رأي ومقالات

لو ما فاطر ..ما تخاطر


النسمات الباردة التي لفحت وجهي عند خروجي الى الشارع ..جعلتني اتوقف قسرا امام دكان ادم لشراء المناديل الورقية ..تحسبا لطوارئ (النزلة) وتوابعها غير المحمودة …في خلال وقفتي تلك..بدأت التحدث مع حاجة فايزة والسؤال عن الاحوال وشمارات (الجبنة) التي غبت عنها فترة ليست بالقصيرة .. أتى ولدان لا اعتقد ان اكبرهما يتجاوز الرابعة عشر من العمر …عندما سمعت ما طلبه احدهما من اسحاق ..لم أصدق أذني ..سألت حاجة فايزة (انا غلطانة ..ولا الولد دا قال عايز سجاير؟؟)…قبل ان ترد هي ..كان الولدان قد اشتريا سيجارتين وذهبا غير بعيد لتدخينها بتلذذ واضح …قلت لاسحاق (دا شنو دا يا اسحاق ..كيف تبيع السجاير لاولاد صغار كدا؟؟)…قال لي بهلع واضح (المحليه منعتوا ولا شنو؟؟) ..(محلية شنو يا اسحاق ..انا قصدي ديل اولاد صغار ..ما المفروض تبيع ليهم سجاير ) …تدخلت فايزة قائلة ( والله صحي ..هسع امبارح مشيت ناس حاجة اصلاح ..لقيت فتح الرحمن راجل ندى بتها عيان شديد ..السجاير هلكته )…لذلك غاب فتح الرحمن ولم اعد اراه في طريقي كل صباح …كنت دائما ما اصادفه وهو يدخن سيجارته بصمت سارحا بنظره الى البعيد …منظره ذلك كان دائما يثير في نفسي تساؤلات كثيرة مثل (لماذا يدخن البعض؟؟ ..حتى يصل الامر الى درجة الادمان؟؟ ) ….لكن منظر هؤلاء الصبية اثار في نفسي موجة من الخوف ..ذلك ان الامر ربما ينتشر لزملائهم.. فقط لمجرد المحاكاة وادعاء الوصول لسن الرجولة ..غير ابهين بما سيحدث لهم من مخاطر صحية اقلها الربو واعلاها السرطان وامراض القلب والشرايين والعياذ بالله …تهتم المحليات بالجبايات والرسوم وتهتم الضرائب بنصيبها من اموال ..والزكاة بما تناله نصاب . ..ولكن المواطن (لا بواكي له)…ليست هناك جهة ما تلزم بائعي السجائر و(العماري) بالبيع لسن محددة يكون المرء فيه قد وصل حد الاختيار والمعرفة بكل تبعات خياراته …أذكر انني كنت مسافرة برا بالبص …كانت تجلس بجانبي فتاة ..وفي المقعد المقابل لنا يجلس شاب ..ما ان بدأت الرحلة ..حتى بدأ في التدخين …قالت له الفتاة (يا اخ كان تدخن قبل ما يتحرك البص وانت واقف تحت …) ..قال لها بكل عنجهية (ما في لافتة ممنوع التدخين..يبقى من حقي ادخن )..قالت له (ما في لافتة تمنع صاح ..وانت من حقك تدخن وتأذي نفسك برضو صاح ..لكن ما من حقك تأذينا نحن معاك )..فبهت الذي أخذته العزة بالاثم….قلت لنفسي وانا اتحرك في طريقي ..انا شكلي حابقى (كبسور) بتاع الشارع دا …لازم اشوف طريقة يمنعوا بيها الصغار من شراء السجاير والعماري ..والادهى والامر على قول حاجة فايزة ..تجد الأب يرسل ابنه لكي يشتري له علبة سجاير او كيس صعوط ..ثم يتساءل بعد ذلك بكل براءة ..ما الذي أفسد ابنه !!.. اشياء صغيرة مثل هذه ..مشاهد بسيطة نمر عليها يوميا ..ولا نفعل شيئا او نحرك ساكنا ..بدعوى ان الخطر بعيد عن اسرتي .. …ولكن في نهاية الامر لابد من فعل شئ ولو بأضعف الايمان …لا أدري ان كانت قد كتبت اليوم ..أو انني لم أقرأها قبل اليوم…. (طبلية ) العماري الموجودة على رأس الشارع تزينها عبارة (لو ما فاطر ..ما تخاطر )
د. ناهد قرناص