سياسية

فلاش باك: أحداث بورتسودان.. أحد عشر عاماً على فجيعة 29 يناير


أحد عشر عاماً مضت على اندلاع الاحتجاجات الشعبية المطلبية التي شهدتها مدينة بورتسودان حاضرة ولاية البحر الأحمر في 29 يناير 2005م، والتي سقط من خلالها مائة مواطن بين قتيل وجريح، ورغم مضي هذه السنوات إلا أن الحزن لا يزال يسيطر على أسر الضحايا وقطاع واسع من مواطني المدينة الساحلية، الذين ظلوا يحرصون على تجديد ذكرى تلك الأحداث سنوياً تأكيدًا لوفائهم لدماء وأرواح بذلت من أجل قضايا المنطقة.

أكثر المتشائمين في شتاء يناير من العام 2005، لم يتوقع أن تتسبب مذكرة مطلبية وقف من خلالها أحد عشر من أبناء البجا على رأسهم الزعيم شيبة ضرار، في تطور الأحداث بصورة دراماتيكية تقود إلى مقتل وإصابة العشرات من المحتجين، ورغم نجاح الثورة البيجاوية في تحقيق مكاسب لاحقة للإقليم عامة، والبحر الأحمر على وجه الخصوص، إلا أن جرحها ما يزال نازفاً بداعي أن الفاعل مجهولاً أو بالأحرى لم يتم تقديمه لمحاكمة رغم أن المحكمة الدستورية وجهت أصابع الاتهام صوب القوات النظامية.

تظاهرة مطلبية

تتلخص وقائع الأحداث التي راح ضحيتها 21 مواطناً وجرح على إثرها 89 آخرون، بحسب أوراق التاريخ ومذكرات القانونيين الذين يترافعون في هذه القضية وعلى رأسهم المحامون رفعت عثمان مكاوي، نجلاء محمد علي، ومحمد إبراهيم عبد الله، أنه وبتاريخ التاسع والعشرين من شهر يناير عام 2005، خرج المواطنون ببورتسودان إلى الشارع في مظاهرة سلمية تحمل مذكرة تحوي قائمة من المطالب لإثنية البجا، وتصدت لها القوات النظامية ليحدث صدام أودى بحياة 21 مواطناً وخمسين جريحاً.

تجاوز للقانون

ويتهم محامو أسر الضحايا القوات النظامية التي تصدت للمتظاهرين بمخالفة المواد 124،125،126 لقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991، ويدمغونها بارتكاب قتل خارج القانون بمخالفة المادة 130ـ21 القانون الجنائي، وأنه وبحسب هذه الدعوى أجرت النيابة والشرطة تحقيقاً، وقد اتضح أن الفقداء ماتوا رمياً بالرصاص من قبل قوات تتبع للدولة، إلا أنه لم يتم فتح دعوى جنائية من قبل النيابة والشرطة، ولو ضد مجهول.

لجنة تحقيق

بعد ذلك تدخل وزير الداخلية وقتها عبد الرحيم محمد حسين وأصدر قراراً بتشكيل لجنة تحقيق تضم اثنين من وكلاء النيابة وقاضياً، وأكملت اللجنة تقريرها وسلمته للحكومة، وبموجب تقرير تلك اللجنة دخلت الحكومة في تفاوض مع ذوي المجنى عليهم بغرض التسوية، وهذا بحسب المحكمة الدستورية التي أصدرت قرارها في العام 2015 يعتبر (إقراراً ضمنياً بأن من قام بقتل المجنى عليهم يتبع لوزارة الداخلية، ولاحظت المحكمة الدستورية أيضاً في نفس الحكم حول ذلك التحقيق بأنه تم إجراء تحقيق رسمي في هذه الحادثة لم يفصح عن نتائجه حتى الآن لسبب ما وبأمر من جهة ما).

طريق العدالة

لتواصل أسر الضحايا المضي في طريق العدالة وتقدموا عبر المحامين بدعاوى لفتح بلاغ، إلا أن وكيل النيابة رفض حسبما جاء في قراره بتاريخ الثالث عشر من فبراير من العام 2011، ليتقدموا باستئناف إلى وكيل أول النيابة الذي أيضاً رفضه بتاريخ الأول من مارس من ذات العام بدعوى أنه جاء خارج القيد الزمني، وذات الرفض جاء من وكيل النيابة الأعلى ورئيس النيابة العامة وتم إصدار قرار بحفظ الأوراق وذلك في الثلاثين من مارس عام 2011، وهذا القرار وجد تأييداً من المدعي العام لجمهورية السودان في السادس من يونيو.

