رأي ومقالات

نشيد العلم .. ورومانسية للبيـع..بروفيسور عبده مختـار


في بابه «غرباً باتجاه الشرق» بصحيفة «السوداني» «24/1/2016» أثار زميلي «سابقاً» مصطفى عبد العزيز البطل موضوعاً مهماً تحت عنوان «أعلام وأناشيد ونثريات ومزايدات»، حيث تناول في الجزئية الخاصة بنشيد العلم ملاحظات قيمة أوافقه عليها بشدة، وأضيف هنا إليها بعض الاقتراحات في جانب العَلَم نفسه «ألوانه» وفي جانب النشيد الوطني المصاحب له. أشار البطل إلى الخطل في البيت الأخير من نشيد العلم: «يا بني السودان هذا رمزكم/ يحمل العبء ويحمي أرضكم». وتساءل: «أي عبء الذي يحمله العلم؟! العلم لا يحمل عبئاً، كيف يحمله وهو مجرد قطعة قماش تجسد رمزاً معنوياً…»
اقترح تعديل النص في هذه الجزئية من النشيد لتكون «أو لتقرأ»:
«يا بني السودان هذا رمزكم، فاحملوا العبء واحموا أرضكم».
بالنسبة لألوان العلم، فبالإضافة لملاحظات صديقنا البطل، أعتقد أن هناك مطالبة من إحدى لجان الحوار الوطني بضرورة تعديل العلم. وحيث أن هناك إشارة لرمزيات معنية للهوية السودانية تاريخاً وجغرافية وعقيدة، اقترح أن تعبر ألوان العلم السوداني عن الغابة والصحراء والنيل. وبالتالي يكون هناك اللون الأصفر «ليرمز للصحراء»، واللون الأخضر «للغابة» واللون الأزرق للنيل، على أن يتوسط العلم نص يشير إلى العقيدة مثل اسم الجلالة ومحمد صلى الله عليه وسلم أو الشهادة، على أن يتم تصميم ذلك في شكل دائرة في منتصف العلم. ولدينا فنانون تشكيليون مبدعون «هذا إذا كانت الدولة ترغب في ذلك».
وبالنسبة للنص يمكن أن تنظم رئاسة الجمهورية مسابقة لتأليف نص جديد، أو الإبقاء على القديم مع التعديل المشار إليه أعلاه إذا لم يظهر نص بديل أقوى أو أفضل من النشيد الحالي.
رومانسية للبيــــــع
أكثر ما يسعد الكاتب التجاوب والتفاعل مع ما يكتب. وهذا يشكل مؤشـراً مهماً للتأكد من وصول الرسالة للمتلقي كما يقول علماء الصحافة والإعلام من خلال المصطلح feedback الذي كثرت ترجماته في اللغة العربية «تغذية مرتدة، تغذية راجعة، تغذية استرجاعية، ردود الفعل…». من بين مقالاتي التي وجدت تجاوبا كبيراً «أستاذية في الميناء البري» والذي ناقش فوضى الشهادات فوق الجامعية واستسهال الترقيات لبعد الدكتوراه «حتى البروفيسور» وكذلك مقالي عن «البحث عن الرومانسية السودانية» الذي ألقيتُ فيه باللائمة على الرجل السوداني «المكشر/المتجهم/العابس/الجاف» بأنه المسؤول عن تدمير مصنع السعادة الذي يملك مفتاحه «المرأة/الزوجة». وأيضاً مقالي الأسبوع الماضي عن «حب الجمال جنني، وحبيبي شطفني». وجدتُ تعليقات كثيرة سواء كان بالهاتف أو اللقاءات المباشرة، أو بالبريد الإلكتروني، أو مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الواتساب. من ضمن تلك التعليقات تصويب من الأخ الأستاذ/ عادل فضل المولى الصحفي «الذي عمل مدير تحرير سابقاً بصحيفة ألوان»، حيث أرسل لي رسالة فيها تصحيح لما كتبته عن «أغنية الصباح الزاهي» فقد أشار عادل إلى أنها للشاعر السوداني الراحل إسماعيل خورشيد، وغنَّاها صلاح محمد عيسى. فقلتُ في نفسي «إنت بتاع علوم سياسية الودَّاك شنو تكتب في الفن».. لكني لن أتوب لأني أؤمن بمقولة أن «الفن للحياة» لذلك لا بد له من أن يخدم السياسة التي تقود الحياة..
الصحافة تقـود المجتمع
بمناسبة ما تعانيه الصحافة اليوم في السودان، وما يشتكي منه الصحافيون من مشكلات المدخلات وتكلفة الانتاج ومشكلة الحريات، أذكر عندما كنتُ «في عام 2014» أعمل أستاذاً جامعياً في نيجيريا لفترة قصيرة «بأمر بوكو حرام التي هجمت علينا وتم إغلاق الجامعة» قد كتبتُ مقالاً مقارناً بين الصحافة في نيجيريا وفي السودان. فلاحظتُ أن عددها قليل وحجمها كبير مقارنة بعدد السكان «مثلاً الـ ديلي ترست 80 صفحة»، فقلتُ إننا في السودان «أحزابنا كثيرة وصحفنا كثيرة وكلامنا كثير وبدون فائدة…» فتساءلتُ لماذا لا يفكـر ناشرو الصحف السودانية في الدمج: كل «3» صحف تندمج في صحيفة واحدة كبيرة الحجم، متنوعة وقوية؟ أليس ذلك أفضل من هذه الصحف الكثيرة العدد والصغيرة الحجم والضعيفة؟ أتمنى أن يفكر الناشرون والصحافيون في هذا الاتجاه. لكن هناك مسألة أهم. وهي دور الصحافة في المجتمع. فمن الملاحظ أن الصحف السودانية تركز على الحديث باستمرار في مسألة الحرية. نعم الحرية مهمة جداً. ولكن لماذا لا توظف الصحف السودانية هذا «القدر المتاح» من الحرية وتوجهه لبناء المجتمع؟
سوف تكون الصحافة السودانية ذكية إذا ما استغلت المساحة المتاحة الآن لإحداث اختراق في الدولة عبر التعامل المباشر مع المجتمع، كيف؟
للصحافة دور مؤثر في تشكيل الرأي العام وصناعة الاتجاهات، وما يرتبط بهما من عملية نشر الوعي والتثقيف. بإمكان الصحافة السودانية أن تتجاوز الحكومة. «جمدوا الحديث عن الحريات»، ووظِّفـوا الحرية المتاحة لبناء مواطن واع، ونشر الثقافة السياسية لترسيخ قيم الديمقراطية. وبذلك تكون الصحافة قد تعاملت بصورة صحيحة مع جوهر الأزمة في السودان. فعندما تسهم الصحافة في بناء مجتمع واعٍ، فإن هذا المجتمع يوماً ما سوف يتجاوز الانتماءات الضيقة والولاءات التقليدية والمتخلفة. وتدريجياً تتشكل هوية وطنية على أسس جديدة.. وحينها فقط يمكن أن ينتج لنا هذا المجتمع طبقة سياسية واعية وصالحة. وبالتالي سوف تأتي الحرية تلقائياً دون مشادات ومواجهات مع السلطان.
مطار الأبيض الدولي
جاء في الأخبار أن الطائرات سوف تطير من مطار الأبيض «عاصمة ش. كردفان» إلى القاهرة مباشرة. هذا خبر عظيم، وهذا يمثل فتحاً وتمكيناً للولاية أن تصبح ولاية الصادر وهي مؤهلة لذلك فهي عاصمة الصمغ العربي ومختلف المحصولات النقدية «كركدي، سمسم، فول سوداني، حَب بطيخ، منتجات حيوانية…» كما أن ذلك سوف يساعد على تدفق المستثمرين والسواح ويشكل إضافة لحراك اقتصادي جديد في الولاية. لكن التحدي الذي يواجه مولانا أحمد محمد هارون هو كيفية ترفيع هذا المطار ليكون في مستوى المهمة الجديدة.

الانتباهة