حوارات ولقاءات

وزير الإرشاد والأوقاف عمار ميرغني: تناسي تاريخ السادة المراغنة يورث الفرقة والشتات .. و نأمل تطبيق الإرث النبوي في إصلاح معاش الناس


أنا حديث عهد بالسياسة والميرغني بارك تسميتي وزيراً
تناسي تاريخ السادة المراغنة يورث الفرقة والشتات

لا نتلهف للمشاركة ونأمل تطبيق الإرث النبوي في إصلاح معاش الناس
كنت من مؤيدي المشاركة في الحكومة قبل وبعد الانتخابات

دافع وزير الإرشاد والأوقاف عمار ميرغني حسين، عن موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي القاضي بالمشاركة في الانتخابات الأخيرة والحكومة الحالية، وشدد في أول ظهور صحفي له، على أن المشاركة اقتضتها مبررات قوية، وقال: (إن البعد من أروقة الدولة ومواطن اتخاذ القرارات والبعد عن إدوات الإدارة والحكم أمر سلبي) وأضاف: (حتى وإن كانت المشاركة ضعيفة جداً، ولا تليق بضخامة الحزب الاتحادي الديمقراطي وتشعب جماهيريته فهي خير من لا شي).

ونوه صالح إلى أن اختياره للمنصب تم عقب تمحيص وتدقيق ومعاينات قادها السيد الحسن الميرغني، قاطعاً بأن مؤهلاته وحدها من قادته لتسنم وزارة الإرشاد والأوقاف، داعياً جموع الاتحاديين والختمية للمسير في ركب السيد الحسن بحسبان أن مخالفة طريقه تورث الشتات والفرقة (على حد تعبيره).

في هذا الجزء الأول من الحوار، نقف على سر اختيار الوزير الجديد، وعن مواقفه مما يدور في البيت الاتحادي.

•مثل اختيارك مفاجأة حتى داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي وذلك بحسبان أن كثيرين لم يسمعوا بك؟
– الذين يعرفوني في الحزب غالبية كبيرة جدًا لا تعد ولا تحصى، وموزعون على كل ولايات السودان. وبالأصالة نشأت في مجتمع الحزب من واقع انتسابي في المقام الأول للطريقة الختمية وبحكم نشأتي في ولاية الجزيرة عايشت وعاصرت كل كوادر الحزب الاتحادى الديمقراطي، في ولاية الجزيرة تحديداً.

•نفهم أن مدخلك للحزب كانت الطريقة الختمية؟
-أصلاً علاقة الطريقة الختمية بالحزب الاتحادي الديمقراطي علاقة وطيدة جداً، ومنذ القدم. علاقة تكاد تكون علاقة التحام لا ينفصل. ويجوز أنه لم يكن عندي لقاءات كثيرة أو لم أكن عضواً في المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، لكن لا أحسب ذلك يؤخذ على الإنسان، لا سيما وإن قدمت قيادة الحزب شخصاً لأجل مؤهلات وخبرات علمية وأنا –الحمد لله- في ولاية الجزيرة وبالتحديد في مدينة ود مدني محل النشأة والميلاد حيث المراحل الدراسية المختلفة وعملت في الإعلام ولدي برامج إذاعية وتلفزيونية في السيرة النبوية والفقه وأبوابه المختلفة وفي فقه المعاملات بل ولدي إسهامات حتى على مستوى القنوات العالمية، لذلك فإن كثرة الاشتغال بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وتدريس علوم العقيدة والدفاع عن التصوف والانشغال الشديد في دواوين الطريقة الختمية وزواياها، حجبنا نوعاً ما عن المعتركات السياسية، والعمل الحزبي.

بالتالي فإن هكذا مقولات تصدر عن فئات قليلة جداً لا تعرفني، وألتمس لهم العذر في ذلك، ولكن بالمقابل ليس ضرورياً أن يكون الشخص الذي رُشِّح وزيراً معلوماً لدى كل السودانيين أو لكل أفراد الحزب.

