جمال علي حسن

تظاهرة لاهاي.. لافتات لا تلفت


نلاحظ هذه الأيام تنشيطا واضحا لحملات المتاجرة السياسية بقضية دارفور، من جديد في بعض مدن أوروبا والغريب أن هذا التنشيط يحدث في وقت تراجعت فيه المواجهات مع المجموعات المسلحة نسبياً وكذلك لم تعد هناك مادة متوفرة حقيقية أو خيالية ترتكز على أرضية اتهام موضوعي يمكن أن يقنع أحداً بأن هناك انتهاكات وجرائم إنسانية.. من قتل أو إبادة جماعية أو اغتصاب نساء أو ما شابه يتم ارتكابها في دارفور .
هذه الأسطوانة المشروخة لم تعد جاذبة للاستماع إليها مع تطور الميديا الحديثة ووسائل الاتصال التي لديها القدرة على الرصد والتوثيق حيث لم يعد تجديد المزاعم والتقارير المكتوبة والقصص المختلقة وخيالات التأليف يقنع أحداً، بل الصور والمقاطع الفورية التي تنقل وتوثق كل حدث وتفضح كل جريمة هي التي يتم اعتمادها وتصديقها ..
انظروا إلى الجرائم التي يتم توثيقها في سوريا وجرائم الشيعة في مناطق السنة في العراق ومذابحهم في ديالي والمقدادية، هي جرائم إن لم يتم توثيقها فإن هناك توثيقا لشواهدها ومسارح الجريمة .
فكيف يقتنع العالم بقصص منسوجة من الخيال لا شاهد عليها ولا دليل برغم انتشار الوات ساب والهواتف الذكية في كل مكان وفي أبعد قرى دارفور .
تظاهرة لاهاي التي تم تنظيمها يوم الخميس للتنديد بما وصفتها التظاهرة بانتهاكات النظام في دارفور، هي محاولة بائسة لاستجداء أضواء العالم من جديد واستعادة اهتمامه بأكذوبة الإبادة الجماعية في دارفور.. إبادة جماعية لا صورة واحدة تشهد عليها.. إبادة جماعية ولا مقطع واحد لضحاياها بعد إبادتهم دعك عن توثيق لمشاهد قبل أو أثناء الجريمة إن اعتبرنا أن ذلك صعباً، فأين صور الذين تتم إبادتهم؟ ..
في ديالي والمقدادية والأنبار هناك مقاطع وصور تشهد على وجود حالة إجرام منظم.. وفي بورما آلاف الصور ومئات المقاطع توثق ما يتعرض له المسلمون من مذابح..
لكن في دارفور مزاعم الانتهاكات المتهمة بها الأجهزة الحكومية هي مجرد لافتات أنيقة تنتشر في شوارع لندن وساحات لاهاي وحدائق باريس..
هل تعرفون لماذا تم تنشيط ملف دارفور في هذه الأيام بالذات؟ لتحقيق هدفين الأول هو استجداء تمويلات جديدة للحركات المسلحة بعد أن نضبت أو بدأت تنضب الكثير منها مصادر التمويل الدولية لنشاطاتهم .
أما الهدف الثاني وهو الأهم فيتعلق بمساعي إفشال حملة واسعة انطلقت هذه الأيام عبر موقع البيت الأبيض الأمريكي للتوقيع على عريضة تطالب برفع العقوبات الأمريكية على السودان .
وحسب القواعد المتبعة فإن التوقيع على العريضة سوف يستمر حتى 15 فبراير 2016م حيث أن البيت الأبيض يلزم نفسه بالرد على أي عريضة إذا أكملت التوقيعات عليها خلال فترة شهر واحد 100 ألف توقيع .
وهؤلاء يقومون الآن بتنشيط حملة مضادة لإفشال عريضة رفع العقوبات الأمريكية عن السودان عبر إعادة الترويج لمزاعم الانتهاكات والإبادة الجماعية .
هذه متاجرة مفضوحة بقضية دارفور بواسطة مجموعات تأزيمية من عاطلي الحركات المسلحة في أوروبا والذين نفدت ذخيرتهم و(كمل رصاصهم) ولم يتبق لهم رهان سوى التسكع وحمل اللافتات التي لم تعد تلفت انتباه أحد .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.


تعليق واحد