هيثم كابو

اسم تنقصه أدوات التعريف


* تحملك نبرات صوتها الملائكي إلى عوالم يستعصي على الواقع استحضارها في رقعة الأرض الممتدة.. وتأخذك على متن حنجرتها الندية إلى فضاءات بلا نهاية، تماماً كمن قرر أن يتخلص من وزنه الزائد ويمتطي صهوة بساط الريح في رحلة إمتاع شرطها الأساسي أنها (ذهاب بلا إياب).
* كلما ترنمت بواحدة من أغنيات الحقيبة، أو رددت إحدى روائع الراحل عثمان حسين، كان نصيب لافتة (ينتهي الطرب بانتهاء مراسم الغناء) صفعة ساخنة على خدها!!
* طريقتها في الغناء تعلن للملأ مدى رهافة حسها، وتؤكد بياناً بالنغم أن لمشاعرها صوتاً، بينما تبصم حنجرتها بالعشرة معلنةً أن لصوتها مشاعر.
* أتهمس بالغناء.. أم تغني بالهمس؟.. لست أدري.. لكني أدرك حقيقة أنها تحرك أحاسيس الجمادات، وتُفتت وجدان الصخور وتذيب الرواسي الشامخات، من دون أن يظهر على حبال صوتها أو على ملامح وجهها الإجهاد والعناء.
* تغني بيسر وسهولة.. وتخترق الأفئدة والآذان والوجدان بذات اليسر وتلك السهولة.
* الحديث عن المطربة سميرة دنيا يعني الوقوف عند الصوت الطروب.. الأداء المنغم.. مخارج الحروف الصحيحة.. النطق السليم.. ولكن سميرة التي بايعها الناس جهراً واختاروها علناً لتصبح الصوت المعبر عن حسهم وأحاسيسهم وتفاعلاتهم وانفعالاتهم؛ عجزت تماماً عن زراعة أعمالها الغنائية الخاصة في أرض الواقع، ناسية أن الأغاني الخاصة خير لا بد منه، فبنك التاريخ لا يحفظ اسم مطرب بلا رصيد.
* نعم، أجادت تماماً في (أغاني السباتة)، وكان ألبومها (الغدارة) بمثابة شهادة موثقة تؤكد علو كعب موهبتها.. وبراعتها الفائقة في أداء أغنيات عثمان حسين، شهد بها القاصي والداني.. ولكنها لا تزال تتهيب تجربة تقديم المنتوج الفني الخاص وتخشى من ردة الفعل، مع أنه صار لها اسم بالساحة، إلا أن هذا الاسم تنقصه أدوات التعريف(!!!).
* إعجابي اللا محدود بسميرة دنيا، ومعرفتي بإمكانياتها، وانحيازي السافر لها، يجعلني أطالبها مراراً وتكراراً بضرورة تقديم الأغاني الخاصة مرة، وإعادة الطلب مرتين، والطرق على الأبواب عشرات المرات حتى تنفتح المغاليق، فليس هناك ما يدعو للقلق من خوض تجربة تقديم الأعمال الخاصة بكل جرأة وبلا تردد أو وجل.. ولكن يا ترى متى ستفعلها سميرة وتنزع أساور الخوف من معصمها؟
أنفاس متقطعة
* من يقنع فضائياتنا بأن تكثيف الترويج للبرامج لن يضاعف درجات المشاهدة، لكن المهم حقاً أن تروج البرامج لنفسها بتقديم أفكار نيرة ومواد جاذبة ومعالجات جادة.
* كل المؤشرات تؤكد على أنه قريباً جداً سيأتي اليوم الذي تتحسر فيه على ضياع زمن الأغنيات (الهابطة) ونبكي ماضيها التليد، في ظل استشراء موجة الأغاني الفاضحة والكلمات الساقطة!!
* ليس من المعقول ولا المقبول، أن تدخل لساحة حفل فتسمع أغنيات خلعت أردية الحياء ومشت بين الناس بالسفور.. (بالله عليكم من منكم المسؤول؟).
* طبيعي جداً أن يتذمر الفنانون مما يكتب عنهم في الصحف، طالما أنهم لم يقدموا أعمالاً تشفع لهم وتقيهم شرور النقد وتصبح لهم بمثابة حائط صد.
* مذيعات التلفزيون السوداني كثيرات الظهور.. ولكن ما أسوأ الإطلالة عندما تُشكِّل خصماً وسلباً وخسارة!
* الغريب حقاً، أن معظم الممثلين السودانيين لا يضعون في حساباتهم أن هناك من هو أفضل منهم في الشرق أو الغرب.. والأغرب من ذلك أن المشاهد لا يضعهم في حساباته البتة!!
* مشكلة التلفزيون ومن يعدون له برامج المنوعات، أنهم يعتقدون أن المغنين السودانيين يجيدون الحديث في قضايا الفنون، والواقع يقول عكس ذلك، وإبانة الفنان عندنا في إمساكه للمايكرفون للغناء بينما للحديث أهله (ولكن البعض يحاول أن يكسب أشياء، فإذا به يخسر كل الأشياء)!
* صدق من قال: (يبدو أننا معشر الرجال حينما نتكلم لحبيباتنا عن شيء من المهم وجوده في العلاقة الإنسانية… ظنت المرأة على الفور أن أخرى من النساء تغطي هذه النقطة)!
نفس أخير
* وَردٌ إِذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً وَرَدَ الفُراتَ زَئيرُهُ وَالنيلا