ـ لكنك لا تبدو معروفاً لدى كثير من قادة الحزب؟
الانتساب للاتحادي والانضواء تحت لوائه لا يتم ككثير من الأحزاب فهو حزب يرتبط بالقيم الدينية والتاريخ العريق والمجد التليد لذلك لا تجدنا في حاجة إلى بطاقات أو إلى كبونات عضوية وقد عشنا في الطريقة الختمية أيام العسف الانقاذي إبان التسعينيات، وخضنا معتركات سياسية، وكانت الطريقة الختمية بمنابرها الواسعة في حوليات السيد علي والسيد محمد عثمان الميرغني الختم في مدني والخرطوم منابر للاتحاديين وهم لا يستطيعون إنكار ذلك. إخواننا الاتحاديين كانوا يأتون إلى منابر الحوليات ويتحدثون عن برامجهم وعن مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، لذلك كانت هذه المنابر منابر تجلي للناس دور السيد محمد عثمان الميرغني ودور الطريقة الختمية. وهنالك مؤلفات لخلفاء الطريقة الختمية تناولت الوضع العام للطريقة الختمية وللحزب الاتحادي الديمقراطي كمجهودات محمد أحمد محمد طه ، رحمه الله. والانتسابية للحزب الاتحادي الديمقراطي لا يستطيع أحد أصلاً أن ينتفص من قدرها، وهذا الزمان الذي كنا نحاذره في قول كعب وقول ابن مسعود، أعمى أصم من الأزمان فيه الإبليس تصويب وتصعيد والإنسان كما يقال.

ـ كيف ترد على من يتهمونك بأنك خارج دائرة المعرفة الحزبية والسياسية؟
إذا تقدم الإنسان للأمام يتحمل ضربات، لذلك أنا لا أنقم على هؤلاء، وهذا هو شأن العمل العام، الإنسان يتعرض لتنقيص ونقد، لكن انتسابنا لهذا الحزب انتساب عريق جداً، وقديم قدم ميلاد أجدادنا في شمال السودان، حيث كانوا عمداً وخلفاء في هذه الطريقة الختمية، وكانوا يسيرون خلف ركائب السادة المراغنة وهم معهم في كل الأدوار وكل المجالات.

• هناك حديث يقول إن تعيينك تم عبر وساطة أسرية ما صحة ذلك؟
-هذه فرية كبيرة جداً وهذا اتهام وكلام لا أساس له من الصحة البتة، وتجدني أربأ بنفسى – الحمدلله وأنا في مرحلة دراسية متقدمة مرحلة الدكتوراة وهي قيد الإجازة، وتخرجت من جامعة الجزيرة كلية الاقتصاد عام 1989م- أربأ بنفسي أن أقدم إلى وظيفة دستورية وإلى وظيفة في وزارة من الوزارات الكبيرة بواسطة أحد أفراد الأسرة او بوساطة أسرية لأني في المقام الأول رجل داعية أعتلي المنابر منذ نعومة أظافري وتحديداً منذ أن كان عمري 18 سنة فكنت إمام مسجد هيئة البحوث الزراعية، وأقوم بإمامة الناس في خطب الجمع وأخطب في الناس.

• إذن، كيف جرى اختيارك وزيراً للإرشاد والأوقاف؟
-كنت قدمت إلى السيد الحسن بن السيد محمد عثمان الميرغني منذ شهور في بيته بدار أبوجلابية، ومكثت معه ساعات طوال، وكان الحديث كله يدور حول قضايا عامة تخص الدين على نحو التطرف الديني والإرهاب. والسيد الحسن رجل موسوعة في هذا الجانب، ومهتم جداً بقضايا الدين والوطن وهو واسع النظرة، وذو اطلاع على تاريخ الفرق والجماعات، وكان الحديث يدور في هذه المسائل الى أن جرّ الحديث ضرورة أن تكون هناك أعمال علمية تساهم في الحد من التطرف الديني، وقبلت عليه بدراسة، وهذا من واقع أنه ابن السيد محمد عثمان الميرغني وهو حامل لواء الطريق من بعده والمكلف بهذه الشؤون وأعطيته تلك الدراسة ثم لقاء آخر.

