عبد الباقي الظافر

مع طباخ الرئيس ..!!


«انا ما باكلش أربعة كيلو جمبري يا أستاذ طلعت»..بتلك العبارة استهل حسني مبارك الرئيس المصري (وقتها) لقائه بالفنان طلعت زكريا بطل فيلم «طباخ الرئيس».. وكان الفيلم الذي حاز على اهتمام المصريين قبيل ثورة يناير قد شخص الأزمة في ان رئيس الجمهورية معزول عن الشعب.. رجال حول الرئيس يحيلون بينه ورؤية واقع الشعب البائس..جراءة الفيلم منعت اكثر من ممثل من الموافقة على لعب دور الرئيس مبارك..حاول قصر الاتحادية تلطيف الأجواء بدعوة بطل الفيلم للالتقاء كفاحا مع رئيس الجمهورية حتى يتم تبيض الصورة القاتمة.
في الحوار الرائع الذي أجراه زميلنا اسامة عبدالماجد مع الاستاذ علي عثمان النائب الاول السابق (اندلقت) كثير من المعلومات ..لفت نظري الاعتراف الصريح من شيخ علي حينما قال «اكتشفت حقائق جديدة عن معاش الناس بعد مغادرتي المنصب»..قبل ان نخوض في التفاصيل ابين لكم الطريقة التي كان يتواصل بها النائب الاول مع الجمهور.. يحرس مكتبه في القصر حراس اشداء منعوا يوما وزير الأوقاف بالخرطوم من حضور اجتماع يتدارس ملف الأوقاف.. اذا ما كنت شخصا عاما وحاولت التواصل مع النائب الاول عبر منزله دون سابق موعد فعليك ان تسجل اسمك في كراسة بالية ثم تنتظر اتصالا قد لا يأتي أبدا.
في دول اخرى يتم التواصل بين الحاكم والشعب بطريقة سلسة.. باراك اوباما اصاب الرئاسة بعد ان تسلح باسلحة التواصل مع الناس.. عشية الانتخابات الاولى في العام ٢٠٠٨ كان أنصار باراك اوباما يصنعون اكثر من مليوني حساب في شبكة الانترنت..بنهاية العام ٢٠١٤ كان الرئيس باراك اوباما ثالث اكبر شعبية في شبكة (تويتر) حيث تابعه اكثر من خمسين مليون شخص..من بين هؤلاء زعماء دول ومواطنين عاديين تمكنوا اكثر من مرة في التواصل مع الرئيس اوباما.. جهد التواصل مع شبكات التواصل الاجتماعي يقف من ورائه كرس جوكس ثالث اثنين أسسا شبكة (الفيس بوك ) ذات الحضور الكبير في الفضاء الإسفيري .
قبل اسابيع اتصلت علي سيدة تم اعتقال ابنها في المملكة العربية السعودية في ظروف غامضة.. الام المكلومة تريد ان من رئيس الجمهورية مساعدتها ..بكل بساطة اعتذرت لها عن المهمة الصعبة خاصة ان الاسرة كانت تفضل عدم التصعيد الإعلامي بدافع الخوف على الابن الغائب..لاحقا حاولت غير مرة ان اجد لرئاسة الجمهورية موقعا إلكترونيا مأمونا او صفحة في شبكات التواصل مضمونة لتوصيل استغاثة المواطنة السودانية ..أرجوكم لا تسألوني لماذا لم استخدم الهاتف للتواصل مع رئاسة الجمهورية.
الحكومة تتعسف مع الصحافة التي من الممكن ان تكون معبرا عن هموم الناس وجسرا للتواصل مع السلطة..مؤخرا اعتبرت الحكومة الاعلام الالكتروني المتحرر من القيود عدوا يجب ان تسن له السيوف..خروج مجموعة من الأفراد للشارع للتنبيه عن قضية يعتبر بحكم القانون تقويضا للحكم الدستوري..حينما لا يجد الناس فرصة التنفيس عن همومهم وتظن السلطة المحجوبة ان الشعب في اسعد حال تحدث الطامة الكبرى.
بصراحة.. مطلوب فورا جسرا للتواصل بين الشعب والحكومة ولو كان في بساطة برنامج المكاشفة الذي ابتدعه الرئيس (القائد) جعفر نميري رحمه الله.