محمود الدنعو

بحاجة لموقف سيارة


في الثامن والعشرين من يناير العام 2009 وخلال أول أسبوع للرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض اجتمع أوباما في الطابق الثاني من مبنى وزارة الدفاع (البنتاغون) مع كبار القادة العسكريين. مسؤول كبير في البنتاغون وصف الرئيس الجديد حينها بأنه واثق وهادئ، ولكنه لم يظهر رغبة كبيرة في القيام بدور القائد العام للقوات الأمريكية، تجول داخل قاعة الاجتماع صافح كل الجنرالات والأدميرالات فردا فردا، وقدم نفسهم إليهم رئيساً جديداً للبلاد، وشكرهم على التضحيات التي يقومون بها من أجل أمن وسلامة البلاد، ثم جلس وفتح باب النقاش الحر حول التحديات الدولية إقليم بإقليم وأزمة وراء أزمة، وكان بحسب المسؤول في البنتاغون الذي تحدث إلى مجلة (فورن افيرز)، كان فصيحا في لغته وملما بالمعلومات في مختلف القضايا، وأدهش كبار الضباط الذين كانوا يضعون له صورة مغايرة، فهو رئيس شاب لا يملك تجربة، ولكنه من خلال النقاش العميق حول المهددات الأمنية أفحمهم وأظهر مسحة من الواقعية.
في ذلك الاجتماع الاستهلالي لولاية الأولى، أشار أوباما إلى أنه ذلك النوع من الناس الذي يقود سيارته على الطريق، ولا يمانع في (ركنها) على جانب الطريق إن وجد مساحة خالية، وكانت الرسالة واضحة بأنه ورث حربين لا تحظى بشعبية، ونفور للحلفاء، وركود عميق في العقود الأخيرة، ولكن سيجد أسلوباً للتعامل مع العالم كما كان سابقاً.
بعد سبعة أعوام على ذلك الاجتماع، يعيد الكثير من كبار الضباط الذين كانوا حضوراً في الطابق الثاني من البنتاغون الكرة إلى الوراء، يجدون أن رئاسته للولايات المتحدة اتبعت نهجاً مغايراً في الحكم، ويشيدون بالإنجازات التاريخية في مجال الدبلوماسية والعلاقات الخارجية، ويستشهدون بالاتفاق النووي الإيراني والانفتاح على كوبا والشراكة والتعاون العابرة للأطلنطي، ودرء (إلى حد ما) الهجمات الإرهابية داخل التراب الأمريكي، ويعترفون بأنه حاول القيام بالأفضل من أسوأ الخيارات، ولكنهم في الكثير من الأحيان يقولون إنه تجنب اتخاذ القرارات، وكان ينتظر الظروف لتصبح أفضل كان يدور في حلقة مفرقة أو من خلال استعارة عبارته شخصياً كان يبحث عن منطقة أفضل لكي يوقف السيارة.
مع النجاحات التي حققها أوباما خلال ولايتين من الرئاسة الأمريكية في مجال السياسة الخارجية إلا أن هناك إجماعاً على أنه كان يتهرب من اتخاذ القرارات الصعبة، ولديه حساسية ضد استخدام القوة العسكرية، حتى وإن كان هناك تهديد مباشرة وتصعيد ضد الأمريكيين، ودائماً هناك عدم تطابق بين أقواله وأفعاله أحد الجنرالات المتعاقدين، يقول: “هو دائماً يصدر التحذيرات الصارمة ثم لا يفعل شيئاً هذا الأمر يضر بمصداقية الولايات المتحدة”.