• مقاطعة.. ما هي أهم ملامح الدراسة؟
-من أهم ملامح الدراسة أولاً التعريف بأمر التطرف الديني وخطورته على المجتمع وكيفية الحد منه، وهذه قضية شغلت بال كثيرين لاسيما رجال الدين والمثقفين ورجال الدولة وأهل القرار، ودعت الحاجة إلى اتخاذ أساليب ناجعة لحماية الشباب من التطرف والتمزق ولا يخفى عليكم ملايين الشباب في العالم ممن اتجهوا في اتجاهات منحرفة في التدين، وعلى إثر هذه المجهودات العلمية مع مولانا السيد الحسن تم ترشيحي من قبله هو شخصياً، ولا يوجد شخص من الأسرة قدمني، وعرفت وتفهمت من بعد، وهذا يدل على بعد نظر هذا الرجل الذي كان يجري في معاينات ويختبر من خلال هذه المداولات ومن خلال تلك الجلسات الطويلة تفهمت تماماً أنه رجل ذو حكمة وأنه يحاول من خلال هذه المجلس إجراء معاينة عمل على إثره توصل لاتخاذ قرار بتعييني في، المنصب وعلمت من مكتبه بأن مولانا الحسن قام بترشيحنا لهذا المنصب بوزارة الإرشاد والأوقاف

•متى انعقد ذلك المجلس؟
-كان ذلك عقب تقديم د. الفاتح تاج السر لاستقالته من وزارة الإرشاد، فملف الوزارة ينطوي على الكثير من الإشكالات، والله يقول في كتابه (ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى). وكبار رجالات التصوف في السودان كانوا على غاية من السعادة بمجرد الترشيح، وعندما شاع خبر التعيين واستصدار المرسوم الجمهوري من رئيس الجمهورية المشير عمر البشير تلقيت التهانئ من داخل وخارج السودان ومن رجال يمثلون طليعة أهل التصوف والدين في السودان.

•هل تلقيت اتصالاً هاتفياً من رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني بعد تعيينك؟
-لم أتلق اتصالاً هاتفياً من مولانا السيد محمد عثمان الميرغني.

•هل الميرغنى الأب على علم بترشيحك؟
-السيد محمد عثمان الميرغني على علم بكل مجريات الأحداث وبكل ما يفعله مولانا السيد الحسن الميرغني، وأبلغت من أحد الإخوان بأن السيد محمد عثمان على دراية تامة بهذا الأمر وهو في غاية السعادة ويتمنى لشخصي التوفيق والإعانة.

•هنالك آراء تُعلِّق مشكلات وخلافات الحزب الاتحادي في مشجب السيد الحسن الميرغني؟
-أنا لا أعتقد بأن هنالك خلاف وراءه السيد الحسن.

•كيف يستقيم ذلك مع ظهور مجموعة أبوسبيب مباشرة بعد إعلان الحسن المشاركة في الحكومة؟
-هذه مجموعات ظهرت على إثر قرارات الفصل التي صدرت من الحزب، والسيد الحسن له في ذلك مبررات واضحة، وله في ذلك أسباب قانونية ورؤى تحدث عنها هو شخصياً، في الموتمر الصحفي، وتحدث عنها كثيرون، وهذا ملف نتمنى ألّا يعمق الخلاف أكثر ونتمنى أن تكون هناك رؤى من العقلاء والساسة المحنكين ومن أهل الحرص على مصلحة هذه البلاد لأجل احتواء هذا الملف، ومولانا الحسن ليس بالرجل الطائش في تصرفاته، وإنما يتمتع بقدرة ثاقبة على النظر وعلى تحليل المواقف، وفي الحقيقة أتكلم بهذا الكلام ليس من واقع كوني رجل سياسة وإنما أنا حديث عهد بالسياسة لكن أتحدث من واقع التزامي الديني ومعرفتي بالرجل التي تقول إنه يحمل فى صدره هما كبيراً جداً للوطن والمواطن وللدين، أما الخلافات فهي شيء طبيعي، ولكل حزب خلافاته وإشكالاته لكن الناس تجلّي هذه الأمور بالعقلانية واللوائح والقوانين والإمور إن شاء الله ستنجلي.

• لكن هناك من يقول إن الخلافات سببها السيد الحسن بإصراره على المشاركة؟
-تجدني ممن أيدوا المشاركة قبل الانتخابات، والآن مع المشاركة بعد الانتخابات. الكثير من الناس لا يريدون المشاركة، لكن هناك مبررات قوية جداً لها، وشخصياً أرى أن البعد من أروقة الدولة ومواطن اتخاذ القرارات والبعد عن أدوات الإدارة والحكم أمر سلبي حتى ولو كانت المشاركة ضعيفة جدا ولا تليق بضخامة الحزب الاتحادى الديمقراطي وتشعب جماهيريته، افتكر أن شيئاً خير من لا شيء. وأن نملك شركاء يكونوا واجهة للبلد وللحزب أفضل من ألّا تكون هناك مشاركة.

