لبنى عثمان

بقايا زمن


أُبحر فيك يا زمني وسط عواصف الأمل.. وموج الزمن.. يعزف لحن الشجن عند الغروب حين تُذبح كل الشواطئ من الوريد إلى الوريد فتغطي مساحات الدواخل ومسافات الحنايا وتتبعثر الترانيم في كل زوايا المنى وترسم فرحة فوق جدار المآقي..
أحاول أن أتوسد الجذع فوق شجرة الصمت.. أرقب باهتمام انبلاج الفجر.. غيثاً.. وطلاً.. يغزو خفقان القلب المتعب.. أرقب تغريد ألوان الطيور محملة ألحاناً بنسائم الأجواء العطرة تجوب بساتينها رواية تطوي المسافات الطوال.. فتضحك لي الأرض ويسكن الصباح وتعود الشمس أدراجها أو تغطيها غيمة صغيرة فتصنع الظلال الرمادية.. وأسمع فقط زقزقة العصافير وأشهد تفتح الأزهار بأول يوم ربيعي.. فألقي بأروع القصائد بقوة من البوح.. فيتسع (قلبك) برحابة لاستقبالها.. ولا أقولها بكل علو صوتي فيتوقف جريان الأنهار.. ويسود الهدوء بعد عديم الصمت.. تتفتح عطور الأزهار تجوب الأجواء بإشراق فتضيء شواطئها الذهبية.. تعانق الحلم.. فتذوب اشتياقاً.. وتغلق العينين فيحتضر الحزن.. ويرحل الألم..
بدموع الحزن أنسج خيوط الأمل.. مستسلمة لقلبي ومشاعر الحب والحنان.. لإحساس دفء الحب ونبض الحنان.. لرغبة عارمة في البحث عن الأمان.. أحاول أن لا أيأس من قلقي فأنا ولدت مثقلة بالحكايات.
.. لا أقلق من حزني.. فكلنا في زمن الحزن ووقت الفرح نبحث عن هوية لم تُكتب.. وعن بقايا حَسب..
فكلنا نكتم بعض حزننا في ضحكة.. أو نظرة وفي صميم عمرنا.. نموت في الداخل ألف مرة..
ونقف عى أنات مسافرة تحمل الوجع في منعرجها.. ألف من ذرات التية والحيرة والذكرى.
**تســـاؤل ؟؟**
أين هم مني؟ لقد قاسموني جزءاً كبيراً من العمر وتفاصيل أيامه.. فأين هم مني الآن؟
انفرط عقدهم وتساقطوا أمامي واحداً تلو الآخر.. فما أقسى سقوطهم.. وما أقسى فقدانهم..!
ما زلت أتوقف على أطلالهم.. أقيس ارتفاع ركامهم تحتي.. أزيل غبار التفاصيل معهم وأبحث بين الركام عن دموعي.. ومشاعري وشموعي.. وأتذكر بألم.. (هنا.. عشت.. وهنا ضحكت وهنا بكيت وهنا خدعت وهنا ظُلمت وهنا صلبت وهنا قُتلت) فكبرت أعواما وأعواما وأنا ألوح مودعة موطنهم.. وكبرت أعواماً وأعواماً.. وأنا أُعيد زراعة قلبي وعقلي وذاكرتي.. وأرمم ما بقي من أشلائي.. لأصوغ (مني) (أنا) أخرى بذات القلب وبنفس الروح ولكن بشكل أكثر حجماً وأعمق مساحة.. وبتجدد يسير نحو الأفضل.. بدفء أحضان التفكير.. وعلى أجنحة الحلم والحقيقة وتناقض طبيعة الكون.. أظل أبحث دوما بين خنادق أفكاري وبريق حروفي وشعاع كلماتي عن الرصيف المنهدم للذكريات.. يسحب روحي إحساس مرهف جميل يشدني ويجرني دائما إلى الماضي القريب.. إلى عالم كان ومضى.. ولكن كان له
وجود…
** كسرة **
لا أدري كم من الوقت أحتاج لأعاود تهجئة الكلمات التي سكبتني ذكرى على أوراق الماضي؟