زهير السراج

ما زال الليل طفلاً يحبو !!


* لم تكتف الحكومة بتحرير سلعة الغاز فقط، بل ألحقت به في ضربة واحدة وقود الطائرات والفيرنس وهو نوع من الوقود يستخدم في الكثير من المنشآت الصناعية، كما يستخدم في المحطات الحرارية لتوليد الكهرباء، مثل محطة بحري الحرارية التي تعتمد على الفيرنس لغلي الماء وتحويله إلى بخار لتشغيل التوربينات وإنتاج الكهرباء الأمر الذي يعني أن تكلفة الكهرباء المنتجة في المحطات الحرارية سترتفع بشكل تلقائي عندما يرتفع سعر الفيرنس المستورد الذي سمحت الحكومة للقطاع الخاص باستيراده بنظام القيمة الصفرية (بدون تحويل عملة)، كما سترتفع منتجات المصانع التي تستخدم الفيرنس، وتذاكر السفر لارتفاع سعر وقود الطائرات الذي سيستورده القطاع الخاص بالقيمة الصفرية!!
* ولن تتوقف القرارات الحكومية وغول التحرير و(أكذوبة رفع الدعم) عند هذا الحد، بل ستدخل إلى قائمة التحرير كل السلع الأساسية كالقمح وبقية مشتقات النفط (البنزين والجازولين وزيوت الماكينات.. إلخ) والكهرباء، حيث أوصت بذلك لجنة مكلفة بواسطة القطاع الاقتصادي لحزب المؤتمر الوطني برئاسة عضو القطاع والحزب (وداد يعقوب)، وهي صاحبة أعمال معروفة في مجال تجارة المشتقات النفطية، وها هي التوصية تجد طريقها سالكاً لتحرير الغاز والفيرنس ووقود الطائرات، وفي الطريق بقية السلع رغم أنف ميزانية عام 2016 التي أجيزت بواسطة المجلس الوطني بدون زيادات، والوعود الحكومية الصارمة بعدم زيادة الأسعار، ولكن وكعادتها أخلفت الحكومة ما وعدت به، وضربت بالميزانية وقوانينها عرض الحائط وخرجت علينا بقرارات تحرير الفيرنس ووقود الطائرات وزيادة سعر الغاز المنتج محلياً بنسبة (200 %)، ولن تتوقف الزيادة عند هذا الحد بعد السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز وعدد من السلع بدون تحويل عملة، ويُتوقع أن يصل سعر الأسطوانة عبوة (2/1 12 كجم) إلى أكثر من (150ج) في الشهور القليلة القادمة، ومن المضحك أن تتحدث الحكومة عن توفير غاز مدعوم للأسر الفقيرة وهي تعلم عدم وجود معايير وآليات ووسائل لتحديد الأسر الفقيرة وتوزيع الغاز عليها!!
* المجلس الوطني الذي دخل في إجازة منذ حوالي أسبوع يمثُل باتقان شديد دور المخدوع، ويتظاهر بأنه فوجئ بالزيادة مثل غيره من الناس، رغم أن رئيسة لجنة الطاقة بالمجلس (حياة الماحي) ظلت هي المصدر الوحيد للصحف بالنسبة لموقف سلعة الغاز والمشاورات الحكومية التي تدور حولها منذ فترة وكأنها الناطق الرسمي للحكومة، وهي التي أعلنت للصحف عن الاجتماع الخاص بين وزارتي النفط والمالية والقطاع الخاص الذي انعقد يوم الاثنين الماضي لبحث سبل معالجة أزمة الغاز ومراجعة الأسعار وهو الاجتماع الذي خرج بتوصية رفع سعر الغاز، فكيف يقنعنا المجلس بدور البرئ المخدوع.
* الزميلة سارة تاج السر نقلت لنا في الخبر المنشور بصحيفتنا أمس حالة الغضب والغليان التي انتابت نواب البرلمان إثر إعلان زيادة سعر الغاز وذلك بعد مرور 72 ساعة فقط على انتهاء الدورة البرلمانية، كما نقلت امتناع رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر ونائبته بدرية سليمان عن الإدلاء بأي أقوال للصحف عن الزيادة، وقالت بدرية للصحفيين (أنا ما بصرّح وأنا ماشة في الشارع، ما ممكن أنا طالعة هسة، يعني أخلي اجتماع الحوار عشان أتكلم معاكم؟)، أما رئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان فقد أنكرت حضورها لاجتماع وزارتي النفط والمالية الذي خرج بالزيادة، وامتنعت عن التعليق لأنها لم تستلم الخطاب الرسمي بالزيادة بعد، رغم أنها تعرف كل شئ!!
* ولقد نقلت لي الزميلة سارة في مكالمة هاتفية أمس، أن رئيس البرلمان استدعى وزير المالية وطلب منه إيضاحاً حول الزيادة، ووعد الوزير بإعطاء إجابة قبل نهاية اليوم، ولكن لم يحدث ذلك حتى مغادرة إبراهيم عمر للبرلمان (أو هكذا قيل لهم)، وقالت إن بعض النواب بدأوا حملة جمع توقيعات لعقد جلسة طارئة لمناقشة زيادة الغاز وخرق الحكومة لقانون الميزانية، ولا أعتقد أنهم سينجحون في الحصول على النصاب المطلوب لعقد الاجتماع، وفي رأيي الشخصي إنها مجرد مسرحية هزلية لإيهام الناس أن البرلمان يقف معهم، ولكن متى وقف البرلمان مع الشعب وأخذ له حقاً أو دفع عنه الأذى، ويكفي أنه أجاز قانون الشغب الجديد الذي يعاقب مرتكب جريمة الإتلاف الجنائي بين خمس إلى عشرة أعوام بدلاً عن ستة أشهر، في ثلاثة أيام فقط، استباقاً لزيادة الأسعار خوفاً من غضبة الشعب ولجوئه الى التظاهر، فهل مثل هذا البرلمان يمكن أن يكون حريصاً على حقوق الشعب؟!
الجريدة