الهندي عز الدين

فتح الحدود مع الجنوب .. افتحوا قلوبكم


{مبادرة رئيس دولة جنوب السودان الفريق “سلفاكير ميارديت” التي أطلقها يوم (الاثنين) الماضي بتوجيه قواته المسلحة بالانسحاب جنوباً عن حدود استقلال السودان في العام 1956م لمسافة (6) أميال، في إطار حزمة إجراءات للتطبيع الكامل مع بلادنا، هي بالتأكيد تمثل تحولاً عظيماً في مواقف “سلفاكير” خاصة وحكومة الجنوب بصفة عامة، وتصب في خانة العمل السياسي والدبلوماسي الإيجابي لمصلحة البلدين، وهما في الأصل بلد واحد.
{قد يقول قائل إن الرئيس “سلفاكير” يواجه ضغوطاً سياسية وأمنية واقتصادية عنيفة، وحكومته بل هو شخصياً، مهدد بالعقوبات الأممية لعدم التزامه بتنفيذ اتفاق السلام الموقع مع زعيم التمرد نائبه السابق الدكتور “رياك مشار” نهاية أغسطس من العام الماضي، فضلاً عن انهيار أسعار النفط عالمياً، إذ هوى سعر البرميل إلى أقل من (30) دولاراً ما يعرض خزينة الجنوب للإفلاس التام.
{ولكن كل هذا وذاك لا يمنع من تقدير مبادرة الفريق “سلفا” واحترامها ووضعها الموضع المناسب، والرد على تحيته بأفضل منها، وهذا ما فعله بالضبط الرئيس “البشير” بقراره فتح الحدود بين شمال وجنوب السودان، وذلك بعد (48) ساعة فقط من إعلان “سلفاكير”.
{علاقات الدول بل حتى العلاقات الداخلية بين أقاليم الدولة الواحدة التي تعمل بالنظام الفيدرالي، تقوم في عصرنا الحديث على تبادل المصالح وتطوير المنافع لما فيه خير ورفاهية الشعوب .
{في حالتنا، لم يكن هناك من مبرر موضوعي لافتعال وتفجير أزمات بين دولتي السودان على مناطق حدودية لا قيمة لها، وحتى إن كانت ذات قيمة ووزن فلن تبلغ قيمة ومقدار أكثر من (600) ألف كيلو متر مربع هي مساحة جنوب السودان الذي ذهب بموجب الاستفتاء على تقرير المصير في العام 2011م، وقد كانت جمهورية السودان المتضرر الأول من هذا الاستفتاء ونتائجه، أول دولة تعلن اعترافها بدولة جنوب السودان !
{إذا كنت أتنازل لك بكل يسر وتساهل عن (600) ألف كيلومتر مربع، فلا ينبغي أن تحاربني بالسلاح في (50) كيلومتراً مربعاً ولو كنت تعتقد جازماً أنها في حدودك وضمن أملاكك.
{وهاهو الرئيس “سلفاكير” عندما أراد توجيه قواته بالانسحاب جنوباً، حدد (خط 1956) فاصلاً ومحدداً، وهو ما يؤكد أن الصراعات التي لا تقف على ساقين من الحق لا تحقق مكاسب ولا تنتج قمحاً ولا أمنيات .
{مصلحة شعب السودان الواحد في (شماله) و(جنوبه) أن تتفق وتتوافق قياداته وتسعى جاهدة لتحقيق واقع مختلف، يتجاوز مربع الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية المستمرة إلى مربعات التنمية والاستقرار، الرفاهية والازدهار.
{(سبت) أخضر.