مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «التمرد الخالف» يبدأ وليس «النظام الخالف»


> لا نريد أن نكرر في كل مرة أن قبول المتمردين بالجلوس للتفاوض تقف وراءه هزيمتهم في الميدان.. لأن فكرة التمرد أصلاً عندهم لإسقاط الحكومة، وليس التفاوض معها.. فيتفاوضون حول ماذا؟!
> وبعد أن يسقطوا الحكومة ويحكموا هم سينهض متمردون جدد ليسقطوا الحكومة.. وهكذا. ويصبح السودان مثل تشاد أو يوغندا. لكن السودان في شأن الحكم لا يهضم هذه الطريقة الإفريقية.. فطريقة تغيير الحكم فيه عربية.. إما بجيش منظم لا ينهار أمام متمردين، وإما بقوة احتلال أجنبي كما حدث للعراق.
> والسودان في مسألة التمرد يبقى غريباً جداً.. عشرات الحركات المتمردة.. تتنافس في ماذا؟! هل في إسقاط الحكومة؟! كيف و هي تحارب بعضها؟!
> لكن كانت فكرة الجبهة الثورية برئاسة دورية.. أغلب الحركات انضمت إليها.. وبدأت تحارب كلها في صف واحد. لكن بعد هزيمة حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل وبعد هروب حركة مناوي إلى ليبيا.. لم تعد حركة غير الحركة الشعبية مؤهلة فعليا لقيادة الجبهة الثورية.
> وقالت الحركة الشعبية إن تحالف الجبهة الثورية لا يقوم بأي عمل عسكري مشترك نتيجة لأخطاء عميقة تحتاج إلى حلول على الأرض.
> هذا ما جاء في بيان أصدرته مؤخرًا الحركة الشعبية واستبقت به لقاء مساعد الرئيس إبراهيم محمود حامد في ألمانيا.
> ورؤية الحركة الشعبية هي أن الجبهة الثورية تهدف إلى تغيير نظام الإنقاذ، لا أن تكون جزءاً من منظومة النظام الخالف.
> وما لا يعلمه عقار والحلو وعرمان، وهو أن هناك خطة لإبعادهم من الميدان ليأتي «التمرد الخالف».. حتى لو جاء في الخرطوم النظام الخالف.
> والمفهوم الآن،أن النظام يمكن أن يكون له «خليفة».. والدائم الله.. لكن تحالف الجبهة الثورية هو الذي سينتهي ليأتي «التمرد الخالف».
> والتمرد هذا الذي يقوده عقار وصحبه ورفاقه هو «تمرد خالف».. خلف تمرد قرنق.. وتمرد قرنق نفسه كان«تمرداً خالفاً».. خلف تمرد جوزيف لاقو.
> والآن تعد إسرائيل العدة لتمرد خالف مناسب أنسب مما يقوده عقار والحلو وعرمان. فهؤلاء لا يمثلون جميعهم إقليماً واحداً يمكن أن يطالب بحق تقرير المصير.
> لكن دعوا إبراهيم محمود حامد يجلس مع قادة التمرد «السالف».. فسيرى الله عمله ورسوله والمؤمنون.
> وقد بدأت الآن أولى خطوات «التمرد» الخالف بلقاءين منفصلين في ألمانيا وإثيوبيا. هناك مع قطاع الشمال، وهنا سيكون مع حركات دارفور.
> وبهذا يمكن أن نقول إن مشروع إعادة إنتاج قرنق الآخر قد فشل.. فلا عقار ولا جبريل. وهما قد تنافسا في تكرار شخصية قرنق.
> قرنق كان يمثل إقليماً واحدًا هو جنوب السودان، لكن قادة الجبهة الثورية ينتمون إلى ثلاثة أقاليم.. ومن يقود الجبهة الثورية وهو عقار ينتمي إلى الإقليم الأضعف في أنشطة التمرد.
> لذلك تعذر تكرار شخصية قرنق.. وهذا ما دعا القوى الأجنبية إلى التفكير في «تمرد خالف».. ليس لإطاحة النظام طبعاً والنظام ليس موجودًا وسط مؤسساته في الحدود مع جنوب السودان أو ليبيا أو تشاد.. وإنما لاستمرار تحقيق الغرض المعروف من التمرد، والغرض هو تعطيل تقدم وازدهار السودان حتى لو كان صديقاً لواشنطن وإسرائيل.
> وواشنطن وإسرائيل لا يسمحان بتقدم وازدهار دولة عربية أو إفريقية قريبة من الوطن العربي حتى لو كانت صديقة لهما لأن مستقبلها قد يكون فيه حكومة تريد تصفية المشروع الصهيوني.. وتدمير السوق الأمريكية.
> وكي تفهم لماذا ترى القوى الأجنبية أن «التمرد الخالف» أهم لمشروعاتها التآمرية من «النظام الخالف»، انظر إلى استهداف واشنطن لصديقها العزيز صدام حسين ونظامه.
> فما كان سبباً في إطاحة صدام ليس احتلاله للكويت.. وكان يمكن أن تشتري أمريكا منه نفط الكويت بسعر أقل.. فالسبب كان تنامي قوته العسكرية والاقتصادية، وهو الشيء المقلق جدًا والمزعج جداً والمرهب جدًا للاحتلال اليهودي في فلسطين.
> وبالفعل وصلت صواريخ صدام إلى الأرض المحتلة في فلسطين.. ونفهم بعد ذلك أن التمرد الخالف عند القوى الأجنبية التي تهمها حماية الاحتلال اليهودي أهم من النظام الخالف حتى ولو في دولة حكومتها عدو لها مثل الحكومة السودانية.
> ولقاء إبراهيم محمود حامد وياسر عرمان في ألمانيا في هذا الوقت يبقى في تفكير القوى الأجنبية خطوة أولى في موضوع «التمرد الخالف».. لكن الجيش الذي لا خالف له.. سيواصل الانتصارات.
غداً نلتقي بإذن الله…