رأي ومقالات

الدعارة المنظمة .. المواجهة بالوازع التربوي والردع القانوني


مسميات مزعجة لأعمال تسيئ للمجتمع السوداني، وظواهر مخيفة يرفضها العقل ولا تشبه عاداتنا وتقاليدنا وتعتبر واحدة من الأعمال الدخيلة على بلادنا، وهي إدارة الدعارة المنظمة التي تديرها شبكات متخصصة وواصلة تقوم باستدراج الفتيات واستضافة الشباب مقابل أجر مالي لمصلحة امرأة أو رجل يديرها وينظمها لتمارس بعيداً عن أعين السلطات الأمنية. إلا أن الشرطة دونت عدداً من البلاغات بمحاضر التحري اليومي بعد مداهمة أكثر من أربعة منازل للدعارة في خلال يوم واحد.

مخاوف وآراء
أبدى عدد من أولياء الأمور والأمهات تحدثوا لـ«الإنتباهة»، تخوفهم من هذه الظاهرة وانتشارها بشكل يثير القلق. وقال والد طالبة جامعية: أصبحنا في ذعر على بناتنا خاصة وأن مجتمع الجامعات مفتوح، وفيه الصالح والطالح لكن الأمر كله يعود على التربية السليمة وعلى الأسرة في المقام الأول ويليه دور الأمن الشرطي المتمثل في أمن المجتمع لمحاربة هذا الداء الفتاك. بينما قالت الطالبة «ف»، نقابل كثيراً من الفتيات بأخلاقيات مختلفة، لكن ما قمنا عليه من قيم وعادات وتقاليد تجعل ضميرنا في حالة يقظة دائمة، ونواجه مثل هذه المواقف بصلابة ولا نهتز لها. وأضافت لا أنكر وجود مثل هذا النوع ذي الوازع الديني الضعيف، لكن اكتفى بالقول «الطيور على أشكالها تقع». كما أبدى ولي أمر طالبتين بالجامعة خوفه وحرصة على بناته وقال: «الزمن دا روحك ما تضمنا». ولفت إلى انه أصبح متفرغاً لتوصيل بناته «من الجامعة للبيت». وتابع «حتى صداقتهم بالبنات في حدود الدراسة والحرم الجامعي يعني برنامج الزيارات في البيوت دا ما عندي».
أسباب مجتمعية ونفسية:
أرجعت اختصاصية علم النفس والاجتماع «رشا عبد الرحمن» تفاقم هذه الظاهرة الى الوضع الاقتصادي المتدهور. وقالت لـ«الإنتباهة» ارتفاع معدل البطالة وعدم وجود فرص للعمل تجعل من هؤلاء ضعاف النفوس ان يستفيدوا مالياً ولو بشرف البشر، وبررت الموقف الى ان العدم والفقر أعميا ضمائرهم الإنسانية وخلف بداخلهم وحشية وشغفاً للمال. وأشارت الى ان أكبر الإشكالات التي تواجه المجتمع هو التدفق الأجنبي على البلاد وضعف الرقابة، لافتة إلى اهمية تشديد دخول وخروج الأجانب. وإن لم تتدخل السلطات المختصة في هذه القضية بأسرع فرصة فسوف نرى ما هو أدهى وأمر. وأكدت ان العوامل النفسية هي سبب للانحراف خاصة وان كانت الأسرة مفككة او شديدة الكبت فهي سلاح معاكس لذا يجب ان تتمسك الاسر بأواسط الأمور وتترك مساحة لعقل الفتاة أو الشاب لمداركة المواقف بعد ان تغرس بداخله الجوانب الدينية والتقليدية الصحيحة.
فيما أضافت الأستاذة نسرين عبد الله الباحثة الاجتماعية بقولها ان الانفتاح التكنولوجي وعدم القدرة على السيطرة الفضائية الإباحية فاقم الظاهرة وكاد يجعلها سلوكاً شائعاً، وهذا بالتأكيد لا تتم مكافحته إلا من خلال الرقابة الأسرية والوازع التربوي.
الدعارة في القانون
ممارسة الدعارة، وإدارة محلاتها وردت في القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م المادتين «154/155»، ونصت الفقرة «1» من المادة «154»، يعد مرتكباً جريمة ممارسة الدعارة، من يوجد في محل للدعارة بحيث يحتمل ان يقوم بممارسة أفعال جنسية او يكتسب من ممارستها، ويعاقب بالجلد بما لا يجاوز مائة جلدة أو بالسجن مدة لا تجاوز ثلاث سنوات.
الفقرة «2» فسرت القصد بمحل الدعارة، وهو أي مكان معد لاجتماع رجال ونساء أو رجال ونساء لا تقوم بينهم علاقات زوجية أو صلات قربى وفي ظروف يرجح فيها حدوث ممارسات جنسية.
أما المادة 155 الفقرة «1» نصت على: من يقوم بإدارة محل للدعارة او يؤجر محلاً او يسمح باستخدامه وهو يعلم بانه سيتخذ محلاً للدعارة، يعاقب بالجلد بما لا يجاوز مائة جلدة وبالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات. كما يجوز الحكم بإغلاق المحل او مصادرته.
«2» من يدان للمرة الثانية بموجب أحكام البند «1» يعاقب بالجلد بما لا يجاوز مائة جلدة وبالسجن مدة لا تجاوز عشر سنوات مع مصادرة المحل.
«3» في حالة إدانة الجاني للمرة الثالثة، يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد مع مصادرة المحل.
«4» في جميع الحالات لا يحكم بالمصادرة إلا اذا كان الجاني هو المالك للمحل أو كان المالك عالماً باستخدامه لذلك الغرض.
نماذج بلاغات:
تمكنت شرطة مباحث أمن المجتمع من القضاء على عدد من مراكز إدارة الدعارة بالخرطوم، وأوقفت عدداً من المتهمين والمتهمات وأحالتهم الى المحاكمات، حيث أوقفت الشرطة المدانة «ن» بعد استئجارها شقة بمنطقة المهندسين وأدارت داخلها دعارة منظمة، حيث تمت مراقبة الشقة، وبموجب أمر تفتيش تم القبض على «4» متهمين بينهم طالبة جامعية وربة منزل في العشرينات من العمر، حيث تم ضبط كل المتهمين داخل غرفة في حالة تلبس، وتمت مواجهتهماببلاغات تحت المواد «153/154/155»، وتمت إحالتهم لمحكمة جنايات الخرطوم شرق التي أمرت بالغرامة «3» آلاف جنيه وبالعدم السجن لمدة «6» أشهر، وأدانت المتهمين الثلاثة بالغرامة ألفي جنيه وبالعدم السجن لمدة ستة أشهر.
فيما داهمت قوة تتبع لشرطة أمن المجتمع شقة بالرياض تدير الدعارة، وتم توقيف مستأجرها «أ» الذي ضبط مع فتاة وتمت إحالتهما للمحاكمة، كما تمكنت قوة أخرى تتبع لأمن المجتمع من مداهمة منزل بالديوم الشرقية يدير الدعارة وأوقفت ثلاثة متهمين يمارسون الدعارة، وتمت إحالتهم للمحكمة.
وفي منطقة الرياض حي البستان تمت مداهمة شقة يديرها «ب» ويتعاطى روادها الحشيش، حيث تم توقيف «6» متهمين بينهم «5» طلاب وطالبات بجامعات مختلفة، وتم العثور داخل الشقة على كمية من الحبوب المهلوسة ومخدرات الشاشمندي، وتمت إحالتهم لمحكمة جنايات الخرطوم شرق التي أدانتهم تحت المادة «154» من القانون الجنائي بالغرامة الفي جنيه وبالعدم السجن لمدة شهرين، وتم فصل البلاغات المتعلقة بالمؤثرات العقلية والصيدلة والسموم.

الانتباهة


تعليق واحد