص تناول العلاج منهم (399) شخص فقط.

وافاد محدثنا ان هناك خمس مراكز موزعة في احياء العاصمة تقدم العلاج ( أم درمان، بشائر، الخرطوم، البان جديد، بحري) مبيناً ان عدد المرضى الذين حصلوا على مضادات الفيروسات التراكمي ما بين الاعوام ( 2010 ــ 2015) كانوا ( 2460 مريض للعام 2010م ـ فيما بلغ العدد 7094 في 2015م )، كما لفت مدير مكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسياً إلى عدد ومواقع مراكز فحص الحوامل وهي ( الدايات، السعودي، التركي، إبراهيم مالك، الفتح، بحري، مركز الختمية) منوهاً الى ان كل أم حامل لابد ان تتابع وتخضع لفحص الإيدز تفادياً لعدوى الجنين ومنع الإنتقال الرأسي منها للجنين.

فحص الحوامل
وبين الإرشاد والفحص للحوامل في الثلاث أرباع من ( 2010 ــ 2015 م ) بحسب المراكز ان عدد الحوامل ( 7571) في العام 2010م خضعت للفحص منهن (6868) سيدة والمصابات 12ــ وفي العام 2011م كان عدد الحوامل 12444 خضعت للفحص (6343) حامل. أما الحوامل في العام 2014م فقد بلغ عددهن (8931 ) سيدة حبلى فحصت الإيدز منهن (5942) سيدة المصابات (31).
ونوه “عمر ” إلى تكاتف جميع قطاعات الدولة والرفد المادي، والمكافحة عن طريق الوحدات الصحية والرعاية الطبية للمرضى، وتوفير المعامل وخدمات الإرشاد النفسي والإجتماعي، مشيراً إلى أن شهر نوفمبر فقط من العام الحالي كشف عن (45 ) شخص مصاب في مركز واحد.

‬ مجتمع محافظ
وقال رئيس وحدة تعزيز الصحة “موسى عوض” إن العالم كله يحتفل في ذاك اليوم بمكافحة الإيدز تحت شعار (العلاج من أجل الجميع)، فيما حمل شعار احتفال جامعة الأحفاد (الإبداع والإعلام يمهدان طرق جديدة لمكافحة الإيدز)، ولفت في حديثه إلى ضرورة تناول الإعلام لمثل هذه القضايا المهمة وكيفية توصيلها، مبيناً أن المجتمع مجتمع محافظ يقدر التعاليم الإسلامية وقد وضعت العفة والتزام الشريك بعدم الخيانة في أول بنود المكافحة. ووضع الإخلاص الشديد في المرتبة الثانية، فيما وضع “الكوندوم” في مرحلة متأخرة.

وعقب في تناوله لنسبة الـ(97%) بأنها عن طريق الاتصال الجنسي، وعليه لا بد من نشر الثقافة الخاصة بطرق الانتقال، مبيناً أن الـ(3%) تتأتى عن طريق الدم الملوث، وأدوات شخص مصاب، ومن الأم المصابة للجنين.

تجربة متعايش
وشهدت الاحتفالية حضور أحد المتعايشين مع الإيدز والذي انبرى للحديث عن إصابته وكيف أنه أوشك على الانتحار خيفة الوصمة الاجتماعية لولا الدعم والإرشاد النفسي، مؤكداً على ضرورة تفهم حالة المريض ومحاربة الوصمة. وقال صابر: إن الجمعية بها حوالي (130) عضواً متعايشاً مع فيروس الإيدز من مختلف الجنسيات مقرهم بالخرطوم (3)، يقدم لهم الدعم والرعاية الاجتماعية، ويدرس المتعايشون فيها كيفية التعايش مع المرض والأثر النفسي الناجم عنه، لذلك فالجميع يحاول مكافحة الوصمة للتعايش مع (الأهل).
وحكى “صابر” عن تجربته وكيف أنه وصل مرحلة عدم تمييزه لمن حوله بما فيهم الأسرة حد أن والده كان كثيراً ما (ينقط) على عينيه قطرات مياه لإغلاقها، قال: وأخيراً قابلت المرشدين في عام ( 2000م) وكنت في حالة متأخرة فحاولت الانتحار لكن غلبني التطبيق، فحتى الإقبال على الانتحار يحتاج مساعدة شخص، لكن بفضل الله والمرشدين أصبحت شخصاً إيجابياً وعاهدت الله والوطن أن أقدم رسالة للمجتمع للتقليل من الإصابة، لأنه إذا تأثر الشباب فإن ذلك يؤثر على الاقتصاد والعسكرية وكافة أمور الحياة التي تحتاجهم.

‬ قضاء وقدر
في ختام الورشة ناقشت الآليات التي من شأنها تخفيف المرض واستنكر عدد من الحاضرين المستهدفين من إعلاميين وفنانين وتشكيليين ودراميين وشعراء كون العفة سبباً رئيسياً، فيما ذهب البعض إلى ضرورة توعية الأسر لأبنائها وإفهامهم المرض وكيفية المحافظة لكن هناك من نادى بضرورة توعية الأسر نفسها وكيفية إيصالها المعلومة لأبنائها، كما اقترح فريق آخر وللحيلولة دون المرض أن يكون الفحص إجبارياً وليس طوعياً وربطه بأشياء ووثائق حيوية، فيما عاب البعض على الدولة عدم اهتمامها بإحياء ذكرى مثل هذه المناسبة، وأقر بذلك ضمناً الحضور من وزارة الصحة بأن مناقشة مرض الإيدز في تداولات الحكومة أصبح يخضع للقضاء والقدر.

كما أبان بعض الناشطين والمهتمين بأمر المرض عجز الحكومة والوزارة في توفير دعم للمرضى وأنهم خلال جولة شملت ست ولايات، اتضح أن نسبة العجز في المكافحة بنسبة (90%) وأن الوضع الاقتصادي يتسبب في نقل المرض، لأن الأمهات يقلن إنهن لا يستطعن توفير لبن بديل فيضطررن لإرضاع أطفالهن الذين لا يكفون عن البكاء بسبب الجوع، والمعروف أنه وبنسبة (90 %) ينتقل المرض للطفل عن طريق الرضاعة.

نتائج سلبية
وقالت الدكتورة “أماني تبيدي” الأستاذة بالجامعة إنهم جابوا عدداً من المدارس الثانوية للتوعية بالمرض، وإن أكثر من خمسة أطفال بعد العرض حضروا إليهم وذكروا أنهم حدث لهم اتصال جنسي عند تجريبهم ممارسات سبق لهم مشاهدتها ويرغبون في إجراء فحص خيفة أن يكونوا قد أصيبوا، كما أجريّ فحص طوعي في الأحفاد لعشر طالبات، اثنتان منهن فقط طلعت نتيجتهما إيجابية.

وأكدت عضو اللجنة التنفيذية لمكافحة الإيدز بالأمم المتحدة أن الأرقام والإحصاءات التي ذكرت سابقاً تقديرية تمثل نسبة الذين خضعوا للفحص.

أمل ابوالقاسم
صحيفة المجهر السياسي