مزمل ابو القاسم

امتحان البرلمان


* لا ندري كيف يمكن للحكومة أن تقنع الناس بجديتها في تقبّل وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، بكل ما تحويه من تعديل وتغيير وتجريفٍ لكل شيء، بدءاً بهيئة وتكوين الحكومة نفسها، وانتهاءً بالنشيد الوطني وألوان العلم.. كيف يمكنها أن تقنع معارضيها بأنها قادرة على تقبل وتنفيذ توصيات المؤتمر، وهي غير قادرة عن احتمال رأي برلمانٍ تسيطر عليه، وتمتلك فيه أغلبية ميكانيكية؟
* ضيق الحكومة بغضبة نواب الشعب، في قضيةٍ تتعلق بمعاش الناس، سيلقي بظلالٍ سلبية على كل شيء، بدءاً بالبرلمان نفسه، لأنه سيفقد احترام الناس له لو ابتلع لسانه، وخضع لمشيئة سلطةٍ أقدمَ اثنان من وزرائها، على خرق موازنةٍ أجازها البرلمان واكتسبت مفعول القانون، ثم انتُهكت قبل أن يجف حبرها.
* الظلال السلبية ستمتد قطعاً إلى ساحة الحوار الوطني، لأن المشككين والمقاطعين سيتخذون من إصرار الحكومة على خنق صوت النواب في قضية (الغاز)، دليلاً على أنها لا تحتمل الرأي الآخر، ولا تقبل المراجعة، حتى ولو صدرت من مؤسساتٍ وأفرادٍ يدينون بالولاء لها، فما بالك بها لو أتت من معارضين؟
* من الأهمية بمكان أن تفهم الحكومة وتقرّ أنها تمثل السلطة التنفيذية، وأن الدستور يلزمها بالتعايش مع سلطاتٍ أخرى موازية، كالسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة الرقابية المتمثلة في الصحافة.
* لا توجد مصلحة للحكومة ولا الوطن، في أن تحتكر الأولى كل شيء، وتفرض نفسها كسلطة منفردة، تسيِّر أمور الدولة بمعزل عن بقية السلطات التي نص عليها الدستور.
* الأمر لا يتعلق (بسعر الأنبوبة)، بل تعداه ليشكل اختباراً جدياً، وامتحاناً عسيراً لمصداقية سلطة تدير مشروعاً للتوافق مع الآخرين، وترعى مبادرة تستهدف بها جمع الفرقاء إلى كلمةٍ سواء.
* كيف ستفعل ذلك وهي غير قادرة على استيعاب دور برلمانٍ يمنحها مشروعية بقائها على سدة الحكم؟
* البرلمان الذي رفضت له الحكومة أن يراجع أحد وزرائها، هو الذي منحها السلطة، ومكَّنها من تشكيل سلطتها الحالية، فكيف تهدم أبرز أركان حكمها، وتسقط أعمدة المعبد الذي يظلها، بهدم سلطة البرلمان؟
في أمان الله عادل
* (يا منايا حوّمي حول الحمى، واستعرضينا واصْطَفي، كلّ سمح النفس، بسّامِ العشياتِ الوفي.. الحليمَ، العفّ، كالأنسامِ روحاً وسجايا.. أريحيّ الوجه والكفّ افتراراً وعطايا.. فإذا لاقاكِ بالبابِ بشوشاً وحفي.. بضميرٍٍ ككتاب اللهِ طاهرْ، أنشبي الأظفارَ في أكتافِه واختطفي.. وأمان الله مِنّّا يا منايا).. لكأن الراحل المقيم صلاح أحمد إبراهيم وضع رسم عادل أمامه قبل أن يخط ملحمة الردى.
* بالأمس ودعنا البشوش الحفي، صاحب القلب النقي.
* بالدمع شيعنا أحد بناة (اليوم التالي).. بالدمع غسلناه، وبالحزن لففناه.
* مات عادل صادق المكي والموت حق.. لملم ضحكته الحلوة، ونبرته الساخرة وفارقنا إلى رحاب ربه راضياً مرضياً بإذن الله.
* افتر وجهه الصبوح عن ابتسامةٍ جذلى، صافح بها المنية نقياً هادئ النفس بهياً.. قبل أن يتوارى ويسافر.
* كل طعمٍ في الفم ماسخ.. وكل ضوءٍ للعين مُنكر بعد رحيلك الموجع يا (سي جي مان).
* الحزن يأخذ الألباب، ويكاد يُذهب العقول، ولا نقول إلا ما يرضي الله.
* اللهم تقبل عادل في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
* (إنا لله وإنا إليه راجعون).