رأي ومقالات

التصعيد السعودي الإيراني.. حرب قادمة.. أم استعراض قوة؟..


منذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم ضد الحوثيين، لا يمر يوم دون إطلاق تصريحات من القيادات الإيرانية العسكرية تتعلق باليمن وتتراوح بين الحديث عن حلول سياسية للأزمة والتحذير من عواقب استمرارها على المنطقة إلى أن وصلت مؤخرًا للتهديد العلني بضرب السعودية، فقد هدد قائد القوة البرية في الجيش الإيراني، السعودية بـضربة عسكرية إن لم تكف عن القتال في اليمن، وقال إن الجمهورية الإسلامية لا ترغب في النزاع مع السعودية، داعياً الرياض إلى الكف عن قتال إخوانها في اليمن؛ لأنها تخوض بذلك حرب استنزاف، قد تعرضها لضربات قاضية، والسؤال الذي بات يشغل بال كثيرين من المتابعين للأزمة اليمنية، خصوصاً بعدما توالت التصريحات والتهديدات الإيرانية عن مواجهة بين الطرفين، هو هل اقتربت الحرب السعودية الإيرانية بسبب عاصفة الحزم؟.. المتابعون للأزمة رصدوا أسباب تمنع من مواجهة إيران للسعودية عسكرياً، أولها: علاقة السعودية القوية بالولايات المتحدة ومصر وباكستان، وثانيها: الخوف من تكرار العزلة الدولية، وثالثها: الحفاظ على حليفها السوري بشار الأسد، ورابعها الحفاظ على مكاسبها النووية بعد إنهاء الأزمة مع الولايات المتحدة، وخامسها: عدم خسارة التعاطف الدولي معها مؤخراً.
إن ما يحدث من تصريحات لقيادات عسكرية إيرانية ما هو إلا مظاهرات عسكرية لإظهار القوة، لأن مواجهة إيران للسعودية عسكرياً غير وارد بالمرة، فإيران تعرف جيداً حجم العلاقة بين المملكة العربية السعودية والدول الكبرى، وبالتالي فهي أكبر من أن تورط نفسها في حرب ستكون هي الخاسر الأكبر فيها، وإيران الآن تعيش في حالة انفراج سياسي عن طريق رفع العقوبات عنها، وعسكرية عن طريق إنهائها للملف النووي، وبالتالي فإن دورها سيقتصر على الدعم المادي والسياسي والتسليحي، وفي غالب الأحوال ستتجه طهران إلى المبادرات سواء التي طرحتها السعودية أو التي طرحتها طهران وتركيا. والتهديدات الإيرانية للسعودية واجهتها تحركات أمريكية، إذ تحدث عسكريون أمريكيون، أن سفنا حربية أمريكية بينها مدمرتان، تتواجد حالياً في المياه الإقليمية اليمنية، وأغلبها في باب المندب في رسالة صريحة إلى طهران، ورغم أن الناطق باسم البحرية الأمريكية قال إن عمليات تلك السفن روتينية، إلا أن تلك السفن قد قامت بتفتيش سفينة تحمل علم بنما، يُشتبه في نقلها أسلحة إيرانية، وما يعضد الأمر قول مسؤول عسكري أمريكي، آخر: إن أسطولاً عسكرياً إيرانياً في طريقه حالياً نحو المياه الإقليمية اليمنية، ليصبح في مواجهة مباشرة مع الوحدات التابعة للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، ضد مواقع جماعة الحوثي، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يعزز المخاوف الأمريكية حيال إمكانية حدوث مواجهات عسكرية بين السعودية وإيران، ما يعني غرق المنطقة في حرب طائفية، كاشفاً أن الجديد في التحرك البحري الإيراني هو عدم محاولة السفن الحربية الإيرانية التخفي أو المناورة، مشيرًا إلى أن قادة الأسطول يتعمدون التواصل مع القطع الحربية الأمريكية، وغيرها من سفن تحالف عاصفة الحزم في مياه خليج عدن.
