مقالات متنوعة

محمد سيد احمد : عودة لحوار التفسير والتنظير للحوار الوطني مع وزير الإعلام الاتحادي الخبير السياسي القدير د. أحمد بلال


> مواصلة لما أشرنا له أمس بشأن ما جاء في حوار التنظير والتفسير والاستفسار الذي دار في «الإنتباهة» حول الحوار الوطني الجاري في الوقت الحالي، وما ينطوي عليه ويشير إليه فيما يتعلق بما قد ينتج وينجم عنه، وذلك لدى تشرفها بزيارة كريمة استقبلت فيها السادة ممثل الأمانة العامة للحوار الخبير الوطني المرموق د. إبراهيم دقش، وممثل آلية سبعة زائد سبعة الأستاذ بشارة جمعة، وممثل اللجنة التنسيقية العليا للحوار وزير الإعلام الاتحادي والخبير السياسي الكبير د. أحمد بلال، فقد اتسمت الإفادة المستفيضة والعميقة التي أدلى بها الأخير بأنها جاءت معبرة عن رؤية متميزة وشاملة ومتكاملة ومحصلة للخبرة المستمدة من العبر المستخلصة والدروس المستفادة من الممارسة السياسية للقوى الوطنية السودانية العريقة والمخضرمة والحديثة والمتجددة أو المستجدة.
> وفي سياق مثل هذا الإطار للرؤية أشار الوزير والخبير الوطني الاتحادي د. أحمد بلال، إلى أن نظام الحكم الوطني القائم بالسودان في الوقت الحالي ظل يسعى للحوار المفتوح مع كافة القوى والاتجاهات والتيارات الوطنية الأخرى منذ إقدامه على الوصول إلى سدة مقاليد السلطة الراهنة التي استولى عليها بانقلاب ثوري مدني وعسكري أقدمت على القيام به مضطرة الحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة في العام 1989م، منوها إلى أن الاستجابة التي أقدمت عليها مجموعة الحركة الوطنية الاتحادية بقيادة زعيمها وملهمها وقائدها الوطني الراحل المرحوم الشريف زين العابدين الهندي، عندما وافقت عام 1997م على المشاركة في السلطة والمساهمة الفاعلة في الحوار الوطني الذي ظلت تعمل من أجله وتتمادى بالتفاني في سبيله وتفي به حتى عندما أسفر عما أدى وأفضى له لدى الإقرار بالنتيجة الصعبة المتمثلة في القبول باختيار الجنوب السوداني للانفصال عن الشمال، إنما كانت بمثابة تأكيد لمدى وجود جدية في الاستمرار على هذا النهج في العمل الوطني الشفاف والتمسك به والقبول بما يفضي ويؤدي إليه ويسفر وينتج وينجم عنه، طالما كان ذلك بناء على رغبة وإرادة شعبية واضحة وراسخة وماثلة وسافرة وصارخة.
