عبد الباقي الظافر

اخجلوا يا سادة ..!!


٭ ضحك الزعيم حتى استلقى على قفاه .. فيما أنا في كامل الدهشة .. المناسبة التي مضى عليها عام وبعض عام أنني زرت زعيم حزب صغير في مكتبه.. الزيارة كانت بغرض الاستفسار عن الانقلاب الذي قاده ضده ناشطين في الحزب، مردوفاً ببيان صحفي يتحدث عن مسوقات التغيير .. الزعيم أكد لى بوضوح أن هذا حزبه .. قام بصناعته ويتولى الصرف عليه من كهرباء الدفع المقدم لإنارة دار الحزب إلى إعاشة أعضاء أمانته العامة.. قال لي لو صبرت قليلاً لرأيت صفوف طالبي خدمة التزود بالنقود.
٭ كانت دائماً هذه الصورة السالبة في ذهني، وأنا أنظر إلى البنيان الحزبي في بلادي .. سياسيون يصنعون أحزاباً ليثروا من ورائها .. وشيوخ يستثمرون في حب الناس وولائهم ليجثموا على الصدور عشرات السنوات.. ولكن حزب المؤتمر السوداني فعلها أمس الأول.. هذا الحزب الصغير في حجمه والكبير في تجربته عقد مؤتمراً عاماً انتهى بانتخاب قيادة جديدة.. منافسة حقيقية دارت بين قادته.. انتهى الاختيار الديمقراطي بالمهندس عمر الدقير رئيساً .. إنزوى إبراهيم الشيخ الرئيس السابق إلى الوراء، رغم أن الرجل أسهم بماله وباع حريته ليشيد لهذا الحزب مجداً بين الناس .. بات إبراهيم الشيخ مجرد رئيس سابق.
٭ لكن حزب المؤتمر السوداني الذي يفتح كوة ينسرب من خلالها الضوء، كان في الحقيقة يقدم بيان إدانة لرصفائه من قادة الأحزاب..الإمام الصادق المهدي قبل أيام دعا عشيرته الأقربين وثلة من قادة حزبه ليشهدوا بالقاهرة عيد ميلاده الثمانين.. تحدث الإمام في كل شيء غير نيته الانصراف من المشهد السياسي الذي ظل جاثماً عليه منذ منتصف ستينات القرن الماضي.. بل أن تسريبات هنا وهنالك تحدثت أن الإمام ربما يحلم بمنصب رئيس وزراء الفترة الانتقالية إذا ما أرخى الحزب الحاكم قبضته قليلاً .
٭ مولانا الميرغني في قصره بلندن في عزلة عن الأحداث.. حينما يتساءل الأشقاء والخلفاء إن كان الزعيم مازال داخل الشبكة ينفحهم من عاصمة الضباب بصورة تذكارية ..الحزب يضطرب وكل مسؤول فيه يلعنه الآخر.. دعوات التغيير ترتفع ولكنها لا تمس مقام مولانا الشريف كمرشد على حزب فشل في عقد مؤتمر عام لنصف قرن من الزمان..رغم ذلك الفشل الذريع فبعض المريدين لا ينتظرون غير نظرة من (أبو هاشم).
٭ المؤتمر الشعبي تحوَّل إلى طائفة ..من يسأل عن موعد تنحي الشيخ الثمانيني يعتبر خارجاً، وإن كان من السابقين السابقين..الشيخ حسن الترابي يمسك بكل مفاتيح اللعب.. يقود الحزب من المعارضة الشرسة للحزب الحاكم إلى الموالاة الحميمة دون أي ضمانات غير عبقرية الشيخ وبركاته.. أما المؤتمر الوطني فمنذ زمن يتحول الحزب إلى الشمولية بخطط مدروسة .. كل خليفة محتمل أُحيل إلى التقاعد باسم الإصلاح..الآن تجري محاولة تصفير الدستور لندخل دورة رئاسية سادسة باعتبارها الأولى بعد الحوار الوطني.
٭ حتى الجبهة الثورية التي تنادي بالتغيير سقطت في الاختبار الأول، حينما فشلت في القبول بالتداول السلمي في مقعد الرئاسة الذي من المفترض أن يكون ساخناً.. الحزب الشيوعي الذي لولا أقدار الموت لظل الأستاذ نقد على عرشه مع رفاقه في الساحة السياسة من خريجي مدرسة حنتوب الثانوية..الحزب الشيوعي أعلن قبل أسابيع عن تأجيل مؤتمره العام إلى أجل غير مسمى.
٭ بصراحة.. هل ننتظر من هُولاء ديمقراطية وهم الذين لم يتداولوا مفرداتها داخل أحزابهم.. الأحزاب التي تفشل في تطبيق التداول السلمي للسلطة داخل دورها لن تكون قادرة على ممارسة ديمقراطية راشدة على مستوى الوطن .


تعليق واحد