إن المواجهة المباشرة بين إيران والسعودية مستبعدة على الأقل في الوقت الحالي، فإيران تقوم بتحرك ديناميكي سياسي، تعتمد فيه على نقد السعودية ومن ثم إقناع المجتمع الدولي بأن العمليات العسكرية لن تجدي نفعاً، ولكنها في ذات الوقت متخوفة في الوقت نفسه من التدخل البري للتحالف في اليمن، وأنها تفاجأت من رد الفعل السعودي المباشر الذي تمثل في التدخل المباشر وتشكيل تحالف دولي، فمخاوف إيران نابعة من أنها لن تستطيع مساعدة حلفائها في جماعة الحوثي مساعدة مباشرة، لأن تمدد أساطيل التحالف من البحر الأحمر حتى البحر الأبيض، لن يدع لإيران موطئ قدم في العالم العربي عدا جنوب العراق، ورغم هذه المعطيات والحقائق على الأرض، الا ان التهديدات ازدادت في الفترة الأخيرة من قبل إيران للمملكة العربية السعودية، لإيقاف ضرباتها العسكرية ضد الحوثيين، وهو ما أثار قلق كثيرون من الدول العربية والغربية.
ورغم التصعيد السياسي والإعلامي والدبلوماسي بين إيران والسعودية وأنصار البلدين، فإنه من الواضح أن لا مصلحة للبلدين في الانخراط بحرب عسكرية مباشرة، مع أنهما يخوضان حروبا بالوكالة في أكثر من ساحة ومنطقة عربية وإسلامية، فالأوضاع الاقتصادية والشعبية والدولية والإقليمية لا تسمح اليوم بفتح حرب إقليمية جديدة، نظراً لوجود مخاطر كبرى أخرى تهدد المنطقة والعالم ولا سيما انتشار التطرف والعنف، كما أن الدول الكبرى ولا سيما روسيا واميركا وبعض الدول الاقليمية والاسلامية كتركيا وباكستان ومصر وكذلك الدول الاوروبية لا مصلحة لها بتصعيد الاوضاع في المنطقة، رغم ان بعض هذه الدول تستفيد عادة من اندلاع الحروب لجهة تنشيط بيع الاسلحة وزيادة الارباح من تجارة النفط، وسيكون البلد الوحيد الذي يستفيد من تصعيد الصراع السعودي ـ الايراني هو الكيان الصهيوني، لان هذا التصعيد يخدمه في تعزيز علاقاته مع بعض الدول العربية والخروج من مأزق اندلاع الانتفاضة، كما ان اندلاع الصراع ينعكس سلباً على قوى المقاومة في المنطقة ويزيد من حصارها الاعلامي والسياسي والميداني ويشغلها في صراعات جانبية.
وقياساً على تلك المعطيات، يمكن القول ان هذا الصراع جاء في توقيت خاطيء، وسيؤدي لتصعيد الاجواء الطائفية والمذهبية ولن يكون له اية انعاكاسات ايجابية، بل سيؤدي لمزيد من الدمار واجواء الكراهية والحقد بين ابناء المنطقة العربية والاسلامية، لهذا يجب ان تسارع الدول العربية والإسلامية والأوروبية للعمل على تخفيف أجواء الاحتقان والبحث عن حلول واقعية للتصعيد القائم، بغض النظر عن مسبباته، فالعالم العربي والاسلامي لا يتحمل حربا جديدة تؤدي لمقتل مئات الالوف ويجب على الجميع العمل على تحاشي اندلاع الحريق الذي لن يستطيع العالم باسره اخماده ان اندلع، ورغم مسؤولون سعوديون اكدوا ان الخلاف مع ايران لن ينعكس سلباً على عمليات التسوية في الملفات الاخرى ولا سيما في سوريا واليمن، مع ان التحالف العربي اعلن العودة الى الحرب في اليمن ردا على انتهاك الحوثيين وانصار علي عبد الله صالح للهدنة، لكن السؤال الاهم هو: الى اين سيؤدي هذا التصعيد؟وهل سيمّهد لحرب سعودية ايرانية على غرار الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي؟

صلاح الدين الحاج محمد
الانتباهة


‫2 تعليقات

  1. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اول مرة اشوف العفريت على حقيقته اخذاه الله فى الدنيا والاخرة وكفانا والمسلمين شره
    امين

  2. الاخطبوط في الرسم تنقصه عدة ايدي
    اليابان قالت ان دولة الامارات والسعودية وقطر والولايات المتحدة هي التي اشترت سيارات الهايلكس والتاتشر والبرادو لداعش