والحمد لله أعددت بحثاً ودراسة في كلمة (مشاركة) ستصدر في الوقت المناسب وتتحدث عن مشاركة الحزب الاتحادى الديمقراطي في انتخابات 2010م وهذا يدلك على أني لدي حراك سياسي. وهذه الورقة جددنا فيها وعملنا فيها تحسينات وإضافات لتكون في ذات الموضوع في انتخابات 2015 ومن ثم تقييم مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي في الحكومة الحالية، وحين نقول مشاركة لا نعني مشاركة انسان في شيء يملكه، فالإدارة والوزارات باكملها ليست ملكا لأحد، وإنما الحق الدستوري وحق المواطنة وحق الانتساب إلى هذه البلاد والأرض يعطي الناس الحق في أن تشارك وتدخل للحكومة، لذلك مولانا السيد محمد عثمان دائماً يميل إلى نبذ الصراعات وحقن الدماء، وهو شارك في الحكومة وكان رأيه للناس أن يشاركوا وأصلاً البيت الميرغني ونحن من خلفه أبناء ختمية واتحاديين لا ينظرون إلى هذه المناصب ولا يتلهفون عليها وإنما همهم الأول الإرث النبوي الذي ورثوه من النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في أن السياسة إنما هي وسيلة لإصحاح معاش الناس. لذلك لا تجد في هؤلاء التطلع الشديد إلى مسألة الحكم، وهذه ينبغي على الاتحاديين أن يجعلوها آيدولوجية في داخل الحزب الذي فيه مقدسات كبيرة جدًا إن لم تراع ولم ينظر لها بالنظره الفاضلة، مع تناسي للتاريخ العريق الذي كان من ورائه مولانا السيد علي والسيد محمد عثمان والسيد الحسن أورثت الناس شتاتاً وتخبطاً في أفعالهم وفي تصرفاتهم.

•لكن الميرغني الأب لم يتخذ أي قرارات بشأن الخلافات داخل الحزب وتركها للسيد الحسن الذي يتهمه خصومه بأن يلعب بالحزب؟
-السيد الحسن لم يلعب بالحزب الاتحادي كيف يشاء، وأرجو أن تسحب هذه العبارة، فهو يدير الحزب من رؤية واضحة جداً مبنية على الإدارة المحنكة والاحتكام إلى اللوائح والقوانين. جلست إلى هذا الرجل وسمعت منه عن كثب، وقد تحدث في هذه المضامين والقضايا، ولا شك أن أي حزب قد تعتريه لحظات من الشتات، حتى الإسلاميين حالياً مجموعات (الشعبي والوطني والإخوان المسلمون) وهذه كلها كانت بوتقة واحدة تفرقت لأسباب، والحزب الاتحادي الديمقراطي أيضاً عصفت به العواصف ولا شك سيأتي وقت وتحدث إصلاحات كبيرة جداً تتوافق من الوضع الراهن للسودان. والسيد الحسن يستشير القانونيين ورجال السياسة ورجال الفكر المستنير وهو رجل في نظرته متوسع جداً.

• هل يعني ذلك قيادتك لوساطة بشأن الخلافات داخل الاتحادي؟
-هذه أمور في مكنون الغيب ولا أستطيع القول أنني سأقود مبادرة من عدمه، لكن إن شاء الله إذا أتيحت لي الفرصة فسأدلو بدلوي في كل الأمور وكل الشؤون، ولا شك أن الإصحاح والإصلاح مهما يكن شكله ووضعه أمر مطلوب لا سيما في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ هذه البلاد.

 

 

 

حوار: عثمان مضوي
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. ربنا يوفقك أخونا شيخ عمار ميرغني ويعينك على رعاية هذه الأمانة التي ألقت على عاتقك .. فأنت أهل لذلك حسب معرفتي بك .. وفقك الله لما فيه خير البلاد والعباد.

  2. وفقك الله اخي وحبيبي وزميلي عمار ميرغني..اتمني لك كل التوفيق لتحمل هذه الامانة ..انت اكبر من كل وصية ..يكفي انها امانة..