تحقيقات وتقارير

انهيار مفاوضات برلين .. العودة للمربع الأول


بالرغم من التقدم الذي أحرزته جولة المفاوضات غير الرسمية بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال التي انعقدت موخراً بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إلا أن الجولة الثانية من المفاوضات التي عقدت بالعاصمة الألمانية برلين بين الحكومة والحركة جاءت مخالفة لكل التوقعات، حيث انهارت الجولة عقب تمترس كل طرف خلف مواقفه .
ففي الوقت الذي قالت فيه الحكومة علي لسان مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب رئيس الوفد الحكومي للمفاوضات ابراهيم محمود بحسب الزميلة «الرأي العام « إن الوفد الحكومي وصل إلى برلين بقلب مفتوح للبناء على ماتم في الجولة السابقة بأديس أبابا، إلا أن الحركة الشعبية قطاع الشمال تنصلت عن مقرارات أديس من خلال تمسكها بوجود جيشين وطرح حوار وطني جديد، مما يؤكد جنوحها إلى برنامج الحرب بدلاً عن السلام، بينما أعلنت الحركة الشعبية من خلال بيانها تمسكها بالقضايا الرئيسية للشعب السوداني، المتمثلة في قضايا السلام والحريات والمواطنة بلا تمييز..
توقعات بانهيارها
وبالمقابل قال القيادي بالمؤتمر الوطني د. إسماعيل الحاج موسي «كنت أتوقع انهيار المفاوضات بين الحكومة و قطاع الشمال»، وأرجع ذلك إلى المفاوضات المكوكية التي التأمت مابين الحكومة والشعبية حتى بلغت أكثر من عشر مفاوضات، مروراً بأديس وانتهاءاً ببرلين، دون إحراز انفراج سياسي ملحوظ حول القضايا مثار النقاش، وأضاف في تصريح لـ (آخر لحظة) أن ذلك يرجع إلى عدم جدية الشعبية حول الوصول إلى اتفاق نهائي مع الحكومة، وأردف ماكان للحكومة منذ البداية الجلوس إلى الشعبية، باعتبار أنها تمثل جزءً من حركة قائمة في بلد آخر، وهي بذلك لاتمثل أي قضية قومية مرتبطة بالإنسان أو المكان، وإذا كان لابد للحكومة من المفاوضات فعليها أن تسعى إلى مناقشة القضايا محل الخلاف مع أصحاب الشأن من الأهالي بالمنطقتين مباشرة، دون وساطة ياسر عرمان أو غيره، مبدياً تساؤلات مفادها: ماهي علاقة عرمان بمواطني النيل الأزرق وجبال النوبة حتى يتحدث نيابة عنهم.. وذهب الحاج موسى إلى أبعد من ذلك، فقال: لا أتوقع أن ياتي يوم من الأيام نشهد خلاله أن الحركة الشعبية قررت الاحتكام للحق والإذعان لصوت السلام طوعاً دون إملاءات دولية، فيما ذهب القيادي بالوطني د.ربيع عبد العاطي إلى أن ماتم في برلين من جانب قطاع الشمال يمثل نوعاً من الردة التي تستوجب الرجوع إلى فضيلة الحق، معتبراً ماحدث من قبل الشعبية يعد ارتداداً عن الاتفاق الإطاري الذي تم في السابق بينها والحكومة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، مشيراً إلى أن الاشتراطات التي تمسكت بها الشعبية في وجوب وضع جيشها مقابل الجيش الحكومي يعتبر مبدأً يتنافى مع الدساتير السياسية السودانية .
كارثة أمنية
وبدوره يرى الخبير الأمني عميد أمن معاش حسن بيومي أن مطالبات الشعبية في وجود جيشها مقابل الجيش الحكومي يعد مهدداً للأمن القومي، ويمهد الطريق إلى نشوء فوضى سياسية تجعل من سلامة البلاد واستقرارها في مهب الريح، مردفاً أن الأسس التي تتبع عسكرياً في مجالات الاتفاقيات التي بموجبها يتم التوصل مع حاملي السلاح إلى صيغة توافق سياسي يجعلها تنبذ الحرب ابتغاءاً للسلام، ومن أولى الخطوات الأمنية التي يستوجب القيام بها هي ادماج المؤهلين عسكرياً في مؤسسات الدولة العسكرية من الذين تنطبق عليهم الشروط العامة للالتحاق بالخدمة للجهة العسكرية المعنية، ومن ثم يتم تسريح الذين لم تنطبق عليهم الشروط العسكرية بإلحاقهم بالمؤسسات المدنية بحسب مؤهلاتهم، ولكن أن يتم السماح لهم بالإبقاء على كامل قواتهم ضمن منظومة الدولة يمثل كارثة أمنية كبرى، وهذا مرده إلى أن قوات الحركة لم تتعود على قوانيين الضبط والربط كما الجيش الحكومي، وهذا يرجع إلى طبيعة تكوينها كقوات مليشيات تسعي خلف المغانم
سقوفات أعلى
وفي ذات المنحني يرى الخبير في المفاوضات السياسية القيادي بالشعبي أبوبكر عبد الرازاق أن السقوفات التي لوحت بها الحركة الشعبية قطاع الشمال كانت أعلى من السقوفات المطروحة في مائده التفاوض، وهذا يرجع إلى عدم جدية الحركة في نيتها إحراز تقدم إلى الأمام عبر المفاوضات غير المباشرة التي جمعتها مع الحكومة، وزاد بأن مقترح الحوار بالخارج الذي دفعت به الحركة ضمن مطالبها كان الباعث الرئيسي في انهيار المفاوضات بينها والحكومة، وذلك مرده إلى خشية الحكومة من انعقاد الحوار بالخارج أن تمارس عليها ضغوط دولية كالتي حدثت في مفاوضات نيفاشا، والتي ماكان لبنودها أن تتنزل إلى أرض الواقع إذا كانت تمت بصورة طبيعية، وهذا يجعلني أعرج إلى القضية الأخرى التي تمترست حولها الشعبية في عدم تسريحها لجيشها إذا تم التفاهم نحو الإتفاق النهائي، وأمر كهذا يمثل أزمة حقيقية ستجعل من جدلية جيش الحركة عقبة أمام إحراز أي تفاهمات سياسية مستقبلية بين الحركة والحكومة بعد انهيار المفاوضات الأخيرة بذات السبب .
أسباب الفشل
وفي ذات السياق يرى عميد كلية العلوم السياسية بالجامعة الاسلامية المحلل السياسي د.راشد التيجاني بان اطلاق تسمية «الغير مباشرة» على المفاوضات التي تمت بين الحكومة والحركة الشعبية يمثل برهاناً لعدم نجاحها في الوصول إلى أي تفاهمات سياسية يتراضى حولها المفاوضين، مشيراً إلى أن المسمى السياسي للمفاوضات بغير المباشرة استحوذ علي الشعور السياسي للوفد المفاوض من قبل الحركة وطغى هذا المسمى مبكراً على أفئدتهم، مما جعلهم يتجمعون حول طاولة المفاوضات بصورة غير جدية

صحيفة اخر لحظة


‫2 تعليقات

    1. أقتلوا عرمان والله تنحل كل مشاكل السودان ( اهدرو دمه فسيقتله ابناء الحركة الشعبية انفسهم ) جربوا