عبد الباقي الظافر

يسألونك عن مجلس الأحزاب ..!


قبل أشهر تسربت وثيقة من مجلس الأحزاب تفيد أن موظفاً تمت إدانته في قضية تهريب عملة.. الموظف المحسوب على وزير سيادي سابق بعد أن قضى محكوميته عاد معززاً مكرماً لموقع عمله.. رفاقه في القضية تم فصلهم من العمل.. الموظف المسنود طالب بصرف راتبه أثناء فترة السجن.. الغريب أن الطلب الغريب وجد تأييداً من مجلس الأحزاب المنوط به تنظيم الحياة الحزبية في السودان.
في الأسبوع الماضي عقد الحزب الشيوعي مؤتمراً سرياً لمنطقة الخرطوم.. المؤتمر السري تم الإعلان عنه بعد «42» ساعة من انعقاده.. البيان الصادر أكد أن المؤتمر سادته روح وفاقية ووقف المؤتمرون دقيقة حداد على شهداء مدينة الجنينة.. طبعاً كل ذلك سر.. من جهة بعيدة كان الحزب الشيوعي قد أعلن عن تأجيل مؤتمره السادس الذي كان من المقرر عقده في ديسمبر الماضي إلى أجل غير معلوم.
ولكن في ذات الشهر كان حزب المؤتمر السوداني يعقد مؤتمراً مثالياً.. المؤتمر حضره مندوب من مجلس الأحزاب وتم استعراض تقرير مالي تناول مداخيل الحزب حيث تبرع عدد من رموزه بمبلغ ستمائة مليون جنيه ليس من بينهم زعيم الحزب إبراهيم الشيخ.. الأهم من كل ذلك أن المؤتمر العام انتهى بانتخاب قيادة جديدة عبر انتخابات حرة وعلنية تنافس عليها أربع من القيادات.
أول أمس قادت إشراقة سيد محمود الوزيرة السابقة مظاهرة سلمية لمجلس الأحزاب.. الأستاذة اشراقة طالبت المجلس بإلزام حزبها بعقد مؤتمر عام ومساءلة أمين عام الحزب عن الحسابات المالية في الفترة السابقة.. ثورة إشراقة على الدكتور جلال الدقير جاءت عقب إعفائها من منصبها الوزاري.. رغم هذا التحفظ إلا أن المطالبة بعقد مؤتمر عام أمر تستحق التأييد والمساندة وإن جاءت من باب حفظ النفس.
إلا أن المراقب لأداء مجلس الأحزاب يرى ضعفه وهوانه بين الأحزاب.. المجلس الموقر كان قد أفتى بأن السيد الحسن الميرغني لا يملك صفة تنظيمية تجعله يدير الحزب الاتحادي الديمقراطي.. بل إن السيد الحسن قد «تفه» المجلس حينما استنكر أن تتم محاسبته من موظف صغير وهو مساعد رئيس.. كما أن ذات التصغير والاحتقار جاء على لسان محمد المعتصم حاكم أحد القادة المقربين للميرغني الصغير.. رغم كل ذلك لم يستطع مجلس تنظيم الأحزاب من الرد بكلمة ناهيك عن الاعتراض على خطوات اختطاف حزب كبير بمقام الاتحادي الأصل.
في تقديري.. من حق الناس الاعتراض على وجود مجلس لا «يهش ولا ينش».. قادته لهم مخصصات مالية ونثريات سفر وضيافة.. رغم كل ذلك لا نستشعر دوراً لهذا المجلس.. الأحزاب وقادتها يفعلون ما يريدون دون احترام لقانون.. إذا كان هذا حال المجلس فلماذا لا يتم حله.. حتى لا نعرض القانون للإهانة.. أين ما وجد قانون يستحق الاحترام لأن البديل ليس إلا الفوضى.
بصراحة.. ما يستحق النقاش في الحوار الوطني ليس السلام الجمهوري ولا علم السودان.. الأهم من ذلك تنظيم الأحزاب وجعلها كيانات عامة تدار بشفافية وديمقراطية وهذا ما فشل فيه مجلس تنظيم الأحزاب.