الصادق الرزيقي

مؤتمر سفراء الخارجية


> بدأ أمس، مؤتمر تداولي لسفراء وزارة الخارجية، وهو المؤتمر السادس، للتداول حول ملامح السياسة الخارجية وتنفيذها، تحت شعار(دبلوماسية فاعلة من أجل سلام وتنمية السودان)، وتحتاج وزارة الخارجية لمثل هذه الاجتماعات للمراجعات والنظر نحو المستقبل وعلاقات السودان الخارجية في ظل متغيرات وظروف وبيئة إقليمية ودولية متسارعة التحول والتبدل والتغيير، وتواجه الوزارة في مهمتها تحديات وصعوبات جمة، من الواجب النظر فيها بعمق والتدارس حولها بإحاطة، نظراً لما يواجهه السودان من مشكلات مع بعض الأطراف الدولية وظلالها على المجتمع الدولي كله.
> وليس من شك، في أن وزارة الخارجية منذ تأسيسها مع مطلع الاستقلال، ظلت هي خط الدفاع الأول عن البلاد، وتقوم بواجبها وتؤمِّن مصالحنا التي تربطنا بالعالم الخارجي وتعكس ما يدور في الداخل السوداني، وقد ضمت الوزارة على مر تاريخها الطويل ولم تزل، خيرة الكفاءات السودانية وأفضلها، وقدمت وجه السودان المشرق للمجتمع الدولي، ودافعت باستماتة عنه كمؤسسة في طليعة مؤسسات الدولة الفاعلة والمتفاعلة بما يحدث حولنا.. وتقوم الآن بدور فاعل وكبير في ترابط السودان مع الخارج والحفاظ على وجوده ومكانته الدولية والإقليمية.
> وكما أشار وزير الخارجية أمس، إن الوزارة حققت اختراقاً كبيراً في المجتمع الدولي، وحافظت على علاقات متميزة مع الجوار الإقليمي.
> وتنتهج وزارات الخارجية في بلدان العالم المختلفة وخاصة المتقدمة منها، هذا النهج المتقدم في عقد المؤتمرات والاجتماعات التداولية لسفرائها، لتجويد الأداء العام، وتحقيق الأهداف والمصالح العليا، ومراجعة تنفيذ السياسة الخارجية وتقييم وتقدير ما يتم إنجازه من أعمال، ثم البحث في آفاق ومرئيات جديدة للعمل الخارجي..
> وزارة خارجيتنا أولى بهذا النهج وقد سارت عليه، وهذا المؤتمر يُعد السادس من نوعه، مع وجود مؤتمرات واجتماعات مماثلة له تعقد في الخارج للسفراء العاملين في أقاليم واحدة، مثل سفراء السودان في أوروبا أو جنوب شرق آسيا أو غيرها من المجموعات الجغرافية الدولية.
> يواجه هذا المؤتمر الذي التأم أمس، وخاطبه النائب الأول ووزير الخارجية ووكيلها في الجلسة الافتتاحية، عدة أسئلة كبيرة، لابد من الإجابة عنها، وترن هذه التساؤلات في أذهان كل المهتمين بالعمل الخارجي، فهي بطبيعة الحال مصوبة نحو القضايا الحقيقية للوزارة، فولاية الوزارة على العمل الخارجي ودورها وإشرافها ورعايتها الكاملة وقيامها على تنفيذ وتطبيق السياسة الخارجية، لابد أن يكون من أولويات الوزارة في المرحلة المقبلة، فجهات كثيرة تقوم بأدوار مختلفة سواء أكانت رسمية وشعبية أم ذات طبيعة فنية في المجال والفضاء العالمي لخدمة البلاد، فما هي الجهة ذات الولاية على هذا العمل وتقوم بتنسيقه وتدبيره وضبطه ووضعه على المسار الصحيح؟.. أليست هي وزارة الخارجة المنوط بها أن تكون ضابط الإيقاع ومايسترو العلاقات الخارجية؟
> وشيء آخر في ما يبدو لكثير من المتابعين والمراقبين ولا يخفي على كل ذي عينين، إن الخارجية مع ما لديها تقييم وتقديرات وما تحتويه تقاريرها حول كثير من الأزمات والقضايا الدولية، وعن العلاقات الثنائية ومستقبل علاقاتنا مع دول ومنظمات كثيرة، وعن مكانة السودان ودوره الإقليمي والدولي، تجدها غائبة نوعاً ما، عند اتخاذ قرارات مهمة ومفصلية، أو حين يواجه السودان معضلة وتحدٍ كبير وتعقيدات في علاقته مع المجتمع الدولي..
> وفي ظل ما تعيشه المنطقة العربية والإفريقية من تطورات متسارعة، وما يشهده العالم من خطى متعجلة واضطراب بائن، لابد أن تجلس وزارة الخارجية وقيادة الدولة للاستماع إلى ما يقوله السفراء بالخارج، وعدم التركيز فقط على التقارير وملخصاتها، ويذهب كثير منها للأضابير والأرشفة والحفظ.. فالسودان اليوم يسير بخطى ثابتة وله مواقف مشرفة في الأوضاع الراهنة في العالم والإقليم، فهو بلد يكافح ويحارب الإرهاب والعنف، ويقف بقوة ضد تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر، ويبذل جهوداً لا هوادة فيها لمنع الجريمة العابرة للقارات وغسيل الأموال والهجرة غير الشرعية.
> هناك فرص ثمينة ستعيد للسودان موقعه الدولي والإقليمي، لابد من مبادرات سياسية فاعلة وعمل تقوده الوزارة بكل طاقاتها وبكل إمكانيات الدولة التي يجب تسخيرها لهذا العمل الحيوي المهم، فحتى لا تضيع هذه الفرص وتذهب أدراج الرياح، على الوزارة أن تخرج من مؤتمرها هذا بتوصيات ومخرجات عملية قابلة للتنفيذ الفوري، وأن تكون واضحة وصريحة تخاطب القضايا الملحة وتضع الحلول وتفتح الطريق وكل الأبواب والنوافذ للرؤية الجديدة لوزارة قادرة على صناعة واقع جديد في العلاقة مع الخارج..