عبد الباقي الظافر

ضربة معلم..!!


في شتاء العام ٢٠١١ شهدت العاصمة كوريا الشمالية حالة بكاء جماعي.. الجماهير خرجت للطرقات تبكي وتنتحب بصوت عال.. مات الزعيم الملهم كيم آيل جونق.. كلما شاهدت هذا المقطع كنت اندهش كيف لشعب يقدس زعيما لحد البكاء الجماعي.. وجدت الإجابة قبل ايام حينما حلت كوريا الشمالية في المرتبة الاولى في الدول الاكثر فسادا.. الفساد يجعل الدموع تدمع رهبة ويقينا..الفساد يجعل الشعوب لا ترى سوءات الحكام.. بل بإمكان الآلة الاعلامية المسيطرة والموجهة ان تصنع من الزعيم شيئا فوق التصور ..حدث هذا مع صدام حسين حينما أيده الشعب ذات مرة بنسبة ١٠٠٪‏.. ولكن حينما زالت الحجب وانكشفت الغشاوة ونال الناس حرية التعبير تم رمي تمثال الرئيس صدام بالأحذية.
امس الاول أعلنت مصادر في المؤتمر الشعبي ان الحزب لن يشارك في حكومة مابعد الحوار الوطني اياً كانت تسميتها ..صحيح لاحقا جاء كمال عمر الأمين السياسي بتوضيح ان مؤسسات الحزب لم تتخذ قرارا بعد في ملف المشاركة..حسب معلومات اخرى ان الشيخ الترابي غير متحمس للمشاركة في الحكومة ويريد ان يستغل فترة ما بعد الحوار في تجميع صفوف الاسلاميين خارج الحكومة عبر مايسميه النظام الخالف.
ماذا سيكسب الترابي وحزبه ان نالوا ثلاث مقاعد في مجلس الوزراء الموسع..لا شيء غير غضب الناس..جل المراقبين سيعتقدون ان المفاصلة لم تكن سوى مسرحية جيدة الإخراج..كل سلبيات ربع قرن من حكم الناس ستنزل على راس حسن الترابي زعيم الحركة الاسلامية..الترابي يدرك جيدا ان السلطة تحجب كثيرا من مفاسد واخطاء الانقاذ..حينما يتم جرد الحساب سيجد الشعب ان الانقاذ فرطت في التراب الوطني ..ذهب الجنوب بما حمل..مؤخرا باتت اثيوبيا تنازعنا في مليون فدان من الاراضي الخصبة .. حلايب ضاعت من بين أيدينا وباتت مجرد مذكرة سنوية يتم نفضها لتقدم لمجلس الامن في نيوريورك .. بلدنا لا تفصلها عن كوريا الشمالية الا الصومال التي لا توجد فيها حكومة مركزية منذ زمن طويل.
بالمقابل سيكسب الشعبي كثيرا ان ابتعد عن المشاركة في الحكم..سيتم بسهولة التنصل عن كل خطايا وأخطاء الانقاذ .. سيثبت المؤتمر الشعبي ان قراره بتأييد الحوار كان يرتكز على بعد نظر استراتيجي ولا علاقة له بقسمة السلطة ..ابتعاد الترابي عن المناصب سيخفف الحرج عن الحكومة المتجهة بكلياتها نحو محور الخليج ومصر..سيجد الترابي وحزبه براحا في المعارضة التي تعتمد على ترصد اخطاء الحكومة الكثيرة.
في تقديري.. ان نجح الترابي في لجم أنصاره من الاندفاع نحو مغانم السلطة سيثبت انه كان يخطط ان تكون الانقاذ مرحلة انتقالية ثم يتم اعادة السلطة الى الشعب.
بصراحة.. المشاركة في السلطة او عدمها سيكون اكبر امتحان للترابي المفكر.