تحقيقات وتقارير

سلع الرصيف.. أمراض مغلفة في جوف المواطن.. ضرورة التوعية


لا يستطيع أحد أن يجد من أول نظرة اختلافاً بين السلع المعروضة على أرصفة الشوارع تحت هجير الشمس، ويتم بيعها بأسعار بخسة عن تلك المعروضة على رفوف أشد السوبرماركتات أناقة في أرقى الأحياء والمُدن، ولكن من يعيد النظر كرتين تتكشف له الهوة الواسعة في تاريخ السلعة الواحدة.
فدائما يظل الأغلبية من أصحاب البقالات والسوبرماركتات شديدي الحرص على تجديد أنواع البضائع وإبادة من انتهت صلاحيتها منها، أما تلك المعروضة على الأرصفة لتباع بالقطعة أو (الكوم)، فغالباً ما انتهت صلاحية بعضها أو شارف تاريخ الصلاحية على الانتهاء، ولهذا تصل بصورة أو بأخرى لأيدي الباعة المتجولين، فيقومون بعرضها بالصورة المشار لها، القضية تبدو في منتهى الوضوح حين تتعلق بالسلامة العامة، لكن القضاء على مهددات هذه السلامة يظل عصياً إذا لم تتضافر جهود عدة كما نُبيّن أدناه.

على الأرصفة
نفسها البضائع والسلع التي تباع في أماكن بعينها بأسعار فوق طاقة معظم المستهلكين يعثرون عليها تحت أقدامهم على أرصفة محطات مواصلات النقل العام، وبين إشارات المرور بأسعار بخسة ودون تأملها جيداً يدفعون قيمتها للباعة ويأخذونها دون أن يعلموا أنهم لم يشتروا سلعة غذائية إنما اشتروا الداء بعينه، هكذا يصف محمد عبدالله احد سكان الحارة (26) بأم بدة من يحصلون على سلع قيمة بأسعار رخيصة من الباعة المتجولين. ويضيف “البضاعة التي تباع على الأرصفة بكل تأكيد فإن بعضها منتهي الصلاحية، وحتى تلك التي لا يزال تاريخ صلاحيتها سارياً تجد صلاحيتها انتهت دون شك، لأنها معروضة باستمرار في الحر ولا توجد سلعة غذائية واحدة مصنوعة من مواد مقاومة لأشعة الشّمس، ورغم هذا تجد البعض يقبل عليها بالشراء وكأن صحته وصحة أسرته لا تعنيه في شيء”. ويؤكد محمد عبدالله أن أمراضاً عديدة تصيب المواطن سببها الرئيس هو تناوله للمواد الاستهلاكية والأطعمة المعروضة تحت الشمس وتباع بأسعار رخيصة.

كميات مهولة
المؤسف أن أسعار بكاملها نشأة لتباع فيها مواد استهلاكية وسلع تكاد تكون منتهية الصلاحية، بحسب الطاهر مرزوق يعمل بسوق أبوزيد بأم بدة، وأن السلع تتنزل عليها كل يوم بكميات مهولة تأتيها من المخازن والمتاجر الكبيرة عبر وكلاء معروفين لدى الباعة، والحديث لمرزوق، الذي أبان أن الشركات والتجار الكبار حين يعثرون على مواد في مخازنهم منتهية الصلاحية أو كادت صلاحيتها أن تنتهي يسرعون ببيعها للباعة المتجولين ولآصحاب المحلات الصغيرة بالأسواق الشعبية والطرفية وهؤلاء بدورهم يقومون بعرضها بأسعار رخيصة تجذب المستهلك، فيقع ضحية دون أن ينتبه لتاريخ الصلاحية أو للمكان الذي يتم فيه عرض السلعة، وهو غالباً ما يكون تحت لظى الحر باستمرار مما يؤدي لفسادها وانتهاء صلاحيتها وتحولها لمادة سامة أو مسببة لآخطر الأمراض كالاسهالات وغيرها من الأمراض التي تصيب نتيجة لأكل مواد منتهية الصلاحية أو معروضة في أماكن سيئة وغير صالحة لعرض السلع الاستهلاكية.

حماية منتظرة
دون شك أن هناك جهات رقابية عدة تعمل على حماية المستهلك من خطر المواد غير الصالحة للاستهلاك، لكن جهدها كما أوضحت جمعية حماية المستهلك في وقت سابق لا يأتي بنتيجة تبعاً لإصرار المواطن على شراء السلع المنتهية ورفضه للتبليغ عنها. وعدَّت الجمعية أن جهل المواطن بحقوقه ومساندته ودعمه لتجار السلع الفاسدة ينعكس عليه بأضرار بليغة، ويهدر في الوقت ذاته الجهود الرامية لمحاربة مثل هذه التجارة الفاسدة والمضرة، ولوضع نهاية للأمراض التي تنتج عن استخدام المواد المنتهية الصلاحية يجمع أهل الرأي على أن الخطوة المهمة هي توعية المواطن بخطورة هذه السلع، مما يسهل عدم إقباله عليها، وهذه هي الخطوة التي تفتقدها الجهات الرسمية والشعبية في مسار محاربتها للسلع الفاسدة والمنتهية الصلاحية.

الخرطوم – محمد عبدالباقي
صحيفة اليوم التالي