حيدر المكاشفي

ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺮﺩﻝ


ﺍﻟﺠﺮﺩﻝ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺩﺍ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻧﺎﺀ ﻣﺨﺮﻭﻃﻲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻷﺩﺍﺀ ﻣﻬﺎﻡ ﺃﺧﺮﻯ، ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻣﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﺠﺮﺩﻝ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻟﻼﺳﺘﺨﻔﺎﻑ، ﻓﻴﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﺟﺮﺩﻝ ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻗﻔﺔ، ﺃﻱ ﻻ ﻟﺰﻭﻡ ﻟﻪ ( ﻻ ﻳﻬﺶ ﻭﻻ ﻳﻨﺶ ). ﻭﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﺫﺍ ( ﺍﻧﺤﻠﺠﺖ ) ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺄﺧﺮﻯ ﺃﺻﻠﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ( ﺗﺎﻳﻮﺍﻧﻴﺔ )؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺭﺷﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻓﻨﺘﺠﺎﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺷﺢ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ،
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻧﻠﺠﺄ ﻟﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﻘﻄﻌﺔ ﻗﻤﺎﺵ ﺑﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺃﻛﺜﺮ ﻧﺴﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ﺑﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ، ﺛﻢ ﺑﺴﻠﻚ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺪﻱ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﻀﻄﺮ ﻟﻮﺿﻊ ﺇﻧﺎﺀ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻧﺒﺪﺃ ﺑﺈﻧﺎﺀ ﺻﻐﻴﺮ ﺛﻢ ﻳﺘﻄﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﻢ ﺍﻟﺠﺮﺩﻝ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺃﻛﺒﺮ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺩﻭﺍﻟﻴﻚ، ﻧﻨﻔﻖ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﺠﻬﺪ ﺑﻼ ﺟﺪﻭﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﻓﻖ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺗﻨﻬﻤﺮ ﻛﺎﻟﺴﻴﻞ ﻭﺗﻐﻤﺮ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺗﺘﻤﺪﺩ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ، ﻭﻳﺤﺪﺙ ﺍﻟﻐﺮﻕ ﻭﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﻣﻦ ﺧﻮﻑ ﻣﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ ﻭﺗﻨﺪﻟﻊ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ .
ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﻣﻮﺭ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻄﻮﺭﺓ ﻭﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﺣﻜﻢ ﺭﺍﺷﺪ ﻭﺭﺷﻴﺪ ﺍﺫﺍ ﺭﺷﺤﺖ ﺣﻨﻔﻴﺔ، ﻻ ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻛﻲ ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ ﻭﻳﻤﺘﻠﺊ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺎﺀ ﻭﻳﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ، ﻭﻳﻠﺤﻖ ﺿﺮﺭﺍً ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻭﺍﻷﺛﺎﺛﺎﺕ، ﺇﺫ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺇﺑﻼﻍ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻓﺘﻬﺮﻉ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﻣﻌﻴﺘﻬﺎ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﻄﻠﺒﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻓﻨﻴﻴﻦ ﻳﺘﻼﻓﻮﻥ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﺑﻤﺨﻄﻄﺎﺕ ﻣﺪﺭﻭﺳﺔ ﻭﻣﻌﺪﺓ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻋﻄﺐ ﻃﺎﺭﺉ . ﺃﻣﺎ ﻣﺎ
ﻳﻤﺎﺭﺱ ﻫﻨﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻮﻣﻲ ﻓﻐﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺭﺯﻕ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ﺃﻋﺘﻰ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ، ﻓﺒﻌﺪ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺣﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺛﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻔﻀﺎﺽ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻟﻤﺎ ﺗﻢ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻪ، ﺍﺫﺍ ﺑﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻮﻯ ( ﻭﺭﺟﻘﺔ ) ﻭﻃﻖ ﺣﻨﻚ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻭﻻ ﻳﺮﺑﻂ ﺑﻞ ﺗﻈﻞ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﺮﺍﻭﺡ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ، ﻫﻜﺬﺍ ﻇﻞ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻨﺬ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﺍﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻫﺬﺍ، ﻭﻧﻈﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟﻠﺤﺎﻝ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ
ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺮﻗﻴﻊ ﻭﺍﻟﺘﻠﺘﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﺘﻨﻒ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ ﻭﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻏﺔ ﻟﺤﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﻃﻨﺖ ﻭﺗﻮﻃﺪﺕ ﻭﺃﺯﻣﻨﺖ ﻭﻇﻠﻠﻨﺎ ﻧﺪﻭﺭ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ( ﺍﻟﺪﺍﺑﻲ ﻣﻘﻄﻮﻉ ﺍﻟﺮﺃﺱ )، ﻭﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺮﺩﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﻣﻨﺎ ﺗﻌﺎﻃﻴﻬﺎ.