> وفي سياق ذات الإطار للرؤية المتعمقة في تميزها وتمعنها، أبدى د. أحمد بلال استغرابه لإصرار القوى والاتجاهات والتيارات الوطنية الرافضة للمشاركة والمساهمة الفاعلة في الحوار المفتوح الجاري في الوقت الحالي على وصفها للنظام الحاكم القائم أنه نظام حكم شمولي واستبدادي ديكتاتوري، مشيراً الى أن مما يدعو لمثل هذا الاستغراب، على سبيل المثال، هو ان حزب المؤتمر السوداني الذي لم يجد أي عائق أو تعويق من جانب السلطة الوطنية الراهنة عندما عقد مؤتمره العام الأخير لم يقدم على إحداث اي تغيير للنهج العقيم الذي ظل يسير عليه فيما يتعلق بإصراره على أن النظام الحاكم الراهن إنما هو نظام حكم شمولي واستبدادي ديكتاتوري، وبناء على ذلك فما زال هذا الحزب الحديث والجديد وغيره من القوى السياسية الأخرى المماثلة له في صغرها، من حيث ما لديها من قاعدة شعبية داعمة أو توجهات عفا عليها الزمن، ولم تعد مواكبة للتعبير عن التطورات العالمية الجارية والسائدة، ظلت مصرة على رفضها للموافقة على المشاركة والمساهمة الفاعلة في الحوار الوطني الحالي ومتمسكة بشروط ومواقف متصلبة ومنعكسة ومفتقرة إلى الموضوعية العلمية والعملية والمصداقية المبررة لما تسعى له وتأمل فيه طامحة للإطاحة بالسلطة الحاكمة القائمة دون إخضاعها لصناديق الانتخابات العامة، وذلك لأنها مفتقدة للقدرة المؤهلة لمثل هذا الاختيار فيما يتعلق بما لديها من إمكانيات تمكنها من تحقيق مثل هذه الطموحات والآمال الشاطحة وشروطها المسبقة والمتعسفة وغير العاقلة، فضلاً عن عدم اكتراثها بما قد يترتب على ما تقوم به من فوضى واضطرابات مهلكة وساحقة ومدمرة وأضرار بالغة وخسائرة فادحة للمصلحة الوطنية العليا وأمن البلاد واستقرارها وطمأنينة شعبها والنهضة المستحقة التي يتطلع لها ويمتلك مقوماتها، لكنه يعاني من الإخفاق المزمن للقوى السياسية المتحدثة باسمه عن تحقيق الوفاق والإجماع الوطني المرغوب والمطلوب والمنشود والذي لا مناص منه ولا سبيل بدونه لتحقيق مثل هذه النهضة المستحقة وتطويرها وترسيخها والمحافظة عليها وضمان استقرارها واستمرارها.
> وفي سياق ذات الإطار للرؤية الوطنية المتميزة والمتمعقة في تمعنها، أشار الخبير السياسي القدير والوزير الاتحادي للإعلام الوطني د. أحمد بلال، الى أن العالم من حولنا لم يتوصل إلى إرساء قواعد ثابتة في تأسيسه للممارسة الديمقراطية الراسخة والراشدة والناضجة والمنتجة للنهضة والدافعة والرافعة لها والمحافظة عليها بسهولة، وإنما جاء التواصل لذلك بعد تجارب إنسانية صعبة ومتراكمة كسابقة وشديدة الوعورة في تعقيداتها، ومنها على سبيل المثال ما حدث في الفتنة الكبرى الشهيرة والخطيرة التي مرت بها الأمة المسلمة وعانت منها، وربما ما زالت تعاني من الذي ترتب عليها ونتج ونجم عنها، وكذلك أشار د. أحمد بلال الى ما جرى في التجربة البريطانية عندما وجدت نفسها مضطرة، في مرحلة تاريخية سابقة وغابرة، إلى البحث عن ممثل للسلالة الوراثية المالكة، ولم تجد حينها سوى شخص من أفراد عائلة كانت قد هاجرت من بريطانيا إلى ألمانيا، واستقرت بها وصار ذلك الشخص لا يتحدث سوى اللغة الألمانية عندما اضطرت بريطانيا للاستعانة به ليتولى سدة الملك فيها، ونتيجة لذلك فقد وجدت بريطانيا نفسها مضطرة حينها لتكليف رئيس وزرائها بتقديم تقرير أسبوعي مترجم من الإنجليزية الى الألمانية لذلك الملك في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وهو تقليد تاريخي ما زال يجري العمل على الصعيد البريطاني حتى الوقت الحالي في تعبيره عن تلك التجربة وتذكيره بها وتخليده لها.
> وخلص الخبير السياسي والوزير الاتحادي للإعلام الوطني د. أحمد بلال إلى أنه بناء على رؤيته فإن الحوار الوطني سيبقى هو السبيل والطريق الوحيد والرشيد لتحقيق الاستقرار وإرساء النهضة على أسس راسخة وممارسة ديمقراطية ناضجة وقابلة للاستمرار بدلاً من الاستمرار في الدوران في دائرة فارغة مفرغة وحلقة مسدودة ومهلكة ومدمرة.