تحقيقات وتقارير

زيادة أسعار الغاز… و المواطن أصبح مطارداً يومياً بزيادات غير مبررة و المرتبات جامدة لا تزيد


اشتكى العديد من المواطنين الذين استطلعتهم “الجريدة” من الزيادة الأخيرة في أسعار الغاز لجهة أن أسعار بدائل الوقود زادت بصورة كبيرة.
وكشفت جولة “الجريدة” على زرائب الفحم زيادة كبيرة في أسعار الفحم وتفاوتت، حيث وصل سعر الجوال فحم المسكيت 500 جنيه للجوال بمنطقة كرري و600 جنيه بمناطق السجانة واللاماب، الأمر الذي جعل أمر الحصول على بدائل الطاقة غاية في الصعوبة.
وفي ذات السياق أمهل البرلمان الحكومة 24 ساعة لمراجعة زيادات، وتخوف المواطنين بالولايات من ارتفاع سعر أسطوانة الغاز الى أكثر من 200 جنيه، لجهة أن الغاز حالياً ببعض الولايات الى أكثر من 100 جنيه.
كشفت جولة “الجريدة” على عدد من زرائب بيع الفحم ارتفاع أسعار الفحم وبلغ سعر كيس الفحم الصغير خمسة جنيهات، وعزا أصحاب المحلات ارتفاع أسعار الفحم لارتفاع تكاليف ترحيله وارتفاع أسعار الإيجار ومنع فحم الطلح بقرار جمهوري، الأمر الذي حصر الفحم في أنواع معينة من الأشجار مثل المسكيت وخلافه.

وقالت مواطنة إن أسعار مواد التدفئة زدات خاصة “الطلح والشاف، فضلاً عن الفحم الذي أصبح سعره أغلى من الغاز.
في بداية الاستطلاع رفض غالبية المواطنين الذين استهدفتهم “الجريدة” التصريح بحجة أن الصحف لا تحدث تغييراً ولا فائدة من بث شكواهم عبرها لأنه لن تجد اعتباراً من قبل المسؤولين ولن تعدل سياسات الدولة التي وصفوها بالمعادية للمواطن وتحت إلحاح “الجريدة” كانت هذه الحصيلة:
كشفت المواطنة عزيزة حسن، تسكن منطقة الخرطوم شرق، إنها اشترت أنبوبة الغاز بمبلغ 100 جنيه عقب إعلان الزيادة أمس الأول المقرر لها 75 جنيه، مما يعني أن الجهات المسؤولة تضغط على المواطن، وحذرت من مغبة الضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها المواطنون بصورة يومية.
ومن جانبها قالت المواطنة حسينة مضوي ـ تسكن منطقة الرميلة ـ إن المواطن ظل يتفاجأ كل يوم بزيادة في كل الأسعار المتعلقة بالسلع بصورة عامة، وأضافت: “إن زيادة أسعار الاحتياجات الأساسية يعني أن المواطن الذي كان يعيش بالحد الأدنى من الإمكانات لا يمكنه العيش”، وذكرت أن المواطن أصبح مطارداً يومياً بزيادات غير مبررة مع العلم بأن المرتبات جامدة لا تزيد، وقالت: “لدينا التزامات أخرى مثل مصاريف المدارس والجامعات”، وأضافت: “والله كرهنا حياتنا الرجال يدونا المصاريف من الصباح نقسمها زي المرارة وما بتلحق، إلا نسيب البلد دي عشان نعيش”.
في ذات السياق شكا المواطن أحمد علي، يعمل سائقاً بأحد البنوك من أن راتبه لا يكفي احتياجات أسرته لأن الاحتياجات تتزايد يوماً بعد آخر، وقال: “تركنا الكثير من الأساسيات مثل اللحوم وغيرها” وأضاف: “لكن كيف نبدل الغاز؟ وبماذا؟ لأن الفحمة الواحدة بجنيه”، وذكر أن سعر الجوال وصل إلى 500 جنيه وحسبنا الله ونعم الوكيل.

مراجعة الأسعار:
أعلن البرلمان رفضه التام لزيادات أسعار الغاز التي تم إخطار رئيس المجلس إبراهيم أحمد عمر عنها عبر الهاتف، وأمهل البرلمان الحكومة 24 ساعة لمراجعة قرارها، معتبراً أن أسطوانة الغاز تعتبر خط أحمر، فيما شرع نواب المجلس الوطني في جمع توقيعات لعقد جلسة طارئة الأسبوع المقبل لسحب الثقة من وزيري المالية والنفط، وصعد البرلمان أمس الأول موقفه ضد الحكومة، ووصف رفع سعر أسطوانة غاز المنازل إلى 75 جنيهاً بالمجحفة في حق المواطن، واستدعى رئيس المجلس إبراهيم أحمد عمر وزير المالية بدر الدين محمود ووزير الدولة بوزارة النفط محمود عبد الرحمن عند السابعة والنصف صباحاً وعقد معهما اجتماعاً طارئاً في حضور نائبيه بدرية سليمان ورؤساء لجان الطاقة والشؤون الاقتصادية والشؤون الاجتماعية والزراعة، وأبدى رئيس البرلمان رفضه القاطع لزيادات سعر الغاز التي تمت بعيداً عن قبة البرلمان، وأمهل وزير المالية 24 ساعة لمراجعة قراره، معتبراً أن أسطوانة الغاز تعتبر خط أحمر.

