مقالات متنوعة

محمد وداعة : البرلمان يرفض .. الوطني يوافق !


من غرائب بلادنا أن برلماننا يرفض زيادة أسعار الغاز في الصباح، فيجتمع الحزب الوطني مساءً، ليس لتأييد البرلمان، ولكن لإصدار قرار بالموافقة على زيادة أسعار الغاز التي رفضها البرلمان، ومن الغرائب في بلادنا أن يتم إخطار السيد رئيس البرلمان بهذه الزيادة عبر الهاتف، وهو أمر خطير يمس حياة الناس مثلما يمس صلاحيات البرلمان، الا أن أغرب الغرائب هو تحايل الحكومة في أمر كان يمكن أن يتم بالطريق (العديل) الا أنها (تلولوه) ليخرج في شكل يكمل غربتنا، وبلادتنا، ويذهب بما تبقى من ذاكرتنا، تم تكريس آخر جلسة للبرلمان لإجازة تعديلات القانون الجنائي، لتقنين تغليظ عقوبة المادة (182) الشغب والإتلاف، وهي آخر جلسة يدخل البرلمان في عطلة حتى أبريل، وهذا معلوم للكافة (حكومة وشعباً)، وهو سيناريو فشلت الحكومة في إسباغ أي مشروعية عليه ولو من الناحية الشكلية، إجرائياً كان يمكن إصدار هذه الزيادات بأمر مؤقت، كان للبرلمان أن يلتئم في جلسة طارئة لرفضه باعتبار انعدام ضرورات الاستعجال التي تبرر المرسوم المؤقت، أما تشريعياً فلا سبيل الى إصدار الأمر المؤقت لأن أزمة الغاز لم تطل برأسها بين يوم وليلة وكان للحكومة أن تنظر في عرضها على البرلمان قبل دخوله في إجازته، عليه فإن ما استندت علية السيدة رئيسة لجنة الطاقة من صلاحيات السيد رئيس الجمهورية في إعمال نص المادتين (109،113) من الدستور، لا يمكن التعويل عليه لأن السيد رئيس الجمهورية لم يصدر مرسوماً دستورياً مؤقتاً، والثابت أن قرار زيادة الأسعار أصدره السيد وزير المالية، وهو لا يملك هذا الحق..
المادة (111) من الدستور الانتقالي تقرأ: (يجيز المجلس الوطني مشروع الموازنة القومية للدولة بجداولها فصلاً فصلاً، ثم يجيز مشروع قانون الاعتماد المالي، فإذا أجيز القانون لا يجوز تجاوز التقديرات المفصلة والمعتمدة في الموازنة القومية الا بقانون إضافي.. الخ)، كما أن المجلس الوطني لم يفوض صلاحياته بموجب المادة (115) لأي جهة، وبالتالي فإن زيادة الأسعار باطلة شكلاً، وقانوناً، وأن النية كانت مبيتة لانتظار يوم واحد فقط يذهب فيه البرلمان في إجازته، بعد أن يجيز في ساعة واحدة حزمة تدابير في القانون الجنائي تحسباً لاندلاع أي احتجاجات، هذه الحكومة تتخذ قرارات تعلم أنها مرفوضة، أما وقد رفض البرلمان الذي (90%) من أعضائه مؤتمر وطني، فكيف استطاع الحزب في المساء اتخاذ قرار يؤيد فيه الزيادات،؟ على كل حال فإن السيد وزير المالية أوفى بوعده فلم يتم رفع (الدعم) عند إجازة الموازنة، لقد تحرر الغاز بعد شهر من اعتماد الموازنة، وهو سيمضي إلى بقية (المدعومات)، ماذا سيفعل السيد وزير المالية بعد أن يكمل ما بدأه؟ سؤال للسيد وزير المالية بكم يدعم البترول؟ وكم يبلغ سعر الفيرنست؟ وهل تحريره يعني تحرير الكهرباء؟ ندعو السيد وزير المالية ابتداءً لإثبات أي دعم يقدمه، وبعد إقامة الحجة علينا سنطلب منه أن يرفع (الدعم) ويريحنا من الابتزاز الحكومي بمناسبة ومن غير مناسبة.
الجريدة