منصور الصويم

“عوض جبريل” كما يراه موسى حامد


الكلمات التالية خالصة من كتابة للصديق والصحفي الجميل (موسى حامد)، درج على إنزالها كل خميس في حسابه بموقع (فيس بوك)، موثقا في كل مرة لمغني أو شاعر من فناني بلادنا الأماجد.. هنا يكتب عن الشاعر الغنائي الكبير: (عوض جبريل):
وعمره لمْ يتجاوز العشرين، كتب عوض جبريل، أول أغنياته، مستعيناً على تلحينها باستلاف لحنٍ (مونولوج) متداولٍ في الخمسينيات، شدا به صوت المغنية فاطمة الحاج:
(ليْ حبيب شاغل بالي/ دايماً محطّم آمالي).
ثم انطلقتْ تجربته سريعاً، وتكورّتْ، مثل كرةٍ ثلجية منطلقة عبر أغنياتٍ، كل واحدة تزاحم الأخرى في الانتشار والذيوع:
(أستحق صدّك)، (كل ما سألت عليك)، (الشغل بالي)، (حبيبتي بستلطفا)، وصولاً الى (حنّي عليْ أنا يا ستي).
أغنيات كتبها بذات حرفته ومهارته العالية في تزبيط (بلاط المزايكو)، باعتباره أحرف بتاع بلاط، وبنّاء في أمدرمان الستينيات وسبعينياتها.
الرابط بين هذه أغنيات الشاعر العظيم عوض جبريل: السهولة، البساطة، والتقاطه المفردات العادية التي يتداولها الناس في حديثهم اليومي. لكن وقعها في أغنياته مدهش، عميق ولافت. يبدو لي إنّها توليفة نجاح أغنيات عوض جبريل، هذا إذا أضفت إليها تتلمذه على يد الشاعر الكبير عبد الرحمن الريح!!
وعلى ذات طريقة الكلمات الخفيفة، البسيطة، والعميقة، كان يكتب عوض جبريل. يكتبُ كلمات لها قدرة سريعةٍ على الجري على لسان المستمع، بل والاستقرار فيه. ثم يكسوها ألحاناً، تأخذُ من نبض الشارع ورشاقته الكثير.
وبذات الطريقة السهلة، والبسيطة التي كان يكتبُ بها أغنياته، بل ويضع لها ألحانها. بذات تلك الطريقة السهلة والبسيطة، كانت نهاية شاعرنا الغنائي (عوض جبريل) في ظهيرةٍ (إبريلية) قائظة من العام 2003م، وهو يُمارس المشي (الكدّاري)؛ الذي أتعبه، وأعطشه، فاتجه الى ورشة نجارةٍ.
طلب من صاحبها (كوز موية)، فرفض إعطائه، بعدها تطوّر هذا الحديث البسيط، كلمةٌ من هنا، وأخرى من هناك. ليصل الحوار سريعاً، حد أنْ تهوى خشبة مهوقني على رأس عوض جبريل، أرقدته العناية المكثّفة بمستشفى الخرطوم، بعدها سريعاً أسلم الروح مبكيّاً عليه.
ألم أقل لكم إنّها طريقة سهلةٌ وبسيط للموت؟
سيناريو بسيط لنهاية حياة الشاعر الكبير عوض جبريل. لكنها تكاد تُطابق طريقته في كتابة أغنياته، بدءً من سهولة جريانها تأليفاً. مروراً بألفاظها السهلة والممتنعة، منسجمةً مع حديث الناس اليومي. وليس نهايةً بتلحينه لها مستخدماً أقرب طاولة، أو (تربيزة)!!