مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : المشكلة فيكم يا بدر الدين


قال وزير المالية إن وزارته اتخذت عددا من الإجراءات الحاسمة للسيطرة على سعر الدولار، وذلك بعد أن حدد الأسباب الرئيسة لارتفاع سعر الصرف والتي حصرها في عدة أسباب أبرزها على الإطلاق: المضاربات، وتهريب الذهب، والحاجة المتنامية للعلاج بالخارج، كما أشار في هذا الصدد إلى استيراد السلع الكمالية، والتي قال إن الحكومة عمدت إلى زيادة الرسوم الجمركية لها للحد من استيرادها واستهلاكها، لكن الوزير لم يشر إلى الكم الهائل من الدقيق (المدعوم) الذي يهرب إلى خارج الحدود، لكن ليس مهماً، المهم أنه أقر بتقصير الحكومة في هذا الصدد على نحو غير مباشر..
لكن من قال إن الناس حتى العامة منهم لا يعرفون أسباب ارتفاع سعر الدولار، ومن قال إن الناس لا يعرفون علة اقتصادنا المأزوم، ومن ذا الذي كان ينتظر وزير المالية ليحدثه عن كارثة التهريب والمضاربات، وتأثيرها الخطير على ارتفاع أسعار الدولار وكذلك أثر استيراد السلع الكمالية بل والقاتلة الفاسدة منتهية الصلاحية، واستيراد المواد المسرطنة والكريمات الضارة بالصحة والتي تدفع فيها الدولة مليارات الدولارات على سعر الصرف.. بالله عليكم انظروا إلى هذه المعادلة: الدولة تدفع مليارات الدولارات لشراء مواد وسلع فاسدة ومسرطنة، فيصاب مواطنوها ثم يطلبون العلاج بالخارج بأكثر من ثمن السلع القاتلة التي سمحت باستجلابها، وفي كلا الحالين تدفع مليارات الدولارات، فلماذا لا يجن جنون الدولار، والمضاربات شغالة وتجار الدولار يتمتعون بالنفوذ القوي والحماية، فالعلة نعرفها جميعا وما نريده ونفتقده هو قدرتكم على الحسم، واشد ما يؤلمنا هو التساهل مع أمور كهذه.
يا سيد بدر الدين كلنا يعرف هذه الكارثة وأسبابها، ونعرف أيضاً أن أس البلاء فيها هو ضعف الإرادة السياسية تلك السمة التي باتت ملازمة لهذه الحكومة، نعم ضعف الإرادة السياسية ذلك الوريد الذي أصبح يغذي هذه الأزمة وغيرها من الأزمات التي استفحل أمرها واستعصت على الحل..
سمعناكم كثيراً تحدثوننا عن الأزمات وأسبابها وعلاجها بل اتخذتم من الإجراءات والقرارات ما يثلج الصدور عند إصدارها، ونشرها وبثها عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولكن سرعان ما يصعقنا ضعف إرادتكم السياسية في تنفيذ القرارات بالحسم الذي يشبه رجال الدولة، فهل أنا بحاجة لأذكركم بإعدام (مجدي) وآخرين من تجار العُملة، تلكم القرارات الحاسمة التي اتخذتموها في باديء الأمر، ثم ما لبثم إلا قليلاً حتى تساهلتم مع هذا النشاط الطفيلي الهدام الذي شوه تجربتكم في الحكم من الناحية الاقتصادية، فانتشرت المضاربات، وبات أكثر تجار العملة من منسوبيكم وأصبحت تجارة العملة لا تعرف إلا بكم لما وجدته من تساهل وتهاون متعمد وتشجيع..
أراكم والله تعرفون الحق ثم تنكرونه، أي والله تعرفون الأزمات وأضرارها البالغة وأسبابها ومعالجاتها وتتخذون من الإجراءات والقرارات الكفيلة بحلها ثم لا تفعلون، ولا تتابعون تنفيذ قراراتكم، كأنما الهدف هو تخدير الناس وإسكاتهم وحسب حتى لا تلامون، حل الأزمات ووضع المعالجات هو واجبكم وليس تخدير الناس بتشخيص الداء وقرارات وإجراءات تتخذونها ثم تنبذونها وراءكم ظهريا، ونسمع منها (جعجعة) ولا نرى طحينا.
خلاصة قولي يا سيد بدر الدين و(إخوانه) أجمعين، إننا نفتقد فيكم الإرادة السياسية والحسم في مواجهة العبث والفوضى والفساد وما يضر العباد ويخرب الاقتصاد، ولو أنكم توجهون1% فقط من القوة التي تواجهون بها خصومكم السياسيين، والمتظاهرين سلمياً، نحو العابثين بقوتنا ونهبة أرزاقنا، لما وصلت أحوالنا إلى هذا الدرك الأسف.. اللهم هذا قسمي فيما أملك. .
*نبضة أخيرة :
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.