العدل ينتصر

إلا أنه وبتاريخ 5/7 /2015 أصدرت المحكمة الدستورية قرارها بالنمرة 2/ق/ 139/ الذي ألغت بموجبه كل القرارات الصادرة من النيابة العامة، وأمرت بفتح دعوى جنائية باسم الطاعنين ضد من تسفر عنهم التحريات وتقديمهم للقضاء، وبعد صدور ذلك القرار من المحكمة الدستورية تقدم الطاعنون بطلب للمدعي العام بفتح دعوى جنائية وتنفيذ القرار المحكمة الدستورية، والسماح لممثلى الطاعنين بالاطلاع على محضر التحقيق، ثم قبول طلب بفتح الدعوى الجنائية وفقاً لأحكام المادة 130/21/ من القانون الجنائي لسنة 1991، إلا أنه تم رفض طلب الاطلاع على محضر التحقيق في قرار المدعي العام بالرقم د ع 42 نقض 332 بتاريخ 12/12/2015م.

خطوات إلى الامام

ويبدو أن رياح الإصلاح التي هبت علي النظام قد غيرت الكثير من الثوابت وإزاحة العقبات والمتاريس التي تعتري طريق سير العدالة، فبتاريخ 3/1/2016م قام وكيل النيابة المباشر في ولاية البحر الأحمر محلية بورتسودان، بإخطار الأستاذة نجلاء محمد علي ممثلة الشاكين، شفاهة بأنه تم فتح دعوى جنائية بقسم ديم عرب وطلب إحضار الشاكين والشهود أمام المتحري، وعندما سألته الأستاذة نجلاء عما إذا كان محضر تحقيق لجنة وزير الداخلية ضمن أوراق البلاغ، أجاب بالنفي.
تقرير وزير الداخلية

ويشير محامو أسر الضحايا إلى أن محضر لجنة وزير الداخلية جزء لا يتجزأ من التحريات، لأنه تم وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية لوقوع فعل القتل وصدور الأوامر بدفن الجثث، وأنه يشمل بينات مباشرة وقوية من أدلة الإثبات سجلت بواسطة قاضيين ووكيل نيابة، ويحدد بوضوح هوية المسؤولين عن فعل القتل، لذلك تقدم الشاكون بواسطة محاميهم بتاريخ 5/1/2016 بطلب ضم محضر تحقيق وزير الداخلية إلى محضر البلاغ أمام وكيل النيابة المباشر، إلا أنه وبحسب مذكرة المحامين لم يستجب لذلك الطلب، وتم أمر الشرطة بعرض الأوراق التي تخلو من محضر تحقيق وزير الداخلية، ويأمل محامو أسرة الضحايا بضم تقرير لجنة التحقيق التي كونها وزير الداخلية إلى محضر القضية لأنها تعد بينة توضح كافة التفاصيل لأن رفض تقديمه حسب وجهة نظرهم يعد تستراً لإخفاء معالم القضية، فهل تستجيب وزارة العدل لطلب ضم تقرير وزير الداخلية لتؤكد أن البلاد تستشرف عهدًا مختلفاً أم تأتي الذكرى القادمة لأحداث يناير، ولم يبارح ملف القضية مكانه.

صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. المسؤول الرئيسي في هذا الحادث المؤسف هو الوالي حينها حاتم الوسيلة السماني
    هو من استدعي القوات الخاصة من الخرطوم لقتل المتظاهرين
    والا الموضوع ما كان يستحق استدعاء اي قوة وكان يكفي فقط تدخل الشرطة المحلية للولاية لفض التظاهرات والتي لم تكن ابدا مظاهرات عنف ولا مظاهرات تخريب
    بل كانت مظاهرات سلمية وكان من الممكن احتواؤها والتفاهم حول المطالب التي كان باستطاعة حكومة الولاية تحيقها