أبشر الماحي الصائم

جدير بالذكر والاهتمام


* يحتدم جدل كثيف منذ وقت ليس بالقصير حول تدني مخرجات التعليم في السودان، مما يؤثر ذلك على مستقبل الأجيال والدولة السودانية برمتها، وبرغم تباين الأسباب بين المنهج والبيئة والسلم.. إلا أنني أرى رأس رمح العملية التعليمية يكمن في مقدرات المعلم.. فالمعلم هو من يفترض أن يروض البيئة ويطوع المنهج ويبتدع من فنون التدريس وأساليبه وطرقه ما يناسب تلاميذه والبيئة.. وأن تكون معلماً ناجحاً ويجب أن ﻻ تكون مقتنعاً بها فحسب، بل يجب أن تحبها كثيراً فضلاً أن تكون واعياً بمتطلبات العملية التعليمية.. فالمعلم هو العمود الفقري في عملية التربية، وهو الذي ينفخ في عروقها دم الحياة .
* إذن ما مشكلة المعلم، وما الذي أصابه ولماذا تراجع مستواه إلى هذا الحد !!
* في الواقع أن مشكلة المعلم تبدأ من اختياره هو للمهنة من جهة ومعايير استيعابه في الخدمة من جهة أخرى، ولا تنتهي بتركه الخدمة لبلوغه سن التقاعد. وللتوضيح أطرح هذه الأسئلة الواضحة والصريحة واسمحوا لي أن أترك الإجابة عليها للقارئ الكريم فهي لا تحتاج لكثير عناء، فالكل يعيش ما يجري.
أولاً: هل مهنة التعليم هي رغبة المعلم وقناعته ؟ أم مكره أخاك؟
* هل روعي عند اختياره كمعلم أو قبوله إلى كليات التربية امتلاكه للقدرات والمهارات الطبيعية: نطق سليم – سمع – ذكاء – حسن تصرف. والمكتسبة: قراءة – كتابه – استماع.. بالقدر الذي يمكنه من أداء عمله بنجاح ويؤهله لتطوير ذاته باستمرار؟
* هل خضع لاختبار في السلوك وهو الذي يرجي أن يكون قدوة للناشئة في كل شيء وما أدراك ما القدوة؟
* هل خضع لتدريب جاد ومكثف بالقدر الكافي في أساسيات المهنة إن كان من غير خريجي كليات التربية قبل أن يزج به في محال العمل.
* وهل كليات التربية هي نفسها مصممة لتخريج معلمين بالمواصفات المطلوبة، وتهيئ لهم القدر الكافي من التدريب العملي إلي جانب التحصيل الأكاديمي.
* هل توجد مدارس تابعة للكليات داخل أسوارها أو في جوار متاخم لها خاصة بتدريب الطلاب يديرها طاقم متمكن وخبير لتزويد الطلاب بأفضل الخبرات في طرق التدريس وأساليبه وفنونه (المهارات غير الأكاديمية) وصقلهم بتدريب عملي مباشر تحت إشرافهم؟ إذا كانت الإجابة على هذه الأسئلة. وقبيلها مما يمكن أن يدور بخلد القارئ إيجابية فهذا لعمري هو المعلم الذي نريد. وهو الذي يعول عليه في التعامل مع كل السلبيات والعيوب في النظام التعليمي ويقوم بالمعالجات الاسعافيه ويشير إلي الإصلاحات الجذرية المطلوبة.
وبعبارة أخرى هو وحده المنوط به اكتشاف أي خلل قد يصاحب العملية التعليمية في أي مجال من المجالات ويقترح ما يراه مناسباً من إصلاح أو تغيير يجب أخذه بالاعتبار وليس غيره أكرر وليس غيره مهما كانت سلطته أو مكانته أو درجته العلمية فأهل مكة أدرى بشعابها وعندئذ فقط نكون قد وضعنا الحصان أمام العربة.
ثانياً: هناك جوانب تكميلية في غاية الأهمية لا بد منها لجهة أن يؤدي المعلم واجبه ويقوم برسالته بالوجه المطلوب.
ونعود مرة أخرى لطرح أسئلة مهمة في هذا المجال:
* هل المرتب الذي يتقاضاه المعلم يفي بالحد الأدنى لمتطلبات الحياة الكريمة، ليتفرغ المعلم للقيام بواجبه تجاه عمله مرتاح البال ويعطي وقته وجهده وفكره لمهنته؟
* وهل شروط الخدمة وما بعدها مجزية ومقنعة وتساعد على الاستقرار والاستمرار؟
* هل المعلم يجد التقدير اللازم من الآباء والأمهات والمجتمع بشكل عام؟
* وهل المعلم بعيد كل البعد عن كل ما من شأنه الإضرار بالعلاقة بينه وبين تلميذه لتسود بينهما البيئة المثالية للتعليم والتعلم؟
على سبيل المثال لا الحصر “جمع المال تحت أي مسمى بشكل مباشر من التلاميذ وما يترتب على ذلك من آثار كارثيه تلقى بظلال قائمة على عمليتي التعليم والتعلم”؟
هذه هي بعض مواصفات المعلم المطلوب وبعض مطلوباته ليؤدي واجبه بطريقة مثمرة.
وبعد فلعل الكثيرين يتفقون معي في أنه بدون معلم مؤهل مسؤول ومستقر، يتولى تنفيذ أهداف التعليم نكون كمن يحرث في بحر وتكون تلك الحزم المهمة الأخرى التي تتحدث عنها كثيراً على أهميتها مجرد جمادات لا تجدي نفعاً.. هذا والله تعالى أعلم.
هلال عــوض هــلال
معلم معاش – الولاية الشمالية
دنقلا: 0121932009
* من المحرر.. انتخبت هذا المقال من بين عشرات المقالات والتعقيبات التي وصلت بريدي.. وأتصور أنه يستحق القراءة والتأمل والتوقف عنده طويلاً.