من جانبها أنحت رئيس لجنة الطاقة حياة الماحي باللائمة على وزارة المالية واتهمتها بمحاولة إلغاء دور البرلمان وإعلان أسعار جديدة للغاز.
ووصفت الزيادة بغير المبررة، وأشارت الى أن وزير المالية ذكر الى أن مشكلة الغاز تكمن في التهريب قبل أن يعد رئيس البرلمان بمراجعة القرار ونقل رأيه إلى جهات الاختصاص، فيما أكد وزير الدولة بوزارة النفط والغاز محمود عبد الرحمن الى أن البلاد تحتاج إلى 200 مليون دولار في العام لسد العجز في الغاز، وأشار الى أن إنتاج البلاد من النفط لا يتجاوز الـ1200 طن في اليوم والذي يمثل 30% من الاستهلاك المحلي.
من جهته أكد النائب البرلماني الطيب رابح شروع الأعضاء في جمع التوقيعات لعقد جلسة طارئة للبرلمان على أن تجتمع هيئة شؤون المجلس لتحديد موعد الجلسة، في حين استعجلت كتلة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل عقد الجلسة الطارئة، وأكدت تضامنها مع الكتل الأخرى في مناهضة زيادة أسعار الغاز.

وكلاء الغاز:
وذكر وكلاء الغاز بأم درمان وبحري أن تحديد الأسعار تعتبر ضمن سياسة دولة ولا علاقة لهم كوكلاء بزيادة الأسعار التي لا تغطي تكاليف التشغيل بالرغم من زياداتها، وقال وكيل: “لا يستفيد الوكلاء شيئاً، لأنهم يشترون الأسطوانة بمبلغ 68 جنيه من المستودع مما يعني أن مبلغ السبعة جنيهات لا تعود عليهم بهامش ربح في ظل تكاليف التشغيل من ترحيل وعمالة وإيجارات”، وذكر وكيل غرفة الغاز بمنطقة أمدرمان أحمد حسين” نحن كوكلاء ننفذ توجيهات الدولة ونستهدف المواطن عبر توفير الغاز”، وأشار الى أن الوكلاء يهتمون بالوفرة ليكون الغاز في متناول المواطن، وقال: “المواطن يعتبر الوكلاء هم من يقوم بزيادة الأسعار مما يعرضنا للسخط من قبله”.
وذكر وكيل غرفة الغاز بمنطقة كرري عوض الكريم أحمد أن حصة كرري 6 آلاف أسطوانة من مختلف الشركات، وقال: “كنا عند زمن الأزمة نعاني في توفير الغاز خاصة إيران، موضحاً أن الزيادة لا تعود على الوكلاء بفائدة ولا تغطي تكاليف التشغيل وقال: “خادم الفكي مجبورة على الصلاة”.

وكلاء تحت التهديد:
وقال وكيل غاز – فضل حجب اسمه – إنه يعمل بالخسارة وتكاليف التشغيل عالية لا تغطي، وأضاف: “وجدنا أنفسنا في هذه المهنة” وتابع: “عندما قررت ترك العمل في مجال الغاز تم تهديدي من قبل السلطات”، وذكر أنه يعمل تحت الإرهاب ولكنه يسعى في الفترة المقبلة للهجرة من هذا البلد الطارد.

تحذير من تكرار الأزمة:
بتاريخ 8/1/2014 حذر نواب برلمانيون من تداعيات ندرة الجازولين والغاز على الأوضاع بالبلاد، مشيرين الى أن المخزون من السلعة بالمستودعات لا يكفي لسد حاجة البلاد، ودعا إلى ضرورة النظر إلى الصفوف بالطلمبات، واتهم النواب مسؤولين نافذين بتبديد أموال الخدمات الاجتماعية التي تدفعها شركات البترول بالولايات المنتجة، وشدد البرلمانيون على ضرورة وضع تحوطات للفجوة في الجازولين والغاز.
وحملت النائبة أم كلثوم أحمد وزارة النفط مسؤولية ندرة الغاز بالعاصمة بسبب الإجراءات التي اتخذتها تجاه وكلاء الغاز.
ومن جانبه أعلن وزير النفط مكاوي محمد عوض عن تنسيق بين وزارته والمالية والبنك المركزي لتوفير النقد الأجنبي لاستيراد الجازولين.

ندرة الغاز بعطبرة:
شكت مجموعة من المواطنين من شح الغاز مع ارتفاع سعره، وقالت هدى المأمون الشابك إن مسألة الحصول على أسطوانة غاز أصبح صعباً، خاصة وأنهم يسكنون في ضواحي عطبرة بمناطق الفاضلاب والمكايلاب ويشترون الأنبوبة من سوق عطبرة ويكلف ترحيلها ذاهباً وإياباً خمسين جنيهاً ويأخذ الوكيل 100 جنيه مقابل ملئها، وقالت: “مرات نخسر ترحيل وما بنلقى غاز”. وتساءلت: “عندما يصل سعر ملء الأنبوبة إلى مبلغ 75 يعني ذلك أن سعره سيصل الى أكثر من 200 جنيه بخلاف الترحيل”، وطالبت المسؤولين بضرورة دراسة زيادة الأسعار مقارنة بالمرتبات.
وفي القضارف ذكرت آمنة حمزة إن الحصول على الغاز أصبح أمر غاية في الصعوبة، وذكرت أن أسعارها في غير المتناول لأن سعر الأنبوبة قبل الزيادة وصل الى ما بين “80-150”. وتوقعت زيادة الأسعار بصورة غير مسبوقة بعد زيادة سعر الغاز الى 75 جنيه.

اتحاد وكلاء الغاز:
أجرت “الجريدة” عدة اتصالات برئيس اتحاد وكلاء الغاز بولاية الخرطوم لكنه لم يستجب للتعليق على زيادة سعر أسطوانة الغاز الى 75 جنيه، لذلك تعيد تصريح سابق لريئس اتحاد وكلاء الغاز الصادق الطيب الذي عزا فيه الشح المتكرر وارتفاع الأسعار الى الندرة في سلعة الغاز والى عدم التنسيق بين الجهات ذات الصلة، مشيراً الى أن عدة اجتماعات تمت بهذا الشأن في الفترة السابقة وكان الاجتماع الأول تزامن شح الغاز مع شح الجازولين والبنزين عقد بوزارة المالية والاقتصاد وشؤون المستهلك ولاية الخرطوم حضره مدير عام وزارة المالية ورئيس قطاع شؤون المستهلك بالوزارة واستعرض اسباب الشح، وتوصل الاجتماع الى ان ما يحدث سببه عدم التنسيق مع الحكومة الاتحادية في استلام حصة الولاية من الغاز ويقول بلغ الاستهلاك اليومي للبلاد 1500 طن يومياً نصيب الولاية 70% منه، وخلص الاجتماع الى تكوين آلية من كل الجهات المختصة برئاسة رئيس القطاع الاقتصادي وذلك منعاً لتكرار ما يحدث من شح، وأشار إلى اجتماع ثاني ضم رئاسة الولاية ووزارة النفط وشركات الغاز واتحاد الوكلاء لاستعراض الموقف الحالي في إمداد الغاز وأن يتم التنسيق لحدوث انفراج بوضع ترتيبات لزيادة حصة الولاية من سلعة الغاز وإشراف الولاية على توزيعه بتكوين لجنة للطوارئ وتشكيل آلية من الأمن الاقتصادي واتحاد وكلاء الغاز والنقل والبترول للتحرك ميدانياً لبحث الموقف، وتدارك الشح الذي أصبح في تزايد يومي لزيادة الاستهلاك.
وذكر أن الاجتماع سيكون راتباً للتنسيق بين الجهات ذات الصلة وقال إن الاحتياج اليومي يبلغ 40 ألف أسطوانة لتوفير حاجة الاستهلاك المنزلي والتجاري، وطالب وزارة النفط التحسب لوجود زيادة يومية في الاستهلاك وتوجد أسطوانات فارغة جديدة، وذكر أن هنالك اتجاه إلى وفع حصة الولاية من 500 ألف طن إلى 800 ألف، وأرجع أسباب ارتفاع أسعار الغاز في الولايات إلى 100 جنيه للأسطوانة الى الشح الأخير.

تصريحات سابقة للاتحاد:

كشف رئيس اتحاد وكلاء الغاز الصادق الطيب عن خروج وكلاء الغاز من السوق في حال لم تستجيب الجهات المسؤولة لمطالبهم في التسعير المجزي بسبب الخسائر الناجمة عن تجاهل التسعيرة لسلعة الغاز من قبل المسؤولين خاصة بعد صدور القرارات الأخيرة القاضية برفع الدعم عن المحروقات وبالتالي رفع الدعم عن الغاز الذي أصبح بدوره كسلعة في يد الدولة، وكشفت جولة لاتحاد وكلاء الغاز وجود عجز في الغاز ولا تكفي الكميات الموجودة الاستهلاك.
وكشف عن عجز في الأرباح لأن قانون التجارة يعطي الوكيل الذي يمثله تاجراً للتجزئية أرباح بنسبة 20%، وقال إن الآن أصبح ربحه أقل من 2%.
وأشار الى أن هامش ربح تاجر القطاعي من المفترض يكون أعلى من تاجر الجملة.

لبنى عبدالله
صحيفة الجريدة