مقالات متنوعة

محمد لطيف : نسمة عدالة في.. سجن كوبر


هذا الصباح في كوبر.. يفتح السجن أبوابه.. ولكن على غير العادة.. لن تعبر عتبته أحذية الجند الغليظة وهي تدخل جانيا أو تخرج آخر.. ولا حتى عربات السجن المحكمة الإغلاق وهي تحمل في جوفها الاحتياجات والمعينات والتعيينات.. فكل هذه مظاهر مما اعتاد عليها ساكنو كوبر والعاملون فيه.. غير أن انفتاح أبواب كوبر اليوم قصته جد مختلفة.. حيث ستنسرب نسمة من العدالة.. ولكنها لن تكون كنسمة صيف عابرة.. يدركها من يدركها.. وتفوت على من لا ينتبه.. كلا بل ستكون نسمة لها ما بعدها.. وسيكون متاحا لمن تغمره أن يستنشق منها عميقا.. ويعب منها عبا.. فهل من فرصة لمظلوم أو متضرر أو متظلم من أن يرفع مظلمته مباشرة أمام مجلس للعدل يتصدره السيد رئيس القضاء.. يحيط به قضاته من مختلف الدرجات..؟
وهل من فرصة لمنتظر أو متعثر أو متعطل من أن يجد نفسه أمام السيد وزير العدل النائب العام يحيط به أركان وزارته ومستشاروه ومباشرة ليدفع بضرره أمامهم.. ليبت فيه؟
إذن.. هذا هو المشهد الموعود به نزلاء سجن كوبر من المحكومين والمنتظرين وحتى المعتقلين.. إن وجدوا.. كنت أقول للسيد وزير العدل دائما إن أكبر ما يمكن أن يعزز ثقة الناس في العدالة دائما.. أن يرى هؤلاء الناس العدالة رأي العين.. وهذه العبارة أكثر من سمعته يرددها بهوس صديقي القانوني الضليع الأستاذ كمال الجزولي الذي يمضي نقاهة في القاهرة.. أعاده الله معافى بأعجل ما تيسر.. وكنت أقول للسيد الوزير.. أنت بالذات لجولاتك معانٍ ودلالات تختلف عن الآخرين.. ذلك أنها ستحمل ولا شك مظهرا من مظاهر العدالة.. فجولاتك إما لسجن أو لحراسة أو لمحطة من محطات الخدمة القانونية ذات التماس المباشر مع المواطن.. ولسبب من كل هذا قلت للوزير احرص على أن يرى الناس جولاتك.. وظني أن الإعلام هو عين الناس الذي ينقل إليهم ما يرون..!
وإن كان هذا شأن وزير العدل.. فكيف بربك يكون الأمر إن اجتمع السيد رئيس القضاء والسيد وزير العدل على صعيد واحد.. وليس بهدف الاحتفال أو الاحتفاء.. بل بهدف واحد هو بسط العدالة.. ونشرها على رؤوس أناس شاء حظهم أن يكونوا رهيني محبسين.. السجن كضرورة لم يكن منه بد جراء ما طالوا من جرائم.. أو طالتهم من اتهامات.. ثم إجراءات تعثرت هنا أو تعطلت هناك .. فباتوا في أمس الحاجة لمن ينظر في مظلماتهم لفك أسر المحبس الثاني.. علّ ذلك يفضي لكسر طوق المحبس الأول..!
لا أذكر أنني سمعت بزيارة قام بها قريبا رئيس قضاء لسجن كوبر.. كما لم أسمع بالضرورة عن زيارة اجتمع فيها رئيس قضاء ووزير عدل.. لذا أقول إن هذا الصباح يستحق صفة صباح استثنائي في سجن كوبر..
السيد رئيس القضاء ورجاله سينظرون اليوم ومن داخل سجن كوبر في أحوال المحكومين والمنتظرين للتنفيذ وسير إجراءاتهم وأوضاعهم للبت فيها فورا.
.. أما السيد وزير العدل فسيعكف هو الآخر على دراسة أوضاع المنتظرين في مرحلة التحري بالضرورة والنظر في ما أشكل من أمرهم.. وإصدار التوجيهات اللازمة والصارمة.. بما يرفع الظلم.. ويدرأ الشبهات.. ويحفظ الحقوق.. لا زلت أذكر حين كان مولانا عوض الحسن النور مساعدا لرئيس القضاء وأطلق ما أسميناها يومها.. للعدالة باب واحد.. سرعة البت.. ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن ينتقل مولانا بحماسه ذاك ليجلس على سدة وزارة العدل.. لتتكامل الأدوار وتكمل بعضها البعض.. مما يتيح فرصة ذهبية ليرى الناس العدالة رأي العين كما يطالب صديقي كمال